BBC العربية
من المتوقع، وفقًا لتقارير إعلامية أمريكية، أن يختار دونالد ترامب ماركو روبيو، وزيراً للخارجية ومايكل والتز، مستشاراً للأمن القومي، وهما عضوان في الكونغرس الأمريكي معروفان بمواقفهما المناهضة لإيران ودعمهما القوي لإسرائيل.
ولكن لم يتم تأكيد هذا القرار رسمياً بعد من قبل فريق ترامب. وكشفت مصادر مطلعة على تفاصيل عملية اختيار الرئيس المنتخب عن هذا الخبر لوسائل إعلام مختلفة يوم الاثنين.
وعلى الرغم من أن ترامب غير قراراته من قبل، إلا أن مصدراً مطلعاً قال لرويترز إنه اعتباراً من يوم الاثنين، يبدو من المرجح أن يتم اختيار ماركو روبيو وزيراً للخارجية. وأكد مصدران إضافيان لشبكة سي بي إس، شريك بي بي سي في الولايات المتحدة، أن مايكل والتز قد تم اختياره لمنصب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض.
وتمثل مناصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي أدواراً مركزية في الإدارة الأمريكية لتشكيل وتنفيذ السياسة الخارجية. وبعد كل انتخابات رئاسية، تدور منافسة شديدة على هذه المناصب.
سبق أن ذُكر اسم ماركو روبيو كمرشح رئيسي لمنصب نائب الرئيس، لكن هذا الدور أصبح في النهاية من حظ جيه دي فانس. لم يشغل روبيو، أحد أبرز السياسيين اللاتينيين في الحزب الجمهوري، مناصب عليا مثل نائب الرئيس أو وزير الخارجية.
وكان عدد الناخبين من أصول من أمريكا اللاتينية في الانتخابات الأمريكية في تزايد مطرد، وفي انتخابات عام 2024، كانت نسبة تصويتهم في ولايات رئيسية مثل بنسلفانيا عالية بما يكفي للتأثير على النتيجة.
وإذا عين ترامب روبيو وزيراً للخارجية، فسيمثل ذلك نجاحاً كبيراً لمؤيدي ترامب من أصول من أمريكا اللاتينية في جميع أنحاء البلاد.
مؤيدو العقوبات ضد إيران
وكل من ماركو روبيو ومايكل والتز عضوان في الكونغرس الأمريكي وقد علقا كثيراً على جوانب مختلفة من السياسة الخارجية الأمريكية. وكلاهما ينتميان إلى فصيل من الحزب الجمهوري يدعو إلى القوة العسكرية، ووجود أكبر للولايات المتحدة على الساحة العالمية، ومواقف أكثر صرامة ضد الدول الأخرى مثل إيران وكوبا والصين.
ومن بين الاثنين، يُعرف روبيو بشكل خاص بمواقفه المناهضة لإيران ودعا مراراً إلى زيادة العقوبات على إيران. وخلال المفاوضات النووية في عهد باراك أوباما، لم يكن روبيو معارضاً صريحاً فحسب، بل سعى أيضاً إلى فرض المزيد من العقوبات في الكونغرس لتقليل أي فوائد محتملة لإيران من مثل هذه الاتفاقيات.
وبصفته عضواً في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، أرسل روبيو، إلى جانب السناتور الديمقراطية ماغي حسن، رسالة مفتوحة إلى جو بايدن في يناير كانون الثاني 2024. وفيها، حث العضوان الحكومة الأمريكية على فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، مشيرين إلى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، ووقف جميع مبيعات النفط الإيرانية بموجب القوانين القائمة.
وفي العام الماضي، قدم روبيو وحسن والسناتور الديمقراطي جاكي روزن اقتراحاً في مجلس الشيوخ يهدف إلى منع مبيعات النفط الإيرانية. يُعرف الاقتراح باسم “قانون وقف إيواء البترول الإيراني”، ولا يزال المقترح قيد المراجعة في مجلس الشيوخ. وإذا تم تمريره، فسيُلزم الحكومة الأمريكية باتخاذ تدابير أوسع لمواجهة مبيعات النفط الإيرانية.
في نفس العام، قدم روبيو اقتراحاً مشابهاً آخر، وهو “قانون إنهاء الإرهاب الإيراني”، والذي لا يزال على جدول أعمال مجلس الشيوخ للنظر فيه. وإذا تم إقراره، فإنه سيوسع بشكل كبير نطاق العقوبات ضد إيران، وخاصة استهداف الأفراد الذين ينتهكون تلك العقوبات.
كما كان روبيو صريحاً خلال التوترات الأخيرة في الشرق الأوسط، ودافع كثيراً عن إسرائيل. وبعد تقارير عن عملية انتقامية إيرانية في أعقاب هجوم إسرائيلي على قنصلية إيرانية، صرح روبيو أن إسرائيل “تواجه أعظم تهديد لها منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973”. وكتب على منصة التواصل الاجتماعي إكس: “سترد إسرائيل على الفور بهجوم مضاد أكثر شدة داخل إيران”.
بصفته مهاجراً كوبياً، فإن روبيو أيضاً معارض شرس للحكومة الشيوعية في كوبا. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران، يعتقد روبيو أن واشنطن يجب أن تتبنى نهجاً متشدداً مماثلاً لموقفها من كوبا.
ويتمتع مايكل والتز، عضو مجلس النواب الأمريكي، بسجل حافل مماثل لسجل روبيو في هذا الصدد. وفي عام 2021، شارك في كتابة رسالة مفتوحة جماعية وقع عليها 140 ممثلاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وحثت الرسالة إدارة بايدن على عدم تجاهل “طموحات إيران النووية وبرنامج الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب”.
وعلى مدار العامين الماضيين، انتقد والتز سياسات بايدن مراراً، قائلاً إن الإدارة لم تكن صارمة بما يكفي مع إيران. ووفقاً لوالتز، فقد سمح هذا التساهل للحكومة الإيرانية بزيادة الوصول إلى الموارد المالية. وفي يونيو/حزيران 2024، سعى حتى إلى فرض عقوبات على فائق زيدان، رئيس المجلس الأعلى للقضاء في العراق، باعتباره “خاضعاً لسيطرة إيران”، زاعما تورطه في جهود إيران للتأثير على العراق.
ويدافع كل من روبيو ووالتز عن نهج السياسة الخارجية الجمهوري السائد الذي يتناقض بشكل حاد مع عقيدة ترامب الانعزالية. خلال فترة ترامب السابقة، ولعبت شخصيات مماثلة، مثل جون بولتون ومايك بومبيو، أدوارا رئيسية في تشكيل السياسة الخارجية.
وفي فترة ولاية ترامب الأولى، التزم هؤلاء الساسة بالسياسات التقليدية، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط وأمن إسرائيل. ومع ذلك، في قضايا مثل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والعلاقات مع روسيا، فقد انحازوا إلى وجهات نظر ترامب الانعزالية. وإذا تم تعيين روبيو ووالتز، فمن المتوقع اتباع نهج مماثل هذه المرة أيضًا.
عندما يتعلق الأمر بمواجهة إيران و”ضمان أمن إسرائيل”، من المرجح أن تتمتع شخصيات مثل ماركو روبيو بالحرية في متابعة حملة “الضغط الأقصى” ضد إيران. حتى التخفيض العام للوجود العسكري الأمريكي على مستوى العالم قد يواجه استثناءات في الشرق الأوسط.