BBC العربية
البداية مع صحيفة التايمز التي نشرت مقالاً لماكس هاستينغز رأى فيه أنه وعلى الرغم من “رغبة الأصوات المتشددة في توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران، فإن هذه الضربة ستكون بمثابة تحدٍّ للولايات المتحدة ولن تؤدي إلا إلى تأخير التسليح”.
وقال الكاتب إن “بنيامين نتنياهو رئيس وزراء محاصر. وهو يتلمس مبادرات لإحياء سلطته، على الأقل في نظر قاعدته السياسية. ومن أبرز الخيارات أن تشن قواته الجوية ضربة ضد إيران”.
واعتبر هاستينغز أن “الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية من شأنه أن يعجل بحدوث أزمة إقليمية، إن لم تكن أزمة عالمية. لكن نتنياهو أظهر مراراً وتكراراً أنه يضع البقاء السياسي الشخصي فوق كل المصالح الأخرى”.
وقال: “وهكذا، يعتقد صديق إسرائيلي مطلع أن الضربة معقولة تماماً”.
وأوضح أنه “مع ذلك، لا يمكن لهذا الإجراء أن يحقق نتيجة حاسمة. إذ إن إيران الآن دولة على العتبة النووية. وتركز حالة اللايقين الوحيدة على توقع النقطة التي تتخذ فيها إيران قراراً بتسليح اليورانيوم المخصب إلى رؤوس حربية”.
وأشار إلى ما كتبه مؤخراً نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، تشاك فرايليتش: “إيران لديها المعرفة المطلوبة اليوم لإعادة تشكيل البرنامج حتى بعد هجوم ناجح تماماً. وبالتالي، لم يعد العمل العسكري خياراً للقضاء على البرنامج، بل لكسب الوقت فقط”.
ونقل عن إسرائيلي مطلع بشكل وثيق على قضايا الدفاع قوله: “لم يعد يهم عدد علمائهم الذين نقتلهم، أو الذخائر التي تفرغها قاذفاتنا على إيران. إذا كان هناك خيار موثوق به لتدمير قدرتها النووية بالقوة، فإنه لم يعد موجوداً”.
وقال هاستينغز “من الناحية النظرية، لا يوجد سبب يمنع إسرائيل وإيران المسلحتين نووياً من التعايش في توازن من الرعب، كما تفعل الهند وباكستان والصين وروسيا والولايات المتحدة”.
وأضاف: “مع ذلك، لا تلتزم أي من الدول الأخيرة بالقضاء على خصومها، كما تدعي إيران (حيث) يصف علي خامنئي، المرشد الأعلى، إسرائيل بأنها ورم سرطاني”.
ورأى أنه “مع وجود روسيا والصين كحلفاء لإيران، تجد الجمهورية الإسلامية نفسها تتعامل بشكل جيد مع العقوبات الغربية”.
وقال: “يشعر قادة الدفاع الغربيون بالفزع من الشراكة الروسية الإيرانية. وتزود طهران موسكو بإمدادات كبيرة من الأسلحة مقابل المعرفة الروسية بالبرنامج النووي وقمع المعارضة الداخلية”.
وأضاف: “لا تزال الولايات المتحدة وحلفاؤها، بما في ذلك بريطانيا، يحتفظون بوجود عسكري وبحري كبير في المنطقة، لكن هذا يؤدي إلى تضاؤل النفوذ السياسي. حتى إسرائيل رفضت الانضمام إلى المحور الغربي في أوكرانيا. يعطي نتنياهو وأصدقاؤه الأولوية لعلاقتهم مع روسيا في سوريا وقضايا الجوار الأخرى. إنهم غير مبالين بمصير أمة الرئيس زيلينسكي”.
وقال إنه بالنسبة لإيران وقنبلتها المحتملة، “يعمل حكامها على جبهات عديدة لتقويض إسرائيل: من خلال تزويد حزب الله بصواريخ موجهة بدقة؛ ومن خلال دعم حركة حماس، ومن خلال تطوير الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسلحة من دون طيار، ثم نشرها في سوريا والعراق واليمن”.
وأشار إلى أنه اليوم، “يحث الصقور الإسرائيليون على أن القصف يمكن أن يؤخر على الأقل تسليح إيران”.
وقال الكاتب في التايمز “لكن حتى رجل مثل نتنياهو قد يثنيه عن هذه الخطوة احتمال معاقبته لتحديه رغبات الولايات المتحدة، من خلال خفض المساعدات العسكرية. وعلاوة على ذلك، فإن الجمهورية الإسلامية ليست غير مبالية تماما بالغضب الإسرائيلي والأمريكي”.
وأضاف: “مع ذلك، فإن قادة إيران لا يترددون أبداً في طموحهم لجعل بلدهم الكبير، الذي يبلغ عدد سكانه 90 مليون نسمة، أكثر من ضعف عدد سكان المملكة العربية السعودية، القوة الإقليمية المهيمنة”.
وختم هاستينغز بالقول: “اعتاد البروفيسور السير مايكل هوارد أن يقول إن الشيء الوحيد الأسوأ من إيران المسلحة نووياً هو عواقب محاولة منع ذلك بالقوة. ومثل أمور كثيرة أخرى في منطقة مضطربة بشكل مزمن، فإن الاحتمال – الكابوسي في نظر إسرائيل – بحصول الملالي في إيران على أسلحة الدمار الشامل، لا يمكن أن يكون عرضة إلا للإدارة المستدامة، وليس لأي “حلّ”، عسكري أو غير ذلك.
ننتقل إلى مقال في صحيفة الفايننشال تايمز بعنوان “لماذا تُعدّ تايوان مهمة بالنسبة للعالم؟”
ورأى كاتب المقال جدعون راشمان أن تصعيداً خطيراً في التوتر مع بكين هو “ثمن يستحق دفعه لحماية ديمقراطية آسيوية مزدهرة”.
وقال إنه “رداً على التصعيد المطرد للضغط العسكري الصيني على الجزيرة، وعد الرئيس جو بايدن – أربع مرات – بأن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان من هجوم الصين”.
وينقل الكاتب عن بعض الباحثين انتقادهم لتصريحات بايدن متسائلين “لماذا يجب على أمريكا التي أنهكتها الحرب أن تهدد بمحاربة الصين، وهي قوة أخرى مسلحة نووياً، للدفاع عن جزيرة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة وتقع على بعد حوالي 100 ميل قبالة الساحل الصيني؟”.
وأشار إلى أن “الشكوك حول الدفاع عن تايوان أكثر وضوحاً في أجزاء من أوروبا”.
وأوضح أنه “لدى عودته من زيارة للصين الأسبوع الماضي، ألمح الرئيس إيمانويل ماكرون إلى أن فرنسا لن تحرك ساكناً لحماية الجزيرة”.
وقال: “الحقيقة هي أن الضم الصيني القسري للجزيرة سيكون له عواقب عالمية عميقة سرعان ما ستشعر بها باريس”.
وشرح الكاتب وجهة نظره بالقول إن “هناك ثلاث حجج رئيسية للتمسك بتايوان. الأولى تتعلق بمستقبل الحرية السياسية في العالم. والثانية بتوازن القوى العالمي. والثالثة تتعلق بالاقتصاد العالمي. هذه الأسباب مجتمعة تشكل حجة مقنعة لإبعاد تايوان عن براثن بكين”.
ورأى راشمان أن “تايوان، المجتمع المزدهر، دليل حي على أن الثقافة الصينية متوافقة تماماً مع الديمقراطية. إن وجودها يُبقي على قيد الحياة رؤية بديلة للكيفية التي قد تدار بها الصين نفسها ذات يوم”.
وقال: “إذا سحقت الصين الحكم الذاتي لتايوان، إما عن طريق الغزو أو عن طريق تسليح الجزيرة بقوة في اتحاد سياسي، فإن قوة الولايات المتحدة في المنطقة ستعاني من ضربة هائلة”.
وأضاف: “في مواجهة احتمال نشوء قوة مهيمنة جديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ستستجيب دول المنطقة. سيختار معظمهم استيعاب بكين من خلال تغيير سياساتهم الخارجية والداخلية. إن الرغبة في تجنب الإساءة إلى الهيمنة الجديدة الشائكة من شأنها أن تقيد بسرعة حرية التعبير والعمل لجيران الصين”.
وقال: “كما أن الآثار المترتبة على الهيمنة الصينية على منطقة المحيطين الهندي والهادئ ستكون عالمية، لأن المنطقة تمثل حوالي ثلثي سكان العالم والناتج المحلي الإجمالي”.
وتابع راشمان: “إذا هيمنت الصين على المنطقة، فستكون في طريقها إلى إزاحة الولايات المتحدة كأقوى دولة في العالم. والواقع أن فكرة أن أوروبا لن تتأثر بهذا التحول في القوة العالمية فكرة سخيفة. والآن، أكثر من أي وقت مضى، تعتمد أوروبا على استعداد الولايات المتحدة لمواجهة روسيا، حليفة الصين الاستبدادية”.
وختم بالقول: “لا يريد أي شخص عاقل اندلاع حرب بين الولايات المتحدة والصين. لكن الآن، وكما كان في الماضي، من الضروري في بعض الأحيان الاستعداد للحرب – للحفاظ على السلام”.