ماذا نعرف عن منفذ هجوم نيو أورليانز في رأس السنة الجديدة؟

في الساعة 03:15 بالتوقيت المحلي في يوم رأس السنة الجديدة، قاد جبار شاحنة صغيرة عبر حشود تجمعت في شارع بوربون، المعروف عالمياً كإحدى الوجهات المهمة لحفلات رأس السنة الجديدة، في قلب الحي الفرنسي في نيو أورليانز.

وقال المحققون إن جبار وهو جندي سابق في الجيش الأمريكي خرج من السيارة مرتدياً سترة واقية من الرصاص وخوذة، وبدأ إطلاق النار على ضباط الشرطة، ما أدى إلى إصابة اثنين منهم.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي إن منفذ الهجوم قُتل في تبادل إطلاق النار مع ثلاثة ضباط آخرين.

قبل ساعتين من الهجوم، وضع جبار عبوتين ناسفتين من النوع يدوي الصنع في صندوقي تبريد في شارع بوربون. وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي بالعثور على جهاز إرسال كان من المفترض أن يفجر العبوتين في سيارة جبار. لكن القنابل لم تنفجر لأن جبار لم يتمكن من الوصول إلى جهاز التفجير، بحسب المحققين.

كما عُثر على مواد لصنع القنابل في شقة سكنية قريبة من موقع الحادث، استأجرها جبار عبر تطبيق “إير بي إن بي” وأقام فيها قبل الحادث، علاوة على مواد مشابهة عُثر عليها في منزله في هيوستن بولاية تكساس.

وحاول منفذ الهجوم إحراق الشقة التي استأجرها بإضرام النار في الممر، لكن ألسنة اللهب خفتت قبل وصول رجال الإطفاء.

وكانت السيارة الفورد البيضاء التي قادها مرتكب الحادث كهربائية، استأجرها من منصة “تورو” قبل ستة أسابيع.

قال ليونيل ميرثيل، العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، المسؤول عن مكتب نيو أورليانز، في مؤتمر صحفي الأحد الماضي، إن المشتبه في تنفيذه الهجوم سافر إلى القاهرة، في صيف 2023. وبعد أيام قليلة زار أونتاريو في كندا.

وأضاف ميرثيل: “عملاؤنا يحاولون التوصل إلى الأماكن التي زارها، والأفراد الذين رافقوه خلال رحلات سفره، وهل هناك ما يربط بين هذه الرحلات وما ارتكبه هنا”.

وقال ميرثيل إن جبار أقام في منزل مستأجر في نيو أورليانز لعدة أيام منذ 30 أكتوبر/ تشرين الأول. وتظهر كاميرات المراقبة أنه كان يركب دراجة في الحي الفرنسي ويرتدي “نظارات ميتا” المجهزة بإمكان التسجيل والبث المباشر.

وأشار إلى أن الجاني زار نيو أورليانز في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني. ويستمر المحققون في جمع معلومات عن تحركاته خلال تلك الرحلة.

نشأ هذا الجندي المقاتل في الجيش الأمريكي، البالغ من العمر 42، في بومونت، وهي مدينة تقع في شرق تكساس بالقرب من الحدود مع ولاية لويزيانا.

وقال شقيق منفذ الهجوم إنه جبار نشأ مسلماً، لكنه ترك الدين لسنوات عديدة، ولم يعد إلى دينه إلا في الفترة الأخيرة.

شغل جبار وظائف مختلفة في الجيش الأمريكي، حيث كان مسؤول شؤون أفراد وتكنولوجيا معلومات، قبل تسريحه في عام 2015، وفقاً لحسابه على موقع “لينكد إن” الذي حُذف بعد الحادث.

كما أُرسل إلى أفغانستان في الفترة من فبراير/شباط 2009، إلى يناير/ كانون الثاني 2010. وكان عنوانه الأخير في هيوستن.

درس منفذ هجوم نيو أورليانز في جامعة ولاية جورجيا في الفترة الممتدة من 2015 إلى 2017، وحصل على درجة علمية في نظم معلومات الكمبيوتر.

