رويترز
من حسام المصري ومحمد سالم
غزة (رويترز) – تسلق معين أبو عودة كومة من الأنقاض في جنوب غزة بحثا عن ملابس وأحذية وأي شيء يمكن بيعه لجمع المال بعد أكثر من عام منذ بدء إسرائيل قصفها للقطاع الفلسطيني.
وأخذ أبو عودة، وهو أب لأربعة أطفال، ينقب وسط الكتل الخرسانية ويزيل الغبار في أحد المواقع الذي دمرته ضربة جوية في مدينة خان يونس. وجاء أبو عودة إلى الموقع كي ينتشل كل ما في وسعه من ملابس ليبيعها ويشتري بثمنها الطحين (الدقيق).
وقال “أنا هنا باجي (أتيت إلى هنا) بأبحث تحت الدار باطلع أواعي (ملابس) للصغار وأواعي لأهلي، ايش بالاقي أواعي (أي ملابس أجدها) بطلع اللي بيزيد عنا (أحمل ما يزيد عن حاجتنا) لإخوانا النازحين من غزة ومن رفح، من هين ومن هين، (من هنا وهناك) بنبيع، بنترزق (بنحصل على) اللي ربنا بيقدرنا عليه، لكن الوضع اللي وصلنا هذا هو”.
وأضاف “نيجي كل يوم نشتغل عشان نطلع أواعينا ولباستنا والحمد لله على كل حال… أنا اليوم أما بابيع بنطلونين وبلوزتين جوكتين (سترتين) كذا بألم (أجمع) لي 300 أو 400 شيقل باروح اشتري بهم كيس طحين يعني لو الأكل موفر والشرب موفر، صدقني بأطلعهم لله ما تفرقش معايه، لكن الضيق اللي إحنا فيه خلانا نبيع أواعينا عشان ناكل ونشرب في النهاية”.
وأدى النقص الواسع النطاق في المواد الغذائية والحرب الطاحنة منذ أكثر من عام إلى نشوء تجارة في الملابس المستعملة التي انتُشل الكثير منها من منازل من لقوا حتفهم في الصراع.
وفي أحد الأسواق المؤقتة، ألقيت أحذية وقمصان وسترات وأحذية رياضية على بطانيات متربة.
وجربت فتاة حذاء مهترئا ترجو أن يقي قدميها في هذا الشتاء إذا استطاعت تحمل كلفته في ظل الاقتصاد المدمر في غزة.
ووقف أحد التجار يروج لبضاعته قائلا أنها أوروبية في محاولة لأن يتفوق على منافسيه.
وضحك أحد الرجال حين طلب من صبي صغير أن يجرب ارتداء سترة خضراء.
وقال النازح الفلسطيني لؤي عبد الرحمن “بنبيع للناس أواعي مستخدمة، طبعا إحنا مقبلين على فصل الشتاء، الناس محتاجة لملابس، ملابس شتوية بيحموا حالهم من البرد والصقيع والأمطار كي يدفوا (يستدفئوا) حالهم، فمضطرين نفتح بسطة (طاولة) متواضعة لبيع المستخدم لأن الوقت المعابر مسكرة (مغلقة) وفيش (لا يوجد) ملابس تدخل عنا”.
وأضاف أن الملابس التي يبيعونها “بتجينا (تأتينا) من واحد بيته مقصوف (تعرض لقصف) وبيحفر… وبتشري منه وبنبيعهم بسعر كويس يعني احنا في وضع اللي جاي يشتري وضعه صعب واللي جاي يبيع لنا جاي يبيع عشان وضعه صعب ودا احنا الحمد لله بنقول”
ووصل عبد الرحمن هو وعائلته إلى المدينة من جزء آخر من غزة وليس معهم إلا الملابس التي يرتدونها.
وقال “إحنا جينا من الشمال هنا مفيش هدمة (سترة) واحدة علينا غير أواعينا اللي علينا… طبعا مر علينا فصول صيف شتا، بدنا أواعي بدنا نلبس، يعني كتير ناس طلعوا من رفح أول شتا لهم هين (هنا) طبيعي بدهم ملابس يدفوا فيها فالوضع صعب فبيجوا هنا بيشتروا باسعار كويسة”.
وبعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الثاني 2023 دمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية القطاع فتراكم نحو 42 مليون طن من الحطام في أماكن كان فيها منازل ومساجد ومدارس ومتاجر.
وفي أبريل نيسان، قالت الأمم المتحدة إن التخلص من الحطام قد يستغرق 14 عاما. وقال مسؤول من الأمم المتحدة إن عملية إزالة الركام ستكلف 1.2 مليار دولار على الأقل.
وقال سعيد دولا، وهو أب لسبعة أطفال “أولادي فيش عندهم أواعي، وداخل عليهم فصل الشتاء… وإحنا يعني عمالين ندور على طحين وبندور على الملابس من أجل أطفالنا، يعني كل أطفالنا بنص كم ومفيش حد مدور (يكترث لهم) عليهم ولا سائل عليهم والحرب شملت الكل وأواعينا راحت بغزة ودورنا، وأحنا جايين زي ما أنت شايف ع البالة (الملابس المستعملة)”.