وكالة أنباء البحرين
المنامة في 21 سبتمبر/ بنا /أكّد الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، على الدور الحيوي الذي تلعبه مملكة البحرين في تعزيز ثقافة السلام والتسامح، مشيرًا إلى أن الرؤية الملكية تفتح آفاقًا جديدة نحو تحقيق السلام الشامل والمستدام.
وفي لقاء مع وكالة أنباء البحرين (بنا)، بمناسبة اليوم الدولي للسلام الذي يصادف 21 من سبتمبر استعرض رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي التحديات والفرص التي تواجه المركز، مؤكدًا التزام البحرين بتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، وأهمية التعليم والتدريب في نشر قيم السلام، مشيرًا إلى أن احتفال اليوم الدولي للسلام يأتي كفرصة للتأكيد على القيم الإنسانية المشتركة وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب، وفيما يلي نص اللقاء:
– تؤكد مملكة البحرين على أهمية السلام كسبيل للنهوض بالمجتمعات.. كيف ترون جهود المملكة في هذا المجال؟
تعبر الكلمات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، بأن “الإيمان يضيء طريقنا للسلام” عن طبيعة وقيمة الدور الذي تضطلع به مملكة البحرين في رفد مسيرة السلام العالمي، كموطن للتعايش وملتقى الثقافات.
هناك تقدير عالمي واسع للرعاية الكريمة من جلالة الملك المعظم للمبادرات الإنسانية النوعية والرائدة التي تنشد خير ومنفعة البشرية، وترسيخ دعائم التقارب والتفاهم بين الأديان والحضارات.
وفي ضوء الارتباط الوثيق بين السلام والتنمية، وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، إلى وضع وتنفيذ الخطط والبرامج الحكومية بما يعكس التزام المملكة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وإقامة الشراكات الاستراتيجية مع دول العالم.
وعلى هذا الأساس، تواصل البحرين جهودها الرامية إلى إرساء أسس السلام الشامل والعادل من خلال تبني لغة الحوار والحلول السلمية ونبذ الخلافات، في إطار دبلوماسية متوازنة وفاعلة، جعلت من السلام خيارها الاستراتيجي الثابت الذي ينتصر لمبادئ التعايش والأخوة الإنسانية.
– يؤكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم على أهمية دعم قيم السلام.. كيف ترون ذلك؟
جلالة الملك المعظم، أيده الله، يقدم دائمًا القدوة والمثل، ونفخر بأن الرؤية الملكية السامية تركت أثرًا عميقًا لدى الجميع كونها تطرح آفاق عصر جديد يسوده الوئام والمحبة.
وفي هذا الإطار، تفضل جلالة الملك المعظم بإطلاق العديد من المبادرات العالمية، بهدف استدامة السلام والازدهار، مثل: إعلان مملكة البحرين، وإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا بإيطاليا، ومبادرة إقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمتأثرين من الصراعات، فضلاً عن إنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي، وغيرها من المبادرات المتميزة.
ووفق هذا النهج الحكيم، يتطلع مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي إلى نشر ثقافة التسامح والإخاء بين الناس، والمساهمة في حل القضايا الشائكة، ونقل نموذج البحرين الحضاري إلى كافة بقاع العالم.
لدينا التزام ثابت ونظرة شاملة، بأهمية الوعي والتنوير، وبناء حصون السلام، وتشييد جسور الأمل والتفاهم، وهذا الأمر يستدعي إشاعة الفكر الصحيح، وتقديم برامج هادفة، وشراكة مجتمعية وثيقة، جنبًا إلى جنب مع تحرك خارجي فاعل للمضي قدمًا نحو تحقيق رسالة المركز وأهدافه.
– ما هي استراتيجية عمل مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي خلال الفترة القادمة؟
منذ صدور المرسوم السامي بإعادة تشكيل مجلس الأمناء، تم اتخاذ خطوات وتدابير عاجلة لإعادة الهيكلة، وبناء الهوية، وإعداد خطط العمل لمواكبة تطلعات قائد إنساني يؤسس رسالة عالمية نبيلة.
واتساقًا مع أجندة طموحة لتطوير عمل مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وفق مسارات متعددة ومترابطة، نعكف على وضع استراتيجية شاملة للاهتمام بقضايا جديدة، مثل: الدبلوماسية الوقائية، التعليم والتدريب، والبيئة، كما نعتزم ربط المركز بشبكة واسعة مع المؤسسات والمراكز المرموقة في العالم.
ونطمح أن نمثل قاعدة انطلاق دولية لتعزيز حرية الشعائر الدينية، ومكافحة التعصب والعنصرية، وتصحيح المزاعم غير المنصفة عن الدين الإسلامي الحنيف. وبالتأكيد لدينا عزم وإصرار على تحويل المركز إلى أيقونة للتعايش والتسامح، ولن نترك محفلاً ولا منبرًا إلا وسنسعى إليه لإيصال رسالتنا إلى العالم أجمع.
وأود أن أتوجه بالشكر الجزيل لشركاء المركز من مسؤولين ووزارات وهيئات وبعثات دبلوماسية وصحافة ووسائل إعلام على تعاونهم المثمر في تحقيق الأهداف المأمولة.
– ما هي خططكم لاستثمار إنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي في تحقيق السلام العالمي والتخفيف من النزاعات الدائرة؟
بناء صرح السلام يتطلب مزيدًا من التفاهم العالمي، وفتح آفاق رحبة من التعاون والشراكة، من خلال أفكار ومبادرات ملهمة وخلاقة، تسهم في تسوية النزاعات بالحوار والمفاوضات، واحترام مبادئ القانون الدولي.
