BBC العربية
وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء على أسس محدّثة لاستخدام السلاح النووي، حسب وثيقة نُشرت على موقع الحكومة الروسية على الإنترنت.
وقالت الوثيقة: “من أجل تحسين سياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي، أصدر مرسوما: للموافقة على الأسس المرفقة لسياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي”، بحسب ما نقل موقع سبوتنيك الإخباري الروسي.
وجاء في الوثيقة: “سياسة الدولة في مجال الردع النووي دفاعية بطبيعتها، وتهدف إلى الحفاظ على إمكانات القوات النووية عند مستوى كافٍ لضمان الردع النووي، وتضمن حماية سيادة الدولة وسلامة أراضيها، وردع إي عدو محتمل من العدوان على روسيا الاتحادية أو حلفائها، وفي حالة نشوب نزاع عسكري – منع تصعيد الأعمال العدائية وإنهائها بشروط مقبولة لروسيا أو حلفائها”.
اعتبر الكرملين الثلاثاء أن توسيع احتمال استخدام السلاح النووي هو رد “ضروري” على ما يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيه “تهديدات” صادرة من الغرب ضد أمن روسيا.
وأشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال إيجازه الصحافي اليومي إلى أنه “كان من الضروري تكييف أسسنا مع الوضع الحالي”.
قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، أمر بوتن بإجراء تغييرات على العقيدة النووية لتنص على أن أي هجوم على روسيا بمساعدة قوة نووية يمكن اعتباره هجومًا مشتركًا على روسيا.
غضب في روسيا بسبب “التصعيد الخطير” المرتبط بصواريخ أمريكية بعيدة المدى
أثار قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى، قدمتها واشنطن، رد فعل غاضب في روسيا.
وأعلن موقع صحيفة “روسيسكايا غازيتا” الحكومية الروسية، صباح الإثنين، أن “الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن … اتخذ أحد أكثر القرارات استفزازاً وغير المحسوبة في إدارته، والتي تخاطر بعواقب كارثية”.
وتوقع النائب الروسي ليونيد سلوتسكي، رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الموالي للكرملين، أن القرار “سيؤدي حتماً إلى تصعيد خطير، ويهدد بعواقب وخيمة”.
ووصفه السيناتور الروسي، فلاديمير دزاباروف، بأنه “خطوة غير مسبوقة نحو الحرب العالمية الثالثة”.
هناك غضب… نعم. ولكن ليس مفاجأة حقيقية
وصفت صحيفة “كومسومولسكايا برافدا”، وهي صحيفة شعبية مؤيدة للكرملين، الأمر بأنه “تصعيد متوقع”.
لكن ما يهم حقاً هو ما يصفه فلاديمير بوتين به، وكيف يستجيب زعيم الكرملين.
حتى الآن ظل صامتاً.
لكن المتحدث باسم الرئيس بوتين، دميتري بيسكوف، قال للصحفيين يوم الإثنين: “إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار فهذا يعني دوامة جديدة تماماً من التوتر، وموقفاً جديداً تماماً فيما يتعلق بالتورط الأمريكي في هذا الصراع”.
واتهم السيد بيسكوف إدارة بايدن “بصب الزيت على النار، والاستمرار في تأجيج التوتر حول هذا الصراع”.
قد يزعم القادة الغربيون أن روسيا هي التي “تصب الزيت على النار” من خلال نشر قوات كورية شمالية مؤخراً في منطقة الحرب، للقتال إلى جانب القوات الروسية والاستمرار في مهاجمة أوكرانيا.
قد لا يكون الرئيس بوتين نفسه قد علق بعد. لكن الرئيس الروسي قال الكثير من قبل.
في الأشهر الأخيرة، وجه الكرملين رسالته إلى الغرب بكل وضوح: “لا تفعلوا هذا، لا ترفعوا القيود المفروضة على استخدام أسلحتكم بعيدة المدى، لا تسمحوا لكييف بضرب عمق الأراضي الروسية بهذه الصواريخ”.
في سبتمبر/أيلول، حذر الرئيس بوتين من أنه إذا سُمح بحدوث هذا، فإن موسكو ستنظر إليه باعتباره “مشاركة مباشرة” من جانب دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حرب أوكرانيا.
وتابع: “هذا يعني أن دول حلف شمال الأطلسي… تقاتل ضد روسيا”.
وفي الشهر التالي، أعلن زعيم الكرملين عن تغييرات وشيكة في العقيدة النووية الروسية، وهي الوثيقة التي تحدد الشروط المسبقة التي قد تقرر موسكو بموجبها استخدام سلاح نووي.
تم تفسير هذا على نطاق واسع على أنه تلميح آخر غير مباشر لأمريكا وأوروبا، بعدم السماح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى.
إن تخمين الخطوات التالية لفلاديمير بوتين ليس بالأمر السهل أبداً. ولكنه ألقى تلميحات.
في يونيو/حزيران الماضي، وخلال اجتماع مع رؤساء وكالات الأنباء الدولية، سُئل بوتين: كيف سترد روسيا إذا أتيحت لأوكرانيا الفرصة لضرب أهداف على الأراضي الروسية، بأسلحة تزودها بها أوروبا؟
أجاب بوتين: “أولاً، سنعمل بالطبع على تحسين أنظمة الدفاع الجوي لدينا. وسنعمل على تدمير صواريخهم”.
“ثانياً، نعتقد أنه إذا كان هناك من يعتقد أنه من الممكن توريد مثل هذه الأسلحة إلى منطقة حرب لضرب أراضينا وخلق مشاكل لنا، فلماذا لا نستطيع توريد أسلحتنا من نفس الفئة إلى تلك المناطق حول العالم، حيث سيستهدفون منشآت حساسة في البلدان التي تفعل ذلك لروسيا؟”
بعبارة أخرى، فإن تسليح خصوم الغرب لضرب أهداف غربية في الخارج هو أمر تدرسه موسكو.
في مقابلتي الأخيرة مع ألكسندر لوكاشينكو، رئيس دولة بيلاروسيا، بدا الحليف الوثيق لبوتين وكأنه يؤكد أن الكرملين يفكر على هذا النحو.
أخبرني السيد لوكاشينكو أنه ناقش الموضوع، في اجتماع عقد مؤخراً مع مسؤولين غربيين.
وقال لي لوكاشينكو: “حذرتهم. يا رفاق، كونوا حذرين بشأن تلك الصواريخ بعيدة المدى”.
“قد يأتي الحوثيون (المتمردون في اليمن) إلى بوتين، ويطلبون أنظمة أسلحة ساحلية يمكنها تنفيذ ضربات مرعبة على السفن”.
“وإذا انتقم منك لتزويد (الرئيس) زيلينسكي بأسلحة بعيدة المدى، من خلال تزويد الحوثيين بنظام صواريخ باستيون؟ ماذا يحدث إذا تم ضرب حاملة طائرات؟ بريطانية أو أمريكية. ماذا إذن؟”
لكن بعض ردود الفعل الإعلامية في روسيا بدت تهدف للتقليل من أهمية الأمر.
قال خبير عسكري لصحيفة إزفستيا: “لقد اعترضت القوات المسلحة الروسية بالفعل (سابقاً) صواريخ من طراز ATACMS “أتاكمز”، أثناء الهجمات على ساحل القرم”، واستمرت الصحيفة في الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، قد “يراجع” القرار.
هذا، بصيغة مخففة، وضع غير عادي.
في غضون شهرين، سيخرج الرئيس بايدن من منصبه وسيصبح دونالد ترامب في البيت الأبيض.
يعلم الكرملين أن الرئيس المنتخب ترامب أكثر تشككاً من الرئيس بايدن، بشأن المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
هل سيكون هذا عاملاً في حسابات فلاديمير بوتين، وهو يصوغ رد روسيا؟