/العمانية/
أونتاريو في 2 أكتوبر
/العُمانية/ صدرت حديثًا عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو بكندا، رواية جديدة بعنوان
“طبول الوادي” للروائي العُماني محمود الرحبي.
يضعنا الرحبي منذ بداية
روايته في قلبِ أحداثٍ تبدو للوهلة الأولى بسيطة، غير مؤثرة، لكنها مليئة
بالتفاصيل التي تحيلنا إلى تراكم مشاعر قوية، تزيح كل الصور النمطية للذات البشرية
وهي تنشدُ التغيير. هناك شيءٌ ما سيتحطم ويقلب موازين ما كان مسطورًا سلفًا ومكتوبًا
لأن يُثبّت بحكم الزمن والعادات وطبيعة الحياة في سيرورتها الرتيبة. فتلك السيارة
التي انطلقت بسرعة مجنونة نحو المجهول كانت تمنح بطل الرواية سالم، وهو يبتعد لأول
مرّة عن قريته كل تلك المسافة؛ هواءً آخرَ مغايرًا حتى إن الشرود سيُمسي مهربًا،
ومدعاةً لطرح أسئلةٍ عادية على سبيل: “أين سأهبط؟ أين سأنام؟ وكيف سأتدبّر
أموري في الأيام المقبلة؟.
هذه الأسئلة وأخرى ما
تنفكّ تتحوّل إلى أسئلة أعمق، وجودية على نحوٍ ما، لإثبات الذات ومواجهة مصاعب غير
مرتقبة تُلقى على كتفِ الشاب الهارب من مشيخة أبيه والرهان على خلافته في
“وادي السحتن”، في تحدٍّ صريح باللاعودة، وقد وجدَ بالصدفةِ، وتشابك
المصائر، المكان الذي ينتمي إليهِ، حيث لا رقيب ولا حسيب إلّا ما يضيف على كتفهِ
النحيلةِ شغفًا جديدًا لاكتشاف حياةٍ كان ليُودِّعَها في لحظةِ غضب الأب، أو كما
تصوّر: “عليَّ، منذ الآن، تقبُّل كل أنواع الظروف مهما كان حالُها، مغبرةً أو
سوداء”.
جاء في كلمة الغلاف، عن
الرواية وما صاحبَ بطلها من انتقالات وتحوّلات مصيرية خلال رحلته: “يهرب سالم
من أبيه الصارم ومشيخته في “وادي السحتن” إلى “الامبرطورية
الصغيرة” حيث الأرض التي سقطت بين ثلاثة جبال “وادي عدي”، ليجد فيها
ملاذه ومستقره، بينما قرعُ الطبول لا يفارقه. إنها طبولُ الهرب والجوع نسمعها
خارجة من أحشائه، إنها طبول الطموح والأمل، مصحوبة بالمجهول والمرتقب، وهي تعلو
وتُبطئ وتسرع على هدي هذه الرحلة الروائية البديعة التي ينسجها الروائي العُماني
محمود الرحبي في إيقاع تخييلي وتوثيقي”.
ويُعيدنا الرحبي، إلى زمن
الطفولة والمغامرات التي تكسر القوانين الأبوية الصارمة، وبحث دائم عن مخابئ سرية
لنسجِ الأحلام، وسطَ حشدِ فتيانٍ حالمين يصبح رغبةً متجدّدة. كما نقرأ أو نرى
بأمِّ أعيننا مشاهدَ قاسية من منظومة بعض الآباء وحِدَّتهم في التصرف مع أبنائهم
وضيوفه وأهل القرية، والتوجس الذي لا يفارق سالم وهو ينظرُ إلى نفسه، وكيف سيتحوّل
إلى نسخة مطابقة لأبيه إن هو رضي بمصيره ولم يمدّ يده ويمزّق جبّة القدَر.
وينطلقُ الروائي في
رحلتهِ مع سالم، لينقل لنا بعينيهِ المندهشتين على الدوام، مشاهداتهِ اليومية في إمبراطوريته
الصغيرة “وادي عدي” ونتعرّف من خلالهِ على شخصياتٍ لها حكاياتها الخاصة،
وأمكنةٍ يكتشفها وسط زحمة البحث عن لقمة العيش، ومهنٍ يتعلّمها بسرعةٍ ليقول: ها
أنا.
الجدير بالذكر أن “طبول
الوادي” لـ محمود الرحبي، روايةٌ توثيقية وخيالية في آن معًا، ترسم لوحةً
بانورامية عن عُمان الثمانينات، تصدر عن محترف أوكسجين للنشر، لتروي لنا في 176
صفحة، وبلغةٍ منحوتة من حجر البيوت والطرقات والجبال، التحوّلات العميقة التي جعلت
من المكانِ حاملًا سرديًّا لتلك الفترة، ينعكسُ على شخصيّاتٍ تمثّل بدورها
أمكنتَها، وتختلف أحلامُها، بقدرة كل شخصيةٍ على مطاردتها حتى التحقّق.
والكاتب محمود الرحبي قاص
وروائي وصحافي عُماني من رواياته: “خريطة الحالم” (2010)، و”فراشات
الروحاني” (2013)، و”أوراق الغريب” (2017)، و”المموّه”
(2023)، ومن مجموعاته القصصية: “ساعة زوال” (2012)، و”أرجوحة فوق
زمنين” الحائزة على المركز الأول في جائزة دبي الثقافية (2009)، ووصلت
مجموعتاه القصصيتان “لم يكن ضحكًا فحسب”، و”صرخة مونش” إلى
القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية، كما تُرجمت قصصه إلى اللغات
الإنجليزية والإسبانية والروسية والتركية.
/العُمانية/
النشرة الثقافية/عُمر
الخروصي
Source link