جائزة الملك حمد للتعايش السلمي مبادرة عالمية رائدة تجسد الرؤية الملكية المستنيرة لدعم الحوار والانفتاح بين الأديان والثقافات، عبر تشجيع الأشخاص والمنظمات على تعزيز جهودهم وإنجازاتهم في مجالات السلام والتعايش.
ويضطلع مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي بالإشراف على رسم السياسة العامة للجائزة، لضمان أن تعبر عن الرصيد الحضاري لمملكة البحرين في رعاية الوئام الإنساني وتحقيق السلام العالمي.
ندرك كفريق عمل أننا أمام جائزة دولية غير مسبوقة، لذا شرعنا في توفير كافة مقومات الريادة والاستدامة لها، لتكون بمثابة مرجعية دولية فريدة للارتقاء بالقيم الجليلة.
– يأتي الاحتفال الأممي هذا العام تحت عنوان “غرس ثقافة السلام”، في رأيكم كيف يمكن أن يساهم مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في نشر هذه الثقافة على مستوى العالم؟
يصادف هذا الشهر الذكرى الـ 25 لاعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان وبرنامج عمل بشأن ثقافة السلام، بما يعد مناسبة لتسليط الضوء على أهمية الالتزام بهذه المسألة الحيوية.
وإذا كان السلام غاية إنسانية ملحة للوصول إلى حياة مستقرة وآمنة، فإن ثقافة السلام تعني أن تسود منظومة متكاملة من القيم حياتنا اليومية، كاحترام الآخر، والإيمان بالتنوع والاختلاف، فضلاً عن تطوير آليات العمل الجماعي لإنهاء النزاعات التي استنزفت مقدرات الكثير من الدول والشعوب.
هناك دور للمنابر الدينية ووسائط الإعلام والاتصال في الدعوة إلى الوسطية والتآخي، والبعد عن خطابات الكراهية.
ويشاطر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي كافة المساعي البناءة لاستثمار القيم الإنسانية في إقرار السلام، طبقًا لما ورد في “إعلان مملكة البحرين” الذي يعكس فكر وفلسفة جلالة الملك المعظم، لإيجاد عالم أفضل.
نثمن في هذا السياق جهود منظمة الأمم المتحدة كإطار دولي يهدف إلى حفظ الأمن العالمي. ونأمل التوافق على برنامج أممي يتضمن حلولًا جذرية وحاسمة للمشكلات القائمة، والوقاية من الأزمات.
وبناءً على ذلك، فإن تفاعل المركز مع هذه المناسبة يؤكد عزمه على مواصلة مسيرته الناجحة لإشاعة ثقافة السلام والعيش المشترك.
– لماذا يركز مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي على التعليم والتدريب في الوقت الراهن؟
هناك حقيقة ثابتة بأن عالمنا يزداد تنوعًا وتعقيدًا. وينبغي أن يكون التعدد مصدر الوئام، وليس سببًا في النزاع والفرقة، لأن جوهر التعايش الإنساني يقوم على التنوع الديني والثقافي. ومن هذا المنطلق، يعتبر التعليم والثقافة والقيم الروحية دعائم الكفاح ضد الجهل، ومحركات الاستقرار والتلاحم.
ونعتز باستثمار مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في الترويج لثقافة السلام من خلال التقارب والتعارف بين البشر، وتعزيز المعرفة والمهارات اللازمة للأجيال الجديدة.
وخلال الفترة الماضية، قطعنا شوطًا كبيرًا في هذا الشأن بعد التوقيع على مذكرة تعاون مع مؤسسة الإيمان بالقيادة، ومعهد 1928 التابع لجامعة أوكسفورد، لإطلاق “برنامج الملك حمد للقيادة في التعايش السلمي”، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تعاون أخرى مع اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، لتدشين برنامج “القيادة وتتضمن المذكرتان تقديم دورات تدريبية وفعاليات متنوعة لترسيخ القيم الرفيعة لدى الشباب، وإتقان أساليب التفاوض والوساطة في تسوية النزاعات.
كما جرى إطلاق برنامج دبلوم الدراسات العليا المشترك حول التعايش السلمي، بالتعاون مع جامعة السلام التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسة جويا للتعليم العالي بمالطا، بهدف بناء القدرات وتطوير أدوات البحث العلمي في مجالات نشر ثقافة السلام والتضامن الإنساني.
– باعتباركم مؤسسة إنسانية عالمية، ماذا يعني لكم الاحتفال باليوم الدولي للسلام؟
يحمل الاحتفاء بهذا اليوم الدولي دلالات ورسائل مهمة، فالعالم يعاني من حروب ومجاعات وكوارث، ونكبات مروعة ضد المدنيين الأبرياء، تنتج ويلات شديدة ومعاناة مريرة. ويمثل احتفالنا مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بأن السلام هو ركيزة الاستقرار والتنمية، بينما البديل الآخر هو الدمار والفوضى والكراهية.
وفي ظل استمرار الصراعات ومخاطر الإرهاب وتغير المناخ، يبقى الأمل في يقظة الضمير الإنساني، وأن يتكاتف البشر لإنجاز السلام الشامل والعادل.
قد يبدو التوافق الكامل بعيد المنال، وأن طريق السلام ما زال شاقًا وطويلًا، إلا أن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي يسعى بلا كلل إلى التأثير إيجابًا في مساره، وتسريع وتيرة التحرك لبلوغ هذه الغاية.
ستظل مملكة البحرين، بقيادة جلالة الملك المعظم، بلد الأمان وموطن التعايش ومركز الحوار، ولن تكف المملكة عن ترديد نداء السلام والدعوة إليه، ولن تألو جهدًا في تهيئة المناخ المناسب لنشر قيم التضامن والمحبة، وصولاً إلى سلام عالمي دائم ومستقر.
ت.و, S.E