www.atheer.om
أثير- تاريخ عمان
إعداد: د.محمد بن حمد العريمي
حاز القطاع الصحي في سلطنة عمان اهتمامًا كبيرًا منذ بدايات النهضة العمانية الحديثة، وكان هذا القطاع من أولويات السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم؛ فتم إنشاء العديد من المستشفيات، والعيادات، والمراكز الصحية، بالإضافة إلى الفرق المتنقّلة كي تصل الخدمات الطبية إلى كل مواطن يعيش على هذه الأرض.
“أثير” تتذكر مرور 48 عامًا على افتتاح مبنى مستشفى السلطان قابوس بصلالة الذي افتتح يوم السبت بتاريخ 22 يناير 1977م تحت رعاية السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور طيّب الله ثراه، وقامت الصحف ووسائل الإعلام المحلية وقتها بتغطية حفل الافتتاح.
احتفل تحت رعاية السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه يوم السبت 22 يناير بافتتاح مستشفى قابوس الجديد في صلالة، وذلك بحضور عدد من أصحاب السمو أفراد الأسرة المالكة، وأصحاب المعالي الوزراء، وأصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية وكبار رجال الدولة، وكبار ضباط الجيش والشرطة.
وعند وصول السلطان قابوس إلى مكان الحفل في الساعة الحادية عشرة والربع صباحًا أدّت ثلّة من شرطة عمان السلطانية التحية لجلالته، ثم عزفت الموسيقى السلام السلطاني. وقد بدأ الاحتفال بتلاوة مباركة من آي الذكر الحكيم، ثم ألقى معالي الدكتور مبارك بن صالح الخضوري وزير الصحة وقتها كلمة بهذه المناسبة توجّه فيها بالشكر إلى السلطان قابوس لتفضله بافتتاح هذا المستشفى الذي يدخل في نطاق الإنجازات العديدة التي تحققت على أرض عمان.
وقال معاليه إن المستشفى الجديد سيوفر للمواطنين من أبناء المنطقة الجنوبية اكتفاءً ذاتيًا في الخدمات المتخصصة في كافة المجالات الطبية. كما سيكون محور الارتكاز الرئيسي للخدمات الصحية للمنطقة الجنوبية.
وبعد الانتهاء من مراسم حفل الافتتاح تجوّل السلطان قابوس يرافقه معالي وزير الصحة وعدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، في أرجاء المستشفى، حيث اطّلعوا على عددٍ من الأقسام التي يضمّها، وتفقّدوا العنابر والأجهزة الطبيّة، والتقوا بأفراد الطاقم الطّبي العاملين في المستشفى، كما استمعوا إلى شرح مفصّل عن أقسام المستشفى وما يحتويه.
وقد استغرق بناء المستشفى الجديد حوالي سنتين حيث بدأ العمل فيه في 14 سبتمبر عام 1974، وانتهى في ديسمبر 1976، وقد استقبل أول مريض في 22 ديسمبر 1976، وبلغت تكاليف إنشائه وتجهيزه (12) مليون ريال عماني، وقد شيّد على قطعة أرض مساحتها(200000) مئتي ألف متر مربّع بسعة (300) سرير، حيث بدأ العمل بعدد (150) سريرا في المرحلة الأولى، وقد ضم عدّة أقسام رئيسة هي: القسم العلاجي واشتمل على معالجة الأمراض الباطنية، وخدمات العناية المركّزة. والقسم الجراحي واشتمل على صالة جراحية كبرى، وصالتان للعمليات الجراحية الصغرى. وأجنحة للأطفال، والعيون، وأمراض الدرن، وأمراض النساء والولادة، وأمراض الأنف والأدن والحنجرة، والأسنان، والأمراض النفسية، والمعالجة الطبيعية، ووحدة الإسعاف والطوارئ، والعيادات الخارجية.
