BBC العربية
انتقد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، السلطات في لوس أنجليس، واتهم السياسيين هناك بـ”عدم الكفاءة”، لاستمرار اشتعال الحرائق هناك حتى الآن، مما أدى لتدمير المنازل وانتشار “الموت” في كل مكان.
وقال ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال”: “لا تزال الحرائق مشتعلة في لوس أنجليس. ولا يملك الساسة غير الأكفاء أدنى فكرة عن كيفية إخمادها.”
وأضاف ترامب في منشور على منصته يوم الأحد، “اختفت آلاف المنازل الرائعة، وسوف نفقد المزيد منها قريبا. الموت في كل مكان. إنها واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ بلادنا. إنهم ببساطة لا يستطيعون إخماد الحرائق. لماذا هذا العجز؟”
جاءت انتقادات ترامب بعد تحذيرات فيدرالية من خطورة الوضع بسبب نشاط الرياح، بالإضافة إلى فراغ خزانات إطفاء الحرائق.
وقالت ديان كريسويل، مديرة الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ، إنه “لا يمكن التنبؤ بحرائق الغابات عندما تشتد الرياح، ويجب توخي الحذر.”
وفرغت خزانات مكافحة الحرائق في حي باسيفيك باليسايدس، في لوس أنجليس، وتعثرت جهود الإطفاء بسبب نقص المياه.
لكن هيئة المياه والطاقة في لوس أنجليس، قالت إنها توفر أكثر من 8.5 مليار جالون من المياه في خزانات مفتوحة تابعة لها، منها خزان هوليوود، وخزان لوار ستون كانيون وخزان انسينو، ويتم حاليا استخدام هذه الخزانات لدعم جهود مكافحة الحرائق الجوية مباشرة وما زالت متوفرة.
وأكدت ديان على أن الجيش الأمريكي “مستعد للمساعدة في إطفاء هذه الحرائق”، وتركز الحكومة الأمريكية حاليا على “دعم جهود إطفاء الحرائق وحصر ومعالجة الأضرار الناجمة عنها.”
وتقذف أسراب من الطائرات مناطق التلال المشتعلة بالمياه ومثبطات الحرائق لمنع حريق باليساديس، الذي امتد لمسافة ألف فدان أخرى ويهدد الآن مناطق جديدة.
ومن المتوقع أن تشتد الرياح مجدداً ليلاً، مما يزيد من تأجيج النيران التي خلفت بالفعل 16 قتيلاً على الأقل، 11 منهم لقوا حتفهم بحريق إيتون، وخمسة آخرين بحريق باليساديس، وفق مكتب الطب الشرعي في لوس أنجليس.
وقال ليندسي هورفاث، مشرف مقاطعة لوس أنجليس، السبت: “شهدت مقاطعة لوس أنجليس ليلة أخرى من الرعب والأسى الذي لا يمكن تصوره”.
وأحرز رجال الإطفاء تقدماً متواضعاً ضد أسوأ الحرائق، وهو حريق باليساديس، الذي التهمت نيرانه ما يقرب من 23 ألف فدان وتم احتواؤه بنسبة 11 في المئة لكن الحريق انتشر إلى حي مانديفيلي كانيون، مما أدى إلى إصدار أوامر الإخلاء لمساحات شاسعة من برينتوود، وهي منطقة راقية حيث تقع منازل نجم هوليود، أرنولد شوارزنيغر، والرئيس التنفيذي لشركة ديزني، بوب إيغر، ونجم كرة السلة، ليبرون جيمس.
وأكد روبرت لونا، قائد شرطة مقاطعة لوس أنجليس، أن السلطات بدأت في استخدام فريق عمل للبحث والإنقاذ.
و قُتل ثمانية أشخاص في حريق إيتون، بينما قُتل الثلاثة الآخرون في حريق باليساديس.
وقال إن هناك تقارير عن فقد 13 شخصاً حتى الآن، لكنهم غير متأكدين مما إذا كان ذلك ناجماً عن الحرائق.
كما تحدث رئيس إطفاء مقاطعة لوس أنجليس، أنتوني مارون، عن توقعات الطقس خلال الأيام المقبلة، التي يقول إنها ستخلق “ظروفاً جوية حرجة للغاية للحرائق” حتى يوم الأربعاء.
