BBC العربية
اهتمت الصحف البريطانية الصادرة صباح الأحد بما يجري في السودان. وقالت الصنداي تايمز إن اندلاع العنف بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية والجيش السوداني خلّف قتلى من المدنيين وأشعل المخاوف من اضطراب واسع النطاق.
ووصفت الصحيفة محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على القصر الرئاسي وثلاثة مطارات على الأقل بأنها محاولة انقلاب.
ولفتت إلى أن قادة الطرفين المتنازعين يتقاسمان السلطة في السودان في غير ارتياح منذ 2021، لكن التوترات احتدت مؤخرا إزاء مفاوضات على تسليم السلطة للمدنيين.
“حرب أهلية شاملة”
ونقلت الصنداي تايمز عن ياسر عبد الله، مدير تحرير صحيفة السوداني، القول إن البلاد تنزلق إلى “حرب أهلية شاملة على نحو خطير للغاية”.
ونوهت الصحيفة إلى أن مُطلق شرارة العنف الأولى لا يزال غير معروف على وجه التحديد. ويقول الجيش إن قواعده العسكرية قد هوجمت من قِبل قوات الدعم السريع التي تتهم بدورها الجيش بأنه مَن استهدف مقرات تابعة لها، متحدثة عن انقلاب بالنيابة عن الرئيس المخلوع عمر البشير.
ولفتت الصحيفة إلى أن التوترات برزت حول مقترح بدمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش الوطني، لكن كلا الطرفين لم يتفقا على إطار زمني أو على مَن يقود الكيانين حال دمجهما معا.
وفي ظل هذا الاختلاف جعل كل من الجنرالين يعزز قواته ويصدر بيانات تهديدية للآخر. ومن ذلك تصريح أدلى به قائد الدعم السريع الجنرال حميدتي لقناة الجزيرة بأن قواته البالغ عددها نحو 100 ألف سيقاتلون حتى الاستيلاء على كل قواعد الجيش، متهما قائد الجيش الجنرال البرهان بأنه “مجرم” وينبغي إما قتله أو “محاكمته”.
ضربة جديدة للآمال
وفي الشأن نفسه، كتبت صحيفة ميل أون صنداي تقول إن قتالا ضاريا مستعراً في السودان بين الجيش والدعم السريع بعد أشهر من التوتر بين الجانبين انتهت إلى محاولة انقلاب يوم السبت.
ورأت الصحيفة أن هذا العنف يمثّل ضربة جديدة للآمال في انتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي، بينما يشعل المخاوف من اتساع نطاق الصراع.
ولفتت إلى أن الخلاف بين حميدتي والبرهان تسبب مرّتين في تأجيل إبرام اتفاق مع قوى مدنية من شأنه أن يرسم خارطة طريق لاستئناف مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أوقفه انقلاب عسكري في 2021.
“تحالف جديد من الأنظمة الأوتوقراطية”
ونعود مجددا إلى صحيفة الصنداي تايمز حيث نطالع مقالا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر يقول فيه إن حلفاءً إقليميين للغرب في المنطقة العربية يتحدّون أمريكا عبر الاتجاه إلى تدشين ما وصفه بـ “تحالف جديد من الأنظمة الأوتوقراطية”.
وأشار سبنسر إلى اجتماع وزراء من دول عربية في جدة لبحث تطبيع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا. كما رصد الكاتب إعلان السعودية وسوريا عن استئناف رحلات الطيران والخدمات القنصلية، كخطوة تمهيدية على صعيد إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين.
وناقش الوزراء عودة سوريا إلى الجامعة العربية التي تعبّر رمزيا عن الوحدة العربية رغم تواضع ما لها من نفوذ على أرض الواقع، بحسب صاحب المقال. وكانت الجامعة علّقت عضوية سوريا في 2012 بعد أن رفض نظام الأسد التفاوض مع المتظاهرين.
ويرى سبنسر أن هذا النقاش يُعدّ بمثابة علامة على مزيد من تحوّل العالم العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص عن الاعتماد على أمريكا بوصفها مُحكّم للعلاقات الدولية، مشيراً إلى رفض الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى أي “تطبيع” مع نظام الأسد.
