/العمانية/
واشنطن في 28 يناير /العُمانية/ أبقت مستويات التضخم المعتدل التي سجلها الاقتصاد الأمريكي في شهر ديسمبر الماضي مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مساره؛ لنقاش توقيت خفض سعر الفائدة هذا العام، والوتيرة التي يتم بها تنفيذ ذلك وفق ما كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال.
وقد أعلنت وزارة التجارة الأمريكية في يوم الجمعة الماضية، أنّ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي هو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، والذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، حيث ارتفع بنسبة 2.9% على أساس سنوي، وتعتبر هذه الزيادة أقل زيادة على أساس سنوي منذ مارس 2021.
ويرصد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي التغيير في أسعار السلع والخدمات التي يشتريها المستهلكون في جميع قطاعات الاقتصاد، إلا أنّه لا يأخذ في الاعتبار الغذاء والطاقة وذلك لأنّ أسعارها تميل إلى التقلب بشكل كبير؛ بسبب عوامل موسمية متعددة.
ونقلت الصحيفة عن تشارلز إيفانز الرئيس السابق للبنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو في الفترة بين 2007 وأوائل عام 2023، أنّه من المدهش حقًا أنّ معدلات التضخم لثلاثة وستة أشهر أقل من 2%، مضيفًا أنّ ستة أشهر هي فترة زمنية جيدة جدًا لخلق الثقة بأنّ التضخم قد عاد بشكل مستدام إلى معدلاته المنخفضة التي شهدها قبل الوباء.
وأيّد المسؤول المصرفي السابق ما ذهب إليه المستثمرون بأنّه ستكون هناك تخفيضات في أسعار الفائدة هذا الربيع، حيث قال إنّ المستثمرين كانوا على حق في وجهة النظر الخاصة بتخفيضات أسعار الفائدة، على الرغم من أنّ بعض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي عبروا عن مخاوفهم حيال خفض أسعار الفائدة، ليضطروا بعدها إلى رفعها حال حدوث ارتفاع في التضخم مجددًا.
وحول مخاوف بعض مسؤولي البنك الاحتياطي الفيدرالي من عودة التضخم، وذكرت الصحيفة عن ذات المسؤول المصرفي أنّه من الطبيعي أن يشعروا بالتوتر، فقد عملوا بجد وهم لا يريدون أن يغفلوا في اللحظة الأخيرة عن تحقيق معدل تضخم يبلغ 2%، كما أضاف إيفانز “نحن نحتاج أن ندرك أنّ التضخم الأساسي قد انخفض بالفعل”.
وذكرت الصحيفة بخصوص اجتماع السياسة النقدية والذي سيُعقد الأسبوع القادم، بأنّ مسؤولي البنك الاحتياطي الفيدرالي يسيرون في اتجاه إبقاء أسعار الفائدة ثابتة، مضيفة أنّ التغيير المتوقع هو أن يزيلوا من بيانهم حول سياستهم النقدية، اللغة التي تشير إلى أنّ التغيير التالي في سعر الفائدة من المرجح أن يكون زيادة وليس خفضًا.
ورفع المسؤولون أسعار الفائدة آخر مرة في يوليو، وقد رفعوا سعر الفائدة القياسي إلى نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين، وتوقع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام في اجتماعهم الأخير في ديسمبر الماضي.
ولفتت وول ستريت جورنال إلى أنّ قراءات الأسعار الأساسية لستة أشهر من مجموع الأشهر السبعة الماضية تسير بمعدلات مساوية لهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% أو أقل منه، مضيفة أنّه إذا استمر هذا التقدم في الأشهر المُقبلة، فإنّ معدلات التضخم لمدة 12 شهرًا سوف تقترب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي بحلول الوقت الذي يجتمع فيه مسؤولو البنك الاحتياط الفيدرالي لتحديد السياسة النقدية في نهاية أبريل المُقبل.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنّ بعض مسؤولي البنك الاحتياطي الفيدرالي سيفكرون في خفض أسعار الفائدة هذا العام إذا كان التضخم يسير بصورة مقنعة نحو هدفهم، حتى فيما يبدو إذا لم يصل إلى 2%، وذكرت أنّ من ضمن الأسباب في ذلك مخاوفهم من أنّ إبقاء أسعار الفائدة ثابتة مع حدوث انخفاض في التضخم سيؤدي إلى ارتفاع ما يعرف بأسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم، حيث يمكنها أن ترتفع إلى مستويات تقيد النشاط الاقتصادي بلا سبب، وفي العادة يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة فقط؛ بسبب المخاوف من تباطؤ الاقتصاد بشكل أكثر حدة.
وبهذا الخصوص نقلت /وول ستريت جورنال/ عن أندرو هانتر (الخبير الاقتصادي في شركة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث الاقتصادية) أنّ كل شيء يُشير الآن إلى عودة التضخم إلى 2%، مضيفًا أنّه من الصعب معرفة سبب الحاجة إلى إبقاء أسعار الفائدة عند 5.5%، وهي نسبة يقر مسؤولو البنك الاحتياطي الفيدرالي بأنها مقيدة.
كما تطرقت الصحيفة لأسباب تجنب دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة من الركود، حيث ذكرت أنّ المستهلكين يدخلون العام الجديد ولديهم أساس قوي بفضل سوق العمل الصحي، وتهدئة التضخم والمكاسب الثابتة في الأجور، مما جعل الواقع يخالف توقعات معظم الاقتصاديين في العام الماضي بحدوث ركود.
إلا أنّ الصحيفة ذكرت أنّ المعدلات المرتفعة الناجمة عن حملة بنك الاحتياطي الفيدرالي للحد من التضخم سببت تحديات تتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف بالنسبة للعديد من الأمريكيين.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن إريك فريدمان (كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة إدارة الأصول في “يو اس بانك”) أنّه ربما يصبح الأمر أكثر صعوبة قليلًا بالنسبة للإنفاق الاستهلاكي مع مرور شهور عام 2024، مضيفًا أنّ أسعار الفائدة المرتفعة بالنسبة للمستهلكين كالمشي في منحدر مرتفع، وبمرور الوقت يصيب أحدهم التعب وبطء السير.
/العُمانية/
عبد الناصر العبري