تاريخ الخدمات الصحية الحديثة في ظفار
تعود بداية الاهتمام بالخدمات الصحية الحديثة في ظفار إلى النصف الأول من القرن العشرين وتحديدًا إلى عام 1938م، ولعل أبرز الإشارات على ذلك هو تأسيس السلطان سعيد بن تيمور لعيادة طبّية في مدينة صلالة مقابل المبنى القديم للمدرسة السعيدية وتبعد عن حرم قصر الحصن بحوالي 300 متر، وتعيين الدكتور أحمد شفيق الربيعي الذي كان يملك وقتها عيادة في مطرح، للإشراف على العيادة الجديدة في صلالة، وذلك في منتصف عقد الثلاثينيات من القرن العشرين.
ويذكر عادل بن أحمد الربيعي أثناء تناوله لسيرة والده، أن السلطان سعيد بن تيمور أثناء مقابلته للدكتور أحمد شفيق في المرة الأولى أمره بأن يعدّ قائمة بما تحتاجه العيادة الطبية الجديدة من أجهزه، وما تتطلبه من الأدوية والحبوب وأدوات التعقيم والتضميد، وأجهزة فحص الدم،وبكميات تكفي لمدة عامٍ واحد، وتم تكليف الدكتور الربيعي بالسفر إلى بريطانيا لشراء الأدوية والمعدات المطلوبة بواسطة شركة (تشارلز كندل)، وتم شحن المستلزمات الطبية بواسطة سلاح الجو الملكي البريطاني الموجود وقتها بقاعدة صلالة الجوية.
وقد وظّف الدكتور أحمد شفيق الربيعي معه في العيادة عددًا من أبناء ظفار ودرّبهم على الإسعافات الأولية وبعض جوانب التمريض، ومن بينهم: محمد حبريش، وظفار بن عوض، ووليد بن فرج، وغيرهم من الطاقم الطبي المعاون له.
وكانت عيادة الحصن تفتح يوميًا من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة الثانية ظهرًا، والعلاج في العيادة مجّاني لا سيما تضميد الجروح وبعض العمليات البسيطة، وكذلك صرف الأدوية العلاجية كالحبوب المختلفة وبعض الحقن.
وفي بداية عصر النهضة المباركة تم تجهيز مبنى مشيّد سابقًا مقابل مدخل حي الشاطئ وصيانته ليكون أول مستشفى بعد عيادة الحصن المتواضعة، فجرى تجهيزه بمعدات طبيّة تلائم المرحلة الجديدة. كما تم توظيف عدد من الأطباء والممرضين من خارج السلطنة، ونقل الموظفين العاملين في عيادة الحصن ليلتحقوا بالعمل في المستشفى الجديد الذي افتتح في أبريل من عام 1971م.
وكان السلطان قابوس قد أشار إلى افتتاح هذا المستشفى عندما سأله موفد جريدة العربي الكويتية الصحفي سليم زبّال السؤال التالي: هل سيمتد الإصلاح إلى منطقة ظفار؟ فأجب السلطان قابوس بأنه في خلال هذا الشهر (مارس) نأمل أن نفتتح أبواب المستشفى الذي أقمناه في صلالة.
كما تم افتتاح مراكز للخدمات الطبية في المناطق التابعة للقوات المسلحة في ظفارـ وأصبح السكّان يتلقّون التطعيمات لأول مرة. كما تم استحداث قسم للأمراض الصدرية في مستشفى صلالة بالإضافة إلى تقديم الخدمات العلاجية في حالات الجراحة العامة والولادة، واستقبال المرضى في العيادات الخارجية، إلى جانب زيادة عدد الأسرّة ضمن الخطة التوسيعية للمستشفى في 26 نوفمبر 1975م.
وافتتح في مطلع عام 1974م مجمّع صحّي صلالة للصحة العامة، بهدف رعاية الأمومة والطفولة، ومراقبة الأغذية، ومكافحة الحشرات، ومكافحة الأمراض المعدية، والقيام بأعمال الحجر الصحي، والصحة المدرسية، وتسجيل المواليد، والوفيات.
كما كانت سلطنة عمان تتبع أسلوب (الطبيب الطائر)، حيث تقوم الطائرات بحمل طبيب مع معداته إلى المناطق الجبلية والبعيدة، وفي محافظة ظفار كانت الطائرات العمودية تتنقل ما بين (39) مركزًا في الأسبوع وعلى متنها طبيب أو طبيبة، لتقديم العلاج، أو لنقل من تