BBC العربية
بدأت اليوم في اليمن، عملية تبادل مئات الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية، في إطار الجهود المكثفة لإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ تسع سنوات.
وتشمل عملية التبادل التي ستستمر لمدة ثلاثة أيام عبر ستة مطارات محلية ودولية، أسرى سعوديين وسودانيين.
وبحسب خطة التبادل المتفقة عليها، يطلق اليوم سراح 250 أسيراً من الحوثيين بنقلهم من مطار عدن إلى مطار صنعاء، في مقابل نقل نحو 70 أسيراً من حلفاء الحكومة من مطار صنعاء إلى مطار عدن، بينهم وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
وفي وقتٍ لاحق، أعلن المتحدث الرسمي باسم وفد الحكومة اليمنية في مفاوضات الأسرى عبر صفحته الرسمية في تويتر، مغادرة اللواء ناصر منصور هادي إلى الرياض.
وقال نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” المؤيدة لحركة أنصار الله الحوثية لـ بي بي سي نيوز عربي، إن “أسباباً فنية من جانب الحكومة اليمنية أخرت بدء عملية التبادل بنحو 3 ساعات، لكن تلك الأسباب لم تمنع من استمرار عملية التبادل”.
وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جيسيكا موسان، لوكالة الأنباء الفرنسية : “أقلعت أول طائرة من صنعاء وعلى متنها أسرى من قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا باتجاه عدن، وأقلعت طائرة أخرى تقلّ أسرى من الحوثيين من مطار عدن”.
ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر التي تستخدم طائراتها لنقل الأسرى، فسيبلغ عدد الأسرى الإجمالي الذين ستنقلهم الطائرات الأربع اليوم نحو 320 أسيراً.
تفاصيل عملية التبادل
نقلت وكالة الأنباء اليمنية عن الفريق الحكومي المفاوض بملف الأسرى، أن اليوم الأول من هذه المرحلة سيكون مخصص لنقل وتبادل عدد من الأسرى عبر مطاري عدن وصنعاء.
وفي اليوم الثاني ستعمل الحكومة اليمنية على نقل وتبادل دفعة أخرى من الأسرى مع الحوثيين عبر مطارات أبها، وصنعاء، والرياض، والمخا.
وفي اليوم الثالث والأخير من هذه المرحلة ستتم عملية تبادل الأسرى عبر مطاري صنعاء وتداوين بمحافظة مأرب، بينهم أربعة صحفيين محكومين بالإعدام.
وكان طرفا النزاع قد توصلا الشهر الماضي، خلال مفاوضات انعقدت في العاصمة السويسرية برن إلى اتّفاق يقضي بتبادل أكثر من 880 أسيراً، بينهم 706 من الحوثيين و181 أسيراً من الحكومة اليمنية المعترف بها أمميا، وذلك تحت رعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بين الطرفين.
كما يأتي نقل الأسرى غداة مغادرة وفد سعودي العاصمة صنعاء، ليلة أمس، بعد محادثات مع الحوثيين للتوصل إلى تفاهم “مبدئي” حول هدنة في البلاد، وعقد جولة أخرى من المحادثات وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
وزاد اتفاق تبادل الأسرى الأخير، الآمال في التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين الجانبين، إذ أشار عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله الحوثية محمد البخيتي، إلى أن الأجواء الإيجابية تخيم على المفاوضات في صنعاء.
خطوة نحو السلام
بحسب مصادر حكومية يمنية، نقلاً عن وكالة الأنباء الفرنسية، فقد وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حلّ النزاع، يقوم على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمرّ سنتين يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كلّ الأطراف.
وعن هذا التصوّر السعودي، يقول رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” المؤيدة لحركة أنصار الله الحوثية لـ بي بي سي نيوز عربي : “المفاوضات الأخيرة والتي دارت بين جماعة الحوثي والسعودية، لم ترتكز على هذا التصور السعودي أبداً، فقد كان الملف الإنساني على رأس كل الملفات الأخرى، وأحرزنا تقدما ملموساً به يرضى جميع الأطراف”.
ويضيف نصر الدين عامر: “سنشهد في القريب العاجل مفاوضات جديدة مع الطرف السعودي، ما يعني إمكانية تجديد الهدنة والتفاهم على مرحلة ما بعد الهدنة، التي ستمهد للسلام الشامل وإنهاء الحرب”.
ورحب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ببدء عملية الإفراج عن الأسرى، وأضاف في بيان : ” تأتي عملية الإفراج في وقت يسوده الأمل في اليمن كتذكير بأن الحوار البنّاء والتسويات المتبادلة أدوات قوية قادرة على تحقيق نتائج مهمة”.
وصرح غروندبرغ أنه يأمل أن تنعكس هذه الروح على الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل.
وتمّت آخر عملية تبادل كبرى للأسرى في أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث أُطلق سراح أكثر من 1050 أسيراً، وأُعيدوا إلى مناطقهم أو بلدانهم، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكان الحوثيون قد سيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014، مما أدى إلى صراع مع الحكومة التي حظيت بدعم تحالف عسكري قادته الرياض على مدى ثماني سنوات، إلا أن التقارب السعودي الإيراني المفاجئ، أنعش الآمال بخفض التوترات وحل الصراع في اليمن.
ويعاني اليمن من أزمة إنسانية قاسية بسبب الحرب، وطبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة يعاني 17.3 مليون من أصل 21.7 مليون يمني، من فقر مدقع وحاجة ماسة لمساعدات إنسانية على الفور.