أخبار متنوعة محلية
الدوحة في 21 أبريل /قنا/ تمثل الأهازيج والأغاني وسائل تعبير عن مشاعر المجتمع والناس وعواطفهم في المناسبات السعيدة عموماً وفي الأعياد على وجه الخصوص، حيث تعتبر أغنية “يا العايدو” وأغنيات أخرى من التراث، نماذج بارزة توارثها القطريون جيلاً بعد جيل.
وبهذا الصدد، أوضح موسيقيون وكتاب وباحثون في التراث، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية (قنا) أن هذه الأهازيج والأغاني التراثية تعكس بهجة العيد وتنقل نبض المجتمع، وأشاروا إلى أنها تطورت عبر الأزمان لتكتسب طابعاً حديثاً ومعاصرا.
وأكد الموسيقي الدكتور ناصر سهيم في تصريح لـ”قنا” أن أغنية “يا العايدو” المأخوذة من التراث القطري، تعتبر من أبرز أغنيات العيد التي توارثها القطريون جيلاً بعد جيل، حيث أعاد الموسيقار القطري الراحل عبد العزيز ناصر تشكيلها بلحن مطور وظف فيه مقام البيات ومنحها طابعاً ومزاجاً قطرياً، فترسخت في الذاكرة على مر الأزمان.
وأشار إلى أن الموسيقار الراحل بدأ في تطوير الأعمال التراثية مثل القرنقعوه ويا العايدو، منذ عام 1968، بتوظيف التخت الشرقي ، والآلات الموسيقية الحديثة مثل الجيتار والكيبورد والأورغن، فصارت نقلة نوعية من الأغنية الشعبية إلى الفنون الحديثة مع الحفاظ على مضمونها وهويتها القطرية .وكان لإذاعة قطر والتلفزيون بعد ذلك، دور في انتشار هذه الأغاني، من خلال بثها في المناسبات المختلفة.
وقال إن أغنية “يا العايدو” يمكن تصنيفها ضمن فئة الأغنيات المجتمعية التي تتضمن أغاني العمل والأفراح والأعراس والسمر، وتوظف فيها المقامات وفنون الصوت والفجري، التي تعبر عن نبض الناس ومشاعرهم، فينشدونها في المناسبات الاجتماعية المختلفة. وتمثل جزءاً أصيلاً من تراث المجتمع وذاكرته يجب الحافظ عليه وصونه وتجديده.
ومن جانبه، أكد الكاتب والصحفي إبراهيم المطوع في تصريح مماثل لـ”قنا” أن التراث الفلكلوري في قطر والخليج بشكل عام، يزخر بالعديد من الأهازيج الشعبية، وهذه الأهازيج ترتبط بمناسبات متنوعة كالأعياد والزواج والعمل ورحلات الغوص وغيرها، ولكل مناسبة لون فني يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً في التعبير والأداء.
وأوضح أن الأهزوجة هي نوع من الأناشيد الشعبية الغنائية، وتؤدى دون مصاحبة أي نوع من الآلات الموسيقية، وتعتمد في إلقائها على المد الطويل للكلمات المغناة، والغرض منها التعبير عن الفرح أو الحزن أو إثارة الحماس، حيث تتناقل شفاهة من جيل إلى آخر.
وأشار إلى أن الأهازيج الشعبية في قطر، شهدت اهتماماً واسعاً من الفنانين والباحثين، وكان من أبرز الفنانين القطريين الذين اهتموا بها، وقدمها في قالب موسيقي يتناسب مع طبيعتها وعفويتها، الموسيقار الراحل عبد العزيز ناصر، حيث استلهم التراث الشفاهي لعدد من الأهازيج، المرتبطة بالفلكلور الشعبي، وقدمها في قالب موسيقي مبتكر، استوحاه من بيئة وفنون التراث القطري، ومن الأعمال الفنية التي قدمها في هذا الصدد أغنية ” يا العايدو ” والتي سجلت لإذاعة قطر عام 1970م، ولم يحدث فيها الموسيقار أي تغيير يذكر في نص الأهزوجة أو الحس الشعبي المنسجم مع معاني الكلمات، لكنه نسج من وحي التراث، والحس الشعبي لحناً ينسجم مع معاني الكلمات، وبهجة العيد، وقدمها بإيقاع فرح هو إيقاع ( الدزة ) المعروف في قطر ودول الخليج، والذي يقدم في حفلات الزواج والأعياد، ولاقت الأغنية نجاحاً كبيراً، وأصبحت تتردد في مناسبات الأعياد كما نسمعها اليوم.
وشدد المطوع على أن الأغنية الشعبية في الخليج في العموم، تتميز بالتشابه الكبير، ولا توجد إلا اختلافات بسيطة فيما بينها، وفي عدد محدود في التسميات والوظائف، ومما يميز الأغنية الشعبية بشكل عام، هو حفاظها على المورث الثقافي، وعلى العادات والتقاليد، فهي تتناقل شفاهة من جيل إلى آخر، وتمتاز كما يرى الباحثون في التراث بخصائص أهمها : سعة الانتشار، وسهولة التلحين.
وبدوره، أوضح السيد خليفة السيد المالكي الباحث في التراث القطري، في تصريح مماثل لـ”قنا” أن أهزوجة “باچر العيد ” “باكر العيد” تعتبر من أقدم وأشهر الأهازيج التي ترنم بها جيلهم في طفولتهم وصباهم، ولكنها رسخت في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وهي تؤدى بعد إعلان العيد مباشرة، ويقول مطلعها.
باچر العيد بنذبح بقرة
نادوا محمد بسيفه وخنيره “بسيفه وخنجره”
باچر العيد بنلبس الجديد
وقال: إن هذه الأهزوجة، تجسد الفرح بقدوم العيد السعيد، إلى جانب أهازيج أخرى يرددها الأطفال ،مثل “يا العايدو”، التي كانت خاصة بالبنات، يترنمن بها خلال معايدتهن للأهل والجيران، ولكنها بمرور الوقت ،صارت أغنية يرددها الصبيان والبنات، خاصة بعد أن طور الموسيقار الراحل عبد العزيز ناصر لحنها. كما أنها اكتسبت أهمية وشهرة لأنها أصبحت تبث في الراديو والتلفزيون.
وأردف المالكي أن التراث القطري يحفل بأهازيج وأغان لمناسبات مختلفة مثل : باچر العيد، ويا العايدو، التي تؤدى بعد إعلان العيد، والنافلة ويرددها الأطفال عصر يوم 15 شعبان، والقرنقعوه ، وهي تؤدى ليلة 15 رمضان، وأهزوجة “توب توب يا بحر” التي كانت تغنى للغاصة العائدين من رحلات صيد اللؤلؤ. وأهازيج أخرى لمناسبات مختلفة.
وأشار الباحث في التراث القطري خليفة السيد إلى أن هذه الأهازيج، صارت لها عدة نسخ، وتمت إضافة أسماء أشخاص وأماكن جديدة، بسبب التغيرات في الواقع والمجتمع. وتغير مظاهر الاحتفال، ولكنها تمثل تراثا مجتمعيا يستحق التوثيق والمحافظة عليه واستعادة المنسي منه.