BBC العربية
أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنه قد تم إجلاء دبلوماسيين بريطانيين وعائلاتهم من السودان في عملية “معقدة وسريعة”.
وقال سوناك إن العمل مستمر لضمان سلامة المواطنين البريطانيين الذين ظلوا في السودان.
وقال وزير الدفاع بن والاس لبي بي سي إن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم نقلوا إلى مطار خارج الخرطوم للخروج من البلاد خلال الليل.
وكانت أعمال عنف شرسة قد اندلعت الأسبوع الماضي في الخرطوم بين قوتين متخاصمتين.
وشهد الصراع بين الجيش السوداني النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إطلاق نار وقصف في العاصمة الخرطوم.
وأضاف وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن الحكومة تعمل “على مدار الساعة لتنسيق دعم دولي لإنهاء سفك الدماء في السودان”.
وقدم والاس الشكر في مقابلته مع بي بي سي لفرنسا والولايات المتحدة لمساعدتهما في العملية.
وقال إن العملية تضمنت مشاركة أكثر من 1200 جندي بريطاني من لواء الهجوم الجوي وقوات المارينز الملكية وسلاح الجو الملكي.
وفي حديثه لبي بي سي، قال والاس إن عملية الإجلاء للموظفين الدبلوماسيين البريطانيين كانت معقدة، إذ إن السفارة تقع بين مقري الطرفين المتحاربين في العاصمة الخرطوم.
وأضاف بأنه كان هناك أطفال بين أولئك الذين تم إجلاؤهم.
وتأتي الخطوة البريطانية في أعقاب عملية الإجلاء لدبلوماسيين أمريكيين في الساعات الأولى من صباح الأحد.
وقد تم إجلاء أقل من 100 شخص عندما هبطت ثلاث طائرات مروحية من طراز تشينوك بالقرب من السفارة الأمريكية لالتقاطهم.
وبدأت عدة دول أخرى من بينها فرنسا وهولندا وإيطاليا بإجلاء مواطنيها من السودان.
فقد أعلنت فرنسا وتركيا صباح الأحد بدء عمليات عاجلة لإجلاء موظفي ورعايا البلدين في ظل استمرار المعارك الضارية في الخرطوم وأنحاء متفرقة من السودان.
كما أعلنت إيطاليا أنها تنسق مع دول أخرى للمساعدة في إجلاء رعاياها من السودان.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن أن قوات تابعة لبلاده قامت بعملية إجلاء لمسؤولين حكوميين أمريكيين وعائلاتهم من السودان.
وقال بايدن إنه فخور بالتزام موظفي السفارة، مُقدماً الشكر لكل من جيبوتي وإثيوبيا والسعودية التي قدمت دورا حيويا في نجاح العملية.
وفي وقت سابق، أعلنت قوات الدعم السريع أن قوة أمريكية قوامها ست طائرات قامت في وقت مبكر من صباح الأحد بإجلاء العشرات من موظفي الحكومة الأمريكية في الخرطوم، قائلة إن ذلك تم بتنسيق مع الولايات المتحدة.
بينما نفى جون باس، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الإدارية، وجود تنسيق بين الخارجية وقوات الدعم السريع، وقال إن “العملية نفذتها وزارة الدفاع فقط”.
وأكد بايدن في بيانه أن سفارة بلاده في الخرطوم قد أصبحت مغلقة، قائلا: “إننا نعلّق بشكل مؤقت أعمال السفارة الأمريكية في السودان”.
ويأتي ذلك بينما يستعر الاقتتال في السودان بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي.
وتعرّض مطار الخرطوم بشكل متكرر لهجمات بالقصف وإطلاق النار، ما جعل عمليات الإجلاء بالطائرات منه غير ممكنة.
ونقلت مصادر إعلامية عن مسؤول أمريكي القول إن بايدن أمر بإجلاء الرعايا الأمريكيين يوم السبت بناء على توصيات من فريقه الخاص بالأمن القومي والذي رأى أنه لا نهاية تبدو للاقتتال الدائر.
إصابة دبلوماسي مصري
أُصيب أحد أفراد البعثة الدبلوماسية المصرية بالرصاص جراء الاشتباكات الدائرة في السودان، في حين تواصل السفارة السفارة المصرية بالخرطوم جهودها لإجلاء الرعايا المصريين العالقين هناك.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، في إفادة للصحفيين بالوزارة صباح الأحد، إن أحد أعضاء السفارة المصرية في العاصمة السودانية الخرطوم، أصيب بطلق ناري خلال الاشتباكات.
ولم يقدم أبو زيد أي تفاصيل إضافية حول الحادث، غير أنه أكد على ضرورة توخي أقصى درجات الحذر حفاظاً على سلامة الرعايا المصريين وأعضاء البعثات الدبلوماسية المصرية في السودان.
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد دعت يوم السبت، المواطنين الموجودين خارج مدينة الخرطوم في السودان إلى التوجه إلى النقاط التي حددتها تمهيدا لإجلائهم بواسطة السلطات المصرية المختصة.
وحدد بيان لوزارة الخارجية المصرية نقطتين لتجميع الرعايا المصريين في السودان تمهيدا لإجلائهم وهما مقر القنصلية المصرية في بورتسودان بولاية البحر الأحمر، ومكتب وادي حلفا القنصلي بولاية الشمال.
تبادل الاتهامات باستهداف دبلوماسيين
تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة مناطق في العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الأحد.
وقال شهود عيان تحدثوا لبي بي سي إن طائرات الجيش قصفت مواقع عسكرية تابعة للدعم السريع في منطقة كافوري بالخرطوم بحري.
كما وقعت اشتباكات شديدة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة بين الطرفين في عدة مناطق في مدينتي الخرطوم وأم درمان.
واتهمت قوات الدعم السريع طيران الجيش السوداني باستهداف قواته أثناء إجلاء رعايا فرنسيين يوم الأحد.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان إن قواتها تعرضت صباح الأحد لهجوم من طيران الجيش أثناء إجلاء رعايا فرنسيين من سفارة بلادهم مرورا ببحري إلى أم درمان، مما عرض حياتهم للخطر وإصابة أحدهم.
بينما اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات بحق بعثات دبلوماسية أجنبية، ويشمل ذلك موكب إجلاء السفارة القطرية.
وقال الجيش إن الدعم السريع أطلق النار على موكب السفارة الفرنسية مما أدى إلى عودتهم وتعطيل عملية الإجلاء، مشيرا إلى إصابة أحد الفرنسيين بعيار ناري من قناص إضافة إلى مهاجمة مقر البعثة الفرنسية.
ويوم السبت، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم معارك ضارية، تعد الأشد منذ بداية المواجهات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
واستقبل ميناء جدة أول الدفعات التي تم إجلاؤها من الرعايا؛ حيث وصل أكثر من 150 شخصا – بينهم عدد كبير من دول الخليج بالإضافة إلى مصر وكندا ودول أخرى- على متن سفينة تابعة للبحرية السعودية.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية “الوصول الآمن” لـ91 من رعاياها، مع رعايا من الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس وباكستان والهند وبلغاريا وبنغلاديش والفلبين وكندا وبوركينا فاسو. وقالت المملكة الأردنية إنها كانت بصدد إجلاء 300 شخص.
ويجري التخطيط للمزيد من عمليات الإجلاء للأجانب في السودان، حيث تنشر الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان قوات في دول مجاورة، كما ينظر الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوة مشابهة.
وعقد وزيرا الدفاع والخارجية الألمانيين اجتماع أزمة يوم السبت لبحث إجلاء محتمل لرعايا ألمان، بعد أن اضطرت ثلاث من طائرات النقل العسكرية إلى العودة يوم الأربعاء، بحسب صحيفة دير شبيغل الألمانية.
ويعيش في الخرطوم نحو خمسة ملايين نسمة، تركهم الصراع المحتدم في حال من الذعر مختبئين في منازلهم التي يجازف البعض بمغادرتها للتزوّد بالضروري من الغذاء الآخذ في التناقص، بينما نزح كثيرون إلى خارج المدينة.
ولا يزال الملايين من سُكان الخرطوم محاصرين في منازلهم، ومعظمهم بلا كهرباء ولا مياه ولا طعام كاف. وخلفت أعمال الاقتتال الدائر في السودان مئات القتلى وآلاف المصابين حتى الآن .
مناشدات دولية
وتواصلت العمليات القتالية في الخرطوم بعد هدنة مؤقتة، لم تصمد، في يوم الجمعة، أول أيام عيد الفطر.
وكان الجيش السوداني أعلن يوم الجمعة عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار لثلاثة أيام، كان قد دعا إليه كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الخميس.
وكانت هُدنتان سابقتان مدة كل منهما 24 ساعة قد أُعلن عن التوصل إليهما دون أن تصمدا.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، أعلن الجيش السوداني أن قائده عبد الفتاح البرهان كان قد تلقّى مناشدات من قادة دول عديدة لـ”تسهيل وتأمين إجلاء مواطنين وبعثات دبلوماسية”.
وكانت قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو الشهير بـ”حميدتي”، أعلنت عن استعدادها أن تفتح “بشكل جزئي كل المطارات” في السودان لإجلاء الرعايا الأجانب.
وفي صباح السبت، سُمع دويّ انفجارات قوية وإطلاق نار من أسلحة ثقيلة وأزيز طائرات حربية في العديد من مطارات العاصمة الخرطوم، نقلا عن شهود عيان.
وليست الخرطوم وحدها التي تشهد معارك شرسة، بل عموم السودان.
وفي مساء يوم الجمعة، اتهم الجيش النظامي قوات الدعم السريع بمهاجمة أم درمان، حيث أطلقت سراح “عدد كبير من عناصرها” من أحد السجون، وهي اتهامات تنكرها قوات الدعم السريع.
كما اندلعت معارك في إقليم دارفور غربي السودان، حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن إمكاناتهم “استُنزفت” في علاج أعداد كبيرة من الجرحى المصابين بطلقات الرصاص، والذين معظمهم من الأطفال.
وقالت نقابة الأطباء السودانية إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة باتت “خارج الخدمة”، وإن أربعة مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان تعرّضت للقصف.
وأحصت منظمة الصحة العالمية حتى الآن سقوط 413 قتيلا وإصابة 3,551 شخصا جرّاء الاقتتال المحتدم منذ أسبوع في السودان، فيما يعتقد مراقبون أن عدد الضحايا أكبر بكثير.
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن العنف ينذر بجوع ملايين السودانيين الذين يحتاج ثلثهم إلى مساعدات إنسانية بالأساس.