ولفت الكاتب في مقاله إلى تزامنٍ وقع بين زيارتين للسعودية الأسبوع الماضي: إحداهما لوزير الخارجية السوري فيصل مقداد، أما الثانية فكانت لوفد إيراني ذهب إلى الرياض للإعداد لفتح سفارة طهران مجددا.
ونوّه سبنسر إلى أن سوريا وإيران تأتيان ضمن أكثر أربع دول تخضع لعقوبات من قوى غربية بينها أمريكا وبريطانيا.
ولفت الكاتب إلى ترحيب تلك القوى الغربية بنزع فتيل التوتر بين السعودية وإيران، وإلى ارتياح تلك القوى كذلك لوقف إطلاق النار في اليمن – الذي طالما كان يُنظر إليه كثقب أسود على الصعيد الإنساني، كما كان مثار انتقادات لاذعة بسبب مبيعات الأسلحة للسعودية.
لكن واشنطن مع ذلك قلقة من أن يؤدي هذا القبول الجديد للوضع الراهن في سوريا وإيران واليمن إلى تقوية جبهة إيران وروسيا – الداعم الرئيسي الآخر لنظام الأسد.
ورأى سبنسر أن أكبر مستفيد من هذا الواقع الجديد هي الصين التي رعت الاتفاق بين السعودية وإيران مستغلة انحسار الفهم في الخليج للاستراتيجية الأمريكية بعيدة المدى، على حد تعبير الكاتب.
صدمة تسريبات البنتاغون “مبالغ فيها”
ونختتم جولتنا من صحيفة آي التي نشرت تقريرا للكاتب باتريك كوكبيرن حول واقعة تسريب وثائق البنتاغون السرية. ورصد الكاتب ما أثاره اعتقال عضو الحرس الوطني الأمريكي جاك تيكسيرا، المشتبه به في هذه الواقعة، من صيحات الاستياء والدهشة.
ورصد كوكبيرن كذلك ما قاله محللون لهم صفة الخبراء العسكريين أن أسراراً خطيرة تم الكشف عنها بما يضرّ بحلفاء أمريكا ويعرّض حياة قوات خاصة في حلف شمال الأطلسي الناتو للخطر، فضلا عن الإضرار بجهود بُذلت على صعيد الحرب الأوكرانية.
وأعرب الكاتب عن تشكّكه في وقوع أي شيء ذي بال جرّاء تلك التسريبات، مشيراً إلى أن الحديث عن صدمة حلفاء أمريكا من أنها تتجسس عليهم هو حديث غريب؛ ذلك أن أكثر هؤلاء الحلفاء سذاجة يفترضون أنهم يخضعون للمراقبة.
أما الكشف عن بيع مصر نحو 40 ألف قذيفة مدفعية لروسيا -التي تطلق ما بين 20 إلى 40 ألف قذيفة في اليوم الواحد في أوكرانيا- فهو أمر لا يكاد يلفت النظر.
وكذلك الأمر بخصوص تفاخُر مسؤول روسي بالتعاون الاستخباراتي بين بلاده والإمارات العربية المتحدة ضد أمريكا وبريطانيا، فهو يبدو مبالغا فيه وغير ذي أهمية تُذكر، على حد تعبير الكاتب.
وفيما يتعلق بالموساد، وما كشفته التسريبات من تشجيعه لعملائه على الانضمام لصفوف المتظاهرين المحتجين على محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السيطرة على المحكمة العليا في البلاد: فحتى لو كان هذا صحيحا، فليس فيه ما يدعو إلى الدهشة على الإطلاق.
ومضى الكاتب قائلا إنه فيما يتعلق بتعريض تلك التسريبات “حياة البعض للخطر”، فإن هذا الاتهام عادة ما تلجأ إليه مؤسسات الجيش عندما تنكشف وثائقها الداخلية للعلن. وللتمثيل على ذلك عاد كوكبيرن بالأذهان إلى عام 2010 بعد تسريبات ويكيليكس وثائق عسكرية ودبلوماسية، مُذكّراً كيف وجّه البنتاغون الاتهامات ذاتها في ذلك الوقت.
أما ما ورد في التسريبات بشأن الصعوبات التي تكتنف دعم أوكرانيا، فإنه يتردد بشكل متواتر على ألسنة القادة الأوكرانيين في مطالباتهم المتكررة لحلف الناتو بتقديم المزيد من المساعدات إليهم.