وأضاف أنه ستكون هناك رياح سانتا آنا، معتدلة إلى قوية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتعد رياح سانتا آنا ظاهرة جوية فريدة من نوعها في لوس أنجليس تجلب رياحاً شرقية أو شمالية شرقية قوية وعاصفة تهب من الداخل نحو الساحل.
لا تخلق الرياح الجافة الظروف لتطور حرائق الغابات فحسب، بل يمكن أن تكون مسؤولة أيضاً عن حجم الدمار الذي يليه.
وفي رسالة تمت مشاركتها على منصة إكس، تطلب من الرئيس المنتخب القيام بالرحلة، استشهدت مشرفة مقاطعة لوس أنجليس، كاثرين بارغر، بزيارة ترامب خلال ولايته الأولى عندما كانت المنطقة تشهد حريق غابات آخر في عام 2018.
أشادت بارغر باستجابة إدارته في ذلك الوقت، التي قالت إنها سمحت “بالنشر السريع للموارد الفيدرالية” لمساعدة المدينة.
تقول بارغر إن “حضور ترامب سيكون محسوساً ومقدّراً بعمق”، مضيفة أنه يمكنه المساعدة في دعم سكان لوس أنجليس.
لم يركد ترامب بعد بزيارة لوس أنجليس، على الرغم من الدعوات المحلية له للقيام بذلك. في مؤتمر صحفي سابق، أخبرت عمدة لوس أنجليس المراسلين أنها لم تسمع من ترامب أو فريق انتقاله الرئاسي.
يأمل بعض المسؤولين أن يساعد وجوده في تسريع تخصيص الموارد الفيدرالية للاستجابة.
انخفاض عدد الحرائق النشطة إلى أربعة
وقالت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا، إن هناك أربعة حرائق نشطة في لوس أنجليس، بانخفاض اثنين عن السابق.
وأعلنت السلطات مستويات الاحتواء لكل من تلك الحرائق التي لا تزال تنتشر:
حريق باليساديس: أول حريق اندلع يوم الثلاثاء والأكبر في المنطقة، وقد يصبح أكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا. تسبب في إحراق أكثر من 22 ألف فدان، تم احتواؤه بنسبة 11 في المئة حتى ظهر السبت.
حريق إيتون: الجزء الشمالي من لوس أنجليس. وهو ثاني أكبر حريق في المنطقة، حيث أحرق ما يقرب من 14 ألف فدان. تم احتواؤه بنسبة 15 في المئة.
حريق هيرست: يقع شمال سان فرناندو مباشرة، وبدأ في الاشتعال ليلة الثلاثاء ونما إلى ما يقرب من 800 فدان. تم احتواؤه بنسبة 76 في المئة.
حريق كينيث: اندلع هذا الحريق يوم الخميس على حدود مقاطعتي لوس أنجليس وفينتورا. يغطي حتى الآن أكثر من 1050 فداناً. تقول السلطات إن تقدمه توقف وتم احتواؤه بنسبة 80 في المئة ولم يلحق أي ضرر أو تدمير بالمباني.
تأثير خفض الميزانية على مكافحة الحرائق
وقالت رئيسة إطفاء لوس أنجليس، كريستين كرولي، إن خفض الميزانية يؤثر على “القدرة” على مكافحة الحرائق.
وكرولي هي أحدث الأصوات المنتقدة للمسؤولين في كاليفورنيا، الذين اتُهموا بعدم بذل ما يكفي لحماية المدينة من الحرائق.
وفي حديثها إلى شبكة سي إن إن، قالت إن إدارة الإطفاء خفضت الميزانية بمقدار 17 مليون دولار، وأي نوع من التخفيض “سيؤثر سلباً على قدرتنا على تنفيذ مهمتنا”.
وقالت عن حريق باليساديس: “إنه بالتأكيد أحد أكثر الكوارث الطبيعية المروعة في تاريخ لوس أنجليس”، مضيفة أن خفض الميزانية وإلغاء الوظائف المدنية، مثل الميكانيكيين، يؤثر على قدرتهم على مكافحة الحريق.
وأضافت كرولي “لقد أوضحت منذ سنوات أن إدارة الإطفاء بحاجة إلى المساعدة لأنه لا يوجد عدد كافٍ من رجال الإطفاء أو محطات الإطفاء”.