وأكدت شركة المحاسبة ديلويت أن جبار عُين فيها في 2021، ويقال إنه عمل أيضاً لدى شركة إرنست آند يونغ.

وكان المشتبه به قد تزوج ثلاث مرات وأنجب أطفالاً من علاقتين. وانتهى زواجه الأول في 2012، واستمر زواجه الثاني من عام 2013 إلى عام 2016. كما تزوج مرة أخرى في 2017 قبل أن يطلق مرة أخرى في 2022.

وتشير سجلات المحكمة المتعلقة بطلاق جبار الأخير إلى صعوبات مالية، إذ تجاوزت نفقاته الشهرية ونفقة الأطفال، دخله.

وتكشف وثائق منفصلة أن زوجته آنذاك اتهمته بسوء الإدارة المالية، وحصلت ضده على أمر مؤقت بعدم التعرض لها.

ويبدو أن جبار كان يعمل في مجال العقارات أيضاً، إذ كانت رخصته منتهية الصلاحية في 2023، وكان لديه سجل جنائي بمخالفات مرورية وجرائم سرقة.

وأعرب شقيقه عبد الرحيم جبار لوكالة الأنباء (كي بي آر سي) في هيوستن، عن أن هذا الحادث كان بمثابة صدمة لعائلته، وأن قلوبهم مع الضحايا وعائلاتهم.

وقال: “نشعر بالحزن إزاء ما حدث. لم يكن هذا الرجل الذي أعرفه، ولا الأب ولا الابن الذي أعرفه. هذا لا يمثل الإسلام أو المسلمين أو المجتمع الإسلامي”.

قالت السلطات إن جبار نشر مقاطع فيديو على الإنترنت أثناء توجهه بسيارته من هيوستن إلى نيو أورليانز، أعلن فيها دعمه لتنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية.

وفي أحد المقاطع، قال جبار إنه كان ينوي في البداية إيذاء عائلته، لكنه قرر عدم القيام بذلك، معتقداً أن ذلك لن يسلط الضوء على “الحرب بين المؤمنين والكافرين”.

وقال جبار في المقاطع المصورة إنه انضم إلى تنظيم الدولة الصيف الماضي، وكتب وصية وشهادة، وفقاً لنائب مساعد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر رايا.

ومع ذلك، يعتقد المكتب الفيدرالي أن جبار خطط للهجوم ونفذه بشكل فردي.

وقال رايا: “لم نر أي مؤشرات على وجود شريك في الولايات المتحدة، لكننا ما نزال نبحث عن شركاء محتملين داخل البلاد وخارج حدودنا”.

ويستبعد المحققون حتى الآن وجود أي صلة بين هجوم نيو أورليانز وانفجار سيارة صباح اليوم نفسه أمام فندق ترامب في لاس فيغاس، ما أسفر عن مقتل سائق السيارة وإصابة سبعة آخرين.

منذ تنفيذ الهجوم في نيو أورليانز، استخدمت الشرطة المركبات والحواجز لمنع حركة المرور في شوارع بوربون وكانال، وهي منطقة معروفة بالأنشطة الليلية علاوة على كونها منطقة جذب سياحي تكتظ بالمطاعم والحانات والنوادي والفرق الموسيقية.

ومن المقرر أن يتوجه الرئيس جو بايدن إلى المدينة التي شهدت هذا الهجوم برفقة السيدة الأولى جيل بايدن الاثنين “للتضامن مع أسر وأفراد المتضررين من الهجوم المأساوي”.

كما سيقام أول عرض في موسم “الكرنفال” الذي يسبق مهرجان “ماردي غرا” مساء الاثنين.

وتستضيف نيو أورليانز أيضاً مباراة السوبر بول في التاسع من فبراير/ شباط المقبل.

وأنشأت المدينة في وقت سابق أعمدة فولاذية قابلة للسحب لتقييد وصول السيارات إلى شارع بوربون، وقال مسؤولون إن الحواجز لم تكن في أماكنها عشية رأس السنة الجديدة، لكنها ستُستبدل قبل مباراة السوبر بول.