رويترز
من مايا الجبيلي وإميلي ماضي
بيروت (رويترز) – بينما كانت تتجول بين الأنقاض المتناثرة في المنطقة التي تعيش بها في وسط بيروت، وقفت ليلى عميراد تراقب الجرافات وهي تنبش أطلال مبنى سوته غارة إسرائيلية بالأرض قبل يومين، وكانت تأمل في العثور على جثث أصدقائها الراحلين.
واستهدفت غارة إسرائيلية كبيرة منطقة البسطا الفوقا المكتظة بالسكان في العاصمة اللبنانية قبل فجر السبت، مما أدى إلى مقتل 29 شخصا على الأقل بينهم أطفال، وهو ما يجعلها أشد الغارات دموية على المدينة منذ العام الماضي.
وبعد مرور أكثر من 48 ساعة على الغارة، لا يزال عمال الدفاع المدني ينبشون وسط أنقاض المبنى الذي كان مكونا من ثمانية طوابق.
عاشت ليلى التي تعمل في مجال الخياطة في المنطقة طيلة حياتها تقريبا. وكانت الدموع تملأ عينيها، وهي تذكر أسماء تسعة قتلى من أصدقائها وجيرانها وعملائها، وكان بعضهم يستضيفون أقارب نزحوا بسبب القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان.
وقال ليلى لرويترز “جاءوا إلى هنا بحثا عن الأمان لأن هذا الحي آمن. كنت أتجول وحدي في منتصف الليل لأنه لا توجد أسلحة ولا مقاتلون ولا أي شيء هنا”.
وأضافت “قُتلوا وهم نائمون في بيتهم.. بدون سابق إنذار. الأبرياء هم الذين يموتون بسبب هذا”.
ولم تعلق السلطات الإسرائيلية على الغارة. وتقول إسرائيل إنها تستهدف جماعة حزب الله اللبنانية، وإنها تصدر أوامر إخلاء للمدنيين لتقليل المخاطر التي قد يتعرضون لها قبل القصف. لكن إسرائيل لم تصدر تحذيرا قبل الغارة على البسطا الفوقا.
وقالت ليلى ساخرة إن العيش في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي كانت في السابق منطقة مكتظة بالسكان ومعقلا لحزب الله، أصبح أكثر أمانا من العيش في البسطا الفوقا.
وتابعت “على الأقل إسرائيل تصدر تحذيرات هناك”.
وقال مصدر أمني لبناني إن التقييمات الأولية أظهرت أن الهجوم الذي وقع يوم السبت على البسطا الفوقا استُخدمت فيه قنبلة خارقة للتحصينات. وقالت ليلى وشريف عيتاني، وهو ساكن آخر، إن المبنى لم يكن يحتوي على أي مخبأ.
وفي العاشر من أكتوبر تشرين الأول، قُصف مبنيان آخران دون سابق إنذار أيضا. وأسفرت غارتان منفصلتان في اليوم ذاته على وسط بيروت عن مقتل 22 شخصا على الأقل، مما جعلها أكثر الغارات إزهاقا للأرواح قبل الهجوم على البسطا الفوقا.
وفي ظهر يوم الاثنين، شق أحد عمال الإنقاذ طريقه بين الجرافات إلى أسفل تل من الأنقاض، وجلس على كرسي بلاستيكي لإشعال سيجارة مستبعدا العثور على أي شخص آخر على قيد الحياة.
وقال رجال إنقاذ إن الهجوم هو الأكثر دموية منذ بدء الغارات الإسرائيلية على لبنان قبل أكثر من عام، والتي تصاعدت بشكل حاد منذ سبتمبر أيلول.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارات الإسرائيلية قتلت أكثر من 3750 شخصا على مدى العام الماضي.
وقال رئيس وحدة الإنقاذ في موقع الهجوم حسن ياسين لرويترز إن أفراد الإنقاذ عثروا على رأس بلا جثة يوم السبت.
وقال أحد المنقذين ويدعى جعفر ويبلغ من العمر 18 عاما “أخرجنا ساقا من هنا ويدا من هنا. وانتشلنا جثث ثلاثة أطفال أمس. وعثرنا أيضا على زوجين مسنين لقيا حتفهما، وكلاهما على كرسي متحرك… هذا المشهد هو الأسوأ على الإطلاق”.