وأمر حاكم ولاية كاليفورنيا/ غافين نيوسوم، بإجراء تحقيق في التقارير التي تفيد بأن رجال الإطفاء واجهوا صعوبات بسبب انخفاض إمدادات المياه، مما أعاق استجابتهم للكوارث.
مساعدات كندية ومكسيكية
أرسلت كندا رجال إطفاء ومعدات متخصصة، بما في ذلك قاذفات المياه وناقلات الهواء – إلى كاليفورنيا لدعم جهود مكافحة الحرائق المحلية.
قال شون بيترسون، من مركز التنسيق الوطني بين الوكالات الأمريكي، الذي ينسق موارد مكافحة الحرائق، لصحيفة واشنطن بوست إن طواقم الاطفاء الكندية يمكن أن تصل يوم الاثنين.
تم نشر رجال إطفاء مكسيكيين في لوس أنجليس للمساعدة في تعزيز الجهود الرامية إلى احتواء الحرائق.
ونشرت كلوديا شينباوم، رئيسة المكسيك، في وقت سابق صورة لعشرات من أفراد خدمات الطوارئ أمام طائرتين نقل على منصة إكس، وقالت إنهم كانوا على استعداد للمغادرة.
ووردت تقارير أن مجموعة أخرى من رجال الإطفاء المكسيكيين وصلت بالفعل، على الرغم من أنه لم يتضح عددهم.
إنقطاع الكهرباء وتحذير من مياه الشرب
وقال موقع باور اوتيجز، الذي يتتبع انقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة، إن ما لا يقل عن 60 ألف منزل وشركة بدون كهرباء في لوس أنجليس.
وأصدرت السلطات تحذيرات من شرب مياه الصنبور، خشية تلوثها.
ينص الإشعار على عدم الشرب أو الطهي بمياه الصنبور، والحد من استخدامهم للمياه الساخنة حتى يتم تطهيرها.
ويرجع ذلك إلى احتمالية “الملوثات المرتبطة بالحرائق التي ربما دخلت شبكة المياه”، وفقًا للبيان.
كما أعلنت سلطات لوس أنجليس حالة طوارئ صحية محلية للمقاطعة بأكملها بسبب رداءة جودة الهواء، حيث غطت رماد الحرائق والدخان الناتج عن حرائق الغابات المنطقة.
في بيان، أصدرت الصحة العامة لمقاطعة لوس أنجليس الإعلان في “تدهور جودة الهواء بشدة … مما يشكل مخاطر فورية وطويلة الأمد على الصحة العامة”.
وأضافت السلطات أن الحرائق أجبرت السكان على ترك منازلهم وإخلاء المرافق الصحية، مما أدى إلى تعطيل “الخدمات والموارد الصحية الحيوية”.
ونصحت السلطات الناس بالبقاء في الداخل، وإبقاء النوافذ والأبواب مغلقة، واستخدام مكيفات الهواء لإعادة تدوير الهواء وتصفيته، وارتداء قناع إذا خرجوا في وجود دخان. كما أوصت بإبقاء الحيوانات الأليفة في الداخل.
وتقول وكالات للرعاية الاجتماعية في لوس أنجليس إن الأيام القليلة الماضية أثرت بشدة على الأشخاص الذين كانوا بلا مأوى بالفعل قبل الحرائق.
وتقول منظمة بيبول كنوسيرن، التي تعمل مع الأشخاص المشردين، إن الأشخاص الذين لا مأوى لهم معرضون للخطر بشكل خاص أثناء الكوارث.
وقالت جون ماسيري، الرئيس التنفيذي للوكالة، إن الناس “كانوا يواجهون بالفعل تحديات هائلة، لكن حرائق الغابات جعلت وضعهم أصعب. في باليساديس وحدها، يوجد ما يقدر بنحو 300 فرد بلا مأوى، ونزح الكثير منهم الآن إلى جانب الآلاف من السكان المقيمين”.
وقالت إن العديد منهم نزحوا وفقدوا ممتلكاتهم القليلة، وواجهوا مخاطر صحية من الهواء السام.
وتواجه لوس أنجليس مشاكل التشرد لسنوات. وفي عام 2023، تم تصنيف أكثر من 46 ألف شخص في المدينة و75 ألف شخص في جميع أنحاء مقاطعة لوس أنجليس على أنهم بلا مأوى، وفقاً لهيئة خدمات المشردين في لوس أنجليس.