/العمانية/
الجزائر في 18 مارس /العُمانية/
صدر عن مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران (غرب الجزائر)،
عددٌ جديد من مجلة “تراث”.
وتتناول المقالات التي ضمّها العدد
الثاني من المجلة، كتابات الباحث الفرنسي المختصّ في تاريخ الموسيقى جول روانيه
(1858/ 1944)، عن الموسيقى في المنطقة المغاربيّة، بعد مرور مائة عام على نشر
مقاله التاريخي في أنسيكلوبيديا الموسيقى ومعجم المعهد الموسيقي.
ويؤكّد المشرفون على المجلة في
افتتاحية هذا العدد بالقول: “نحن نفعل ذلك مع إدراكنا الكامل بصعوبة وتعقيد
المهمّة، فمن جهة، تظلُّ دراسة جول روانيه للموسيقى العربية في المنطقة المغاربيّة
الدراسة الأكثر طموحًا، والتي لم تحظ حتى الآن إلّا بقدر متواضع من الاهتمام الأكاديمي.
ومن جهة أخرى، تأثّر هذا العمل – بشكل عميق – بأحكام مسبقة لمؤلفه وسياقه
الاستعماري؛ وبالتالي، فإنّ أيّ تعامل جدّي مع فكر هذا الباحث يجب أن يتصارع مع
مسألة ما يجب فعله بالدراسات والبحوث الاستعمارية في وقتنا المعاصر المتميّز بدافع
فكرة “التخلّص من الاستعمار” في العديد من المجالات العلمية”.
وتشمل مقالات مجلة
“تراث” الإسهامات الموجودة، والسياق الذي نشأ فيه المقال، وأهمّ الأشخاص
الذين حاورهم الباحث، وأحكامه، وقرّاءه ونقاده، والسياق الثقافي والسياسي الأوسع
الذي واكبه. كما تتضمّن الإسهاماتُ أيضًا أعمالا عن الموسيقى التي كان يكتب عنها،
سواء في عصره أو خلال المائة عام التي تلت نشر مقاله.
وترى بعض المقالات المنشورة في هذا
العدد ضرورة أن يحظى مقال روانيه بالاهتمام، انطلاقًا من الاقتناع بأنّه تمّ
تجاهله لفترة طويلة جدًا نظرا لأسباب عديدة ومعقّدة؛ ففي الوقت الذي يتمُّ فيه الاستشهاد
به بشكل مستمرّ من قِبَل العلماء والموسيقيين الجزائريين في الوقت الحاضر، فإنّه
لا يمكن إنكار أنّه ينتمي إلى حقبة استعمارية واجهها المثقفون الجزائريون بشكل من
التناقض والتردُّد، وغالبًا ما يتمُّ ذكره في الدراسات الموسيقية حول المنطقة
المغاربيّة على نطاق أوسع، بصفته واحدًا من مجموع الباحثين الأوروبيين الذين عملوا
في السياق الاستعماري، خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، جنبًا إلى جنب، مع
ألكسيس شوتين وبروسبر ريكارد في المغرب، والبارون رودولف ديرلانجر (وثانيًا
أنطونين لافاج) في تونس.
ويرى عددٌ من الباحثين المساهمين
في مجلة “تراث” أنّ “الموسيقى العربية في المنطقة المغاربيّة”
تحمل آثار العلاقات التي أقامها الباحث جول روانيه مع الموسيقيّين والمستمعين
الجزائريين، بما في ذلك إدموند ناثان يافيل، ومصطفى عبورة، ومحمد علي سفينجة، وابن
فراشو. أما فيما يتعلّق بمخزون النوبة في الجزائر العاصمة وتلمسان على وجه الخصوص،
فإنّ المقال يُقدّم، في كثير من الأحيان، نظرة ثاقبة لفهم الموسيقيين والمستمِعين
للمخزون الموسيقي، كما يُقدّم روانيه روايات لمجموعة واسعة من الممارسات الموسيقية
في عصره، قد تكون جزئية وحياديّة، في كثير من الأحيان، ولكنّها مع ذلك ثمينة.
وتؤكّد تمارا تيرنر في هذا العدد،
أنّ وصف روانيه للموسيقى المرتبطة بالجزائريين السود، خاصّة في الأغواط، يجمع بين
الاستعارات العنصرية ومعلومات مُفصّلة بشكل ملحوظ حول الممارسة الاجتماعية
والموسيقية، إلى جانب رواياته عن الأنماط الموسيقية والإيقاعات والآلات، توفر
مصدرًا غنيًا للباحثين الذين يسعون إلى فهم المشهد الموسيقي في عصره، خاصّة فيما
يتعلق بالجزائر، حيث يتحمّل الباحثون في الممارسات الموسيقيّة في العصر الاستعماري
في المنطقة المغاربية مسؤولية تجاهل أعماله.
يُشار إلى أنّ “تراث”،
هي مجلّة دوريّة علميّة محكّمة، تصدر مرّتين في السّنة، في إطار تثمين الأعمال
البحثيّة لمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثّقافيّة في الجزائر وفي
العالم.
/العمانية /النشرة الثقافية
/طلال المعمري