BBC العربية
- الحارث الحباشنة
- بي بي سي نيوز عربي
وصل إلى العاصمة اليمنية صنعاء – التي يسيطر عليها الحوثيون- مفاوضون من سلطنة عُمان وآخرون من المملكة العربية السعودية، وذلك للتفاوض مع المسؤولين في جماعة أنصار الله -الحوثي- للوصول إلى اتفاق شامل يؤدي إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم وإنهاء تدخل الرياض عسكرياً في الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات.
ولم يصدر أي تأكيد رسمي من الجانب السعودي حتى الآن، لكن وسائل إعلام تابعة للحوثيين تقول إن وفدين، سعودي وعماني، موجودان في صنعاء، لتقريب وجهات النظر وإحياء الهدنة الأممية التي توقفت منذ مطلع أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
ونشر صحفيون في صنعاء عبر منصة تويتر، صورة للقيادي في حركة أنصار الله محمد علي الحوثي، وهو يصافح شخصاً، قال مغردون إنه السفير السعودي لدى اليمن، ولم يعلق أي من المسؤولين المذكورين على هذا اللقاء.
“لا تشاؤم ولا تفاؤل“
وعلّق نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” المؤيدة لحركة أنصار الله، لبي بي سي، أنه من السابق لأوانه الحكم بنجاح المفاوضات التي تجري في صنعاء مشيراً إلى أنه من الواضح أن أجواء السلام باتت تخيم على المنطقة مما يبعث على التفاؤل والأمل، ومؤكداً على أن النهج التفاوضي يعتمد نهج “لا تشاؤم ولا تفائل” لحين بيان نتائج اللقاءات.
وشدد عامر على ضرورة تنفيذ النقاط التي سلمتها جماعة أنصار الله – الحوثية للوفد العُماني في وقتٍ سابق، والتي تتمحور حول فك الحصار عن الموانئ اليمنية التي تسيطر الجماعة الحوثية وتسليم الرواتب بالإضافة إلى الشق الإنساني.
وتدعم السعودية مجلس القيادة الرئاسي الذي فوضه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بتسلم مهامه وفقاً “للدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية” بحسب بيان للرئيس هادي في السابع من أبريل/ نيسان من العام 2022.
“الحوثيون لا يلتزمون بالمطالب”
وفي رده على سؤال لبي بي سي، قال الدكتور محمد الحربي عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية، إن المطالب ليست بالجديدة، وقد تم مناقشتها خلال اجتماعات الهدنة السابقة التي انتهت في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2022، ولكن “الحوثي لم يلتزم بالمبادرات والاتفاقات السابقة”.
واستدرك الحربي حديثه بأن الصراع الآن بات في “مرحلة جديدة” قد يؤدي إلى تغييرات في مدى التزام الأطراف بالاتفاقات التي قد تُفضي إلى إنهاء الحرب، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الأطراف.
السعودية طرف أم وسيط؟
وقال نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة “سبأ”، إن السعودية تحاول التنصل من دورها “كطرف بالحرب”، وتقديم نفسها على أنها تلعب دور الوسيط، مضيفاً أن جماعة أنصار الله تنظر إلى المملكة “كقائدة لتحالف الحرب والعدوان”، وأن هذا لن يتغير إلا إذا غيرت المملكة سياساتها تُجاه اليمن.
بينما رفض الدكتور محمد الحربي عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية، في حديثه لبي بي سي، أن تكون المملكة طرفاً في الحرب اليمنية، مؤكداً أن دور المملكة يتلخص “بدعم الشرعية المتمثلة بحكومة عدن” المعترف بها دولياً.
“تمديد الهدنة بات قريباً”
وتوقع عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية أن يصدر بيان مشترك خلال اليومين القادمين ، يقضي بتمديد الهدنة في اليمن إلى نهاية العام الجاري، كمرحلة أولى، مرجحاً أن يدخل المسار السياسي ضمن مراحل عدة بين الأطراف اليمنية.
وبين الدكتور الحربي أن الهدف النهائي لدول التحالف و”الشرعية اليمنية” في عدن، هو الوصول إلى انتخابات سياسية لتشكيل “نظام سياسي يمني متين على التراب اليمني الموحد”.
حرب إعلامية
وتملك السعودية العديد من وسائل الإعلام التي تتخذ من العاصمة الرياض مقراً لها، والتي استمرت على مدى السنوات السابقة بمهاجمة جماعة أنصار الله – الحوثية، وكذلك تملك الجماعة منصات وفضائيات إعلامية لم تألوا جهداً على مدار سنوات الحرب بمهاجمة السعودية ودول التحالف ووصفهم بأنهم “أذرع الولايات المتحدة والمشروع الصهيوني”.
وبهذا الصدد يقول نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة “سبأ”، إن الأذرع الإعلامية لجماعة أنصار بدأت بتخفيف نبرتها تُجاه السعودية ودول التحالف، “وبدأت نهجاً إيجابياً لتهيئة ظروف تتناسب مع محادثات السلام”، إلا أنه شدد على أن نظيراتها السعودية “ما تزال تؤجج الخلاف وتصعد من لهجتها بهدف توجيه رسالة بأن المملكة هي الرابح في هذه المعركة” على حد قوله.
وحول المعركة الإعلامية أيضاً، ربط الدكتور الحربي المشهد الإعلامي بالتطورات الميدانية، إذ قال إن العمليات العسكرية الحوثية باتت “أقل بشكل ملحوظ” لاسيما بعد انتهاء الهدنة الأخيرة، مضيفاً أن هناك “خفوتاً في الزخم الإعلامي من الأطراف كافة”، وهو ما من شأنه إعطاء أجواء إيجابية لمفهوم السلام وطي صفحة الماضي.
دور دول الإقليم
وبالنسبة لدور دول الإقليم في عملية السلام، عبّر نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء “سبأ”، عن أهمية تفعيل دول الإقليم لنفوذها على أطراف الأزمة، للوصول إلى حل سريع للأزمة.
وهو أيضا ما اتفق عليه أيضاً الدكتور محمد الحربي عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية، الذي أكد على أن التقارب السعودي الإيراني الأخير، هو العامل الرئيس في “حلحلة الأزمة اليمنية”، وشدد على أن إيران ماتزال “الأب الروحي للحوثيين” وأن “الحل والربط في الملف اليمني بيدها”.
ماذا عن موقف دول التحالف الأخرى؟
وفي إجابته لسؤال لبي بي سي، بين الدكتور محمد الحربي، أن البوادر الأولية تشير إلى السعودية تتحرك على الساحتين الإقليمية والدولية ضمن “كتلة سياسية واحدة تجمع دول مجلس التعاون الخليجي -أغلبها مشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية- ولا يبدو أن السعودية تعمل بشكل منفرد خاصة بالملف اليمني”.
وسيطرت جماعة الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014، ما أدى إلى صراع مع الحكومة التي حظت بدعم تحالف عسكري قادته الرياض على مدى ثماني سنوات، إلا أن التقارب السعودي الإيراني المفاجئ، أنعش الآمال بخفض التوترات في اليمن.
ويعاني اليمن من أزمة إنسانية قاسية جراء الحرب، وطبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة يعاني 17.3 مليون يمني من أصل أكثر من 21.7 مليون، من فقر مدقع وحاجة ماسة لمساعدات إنسانية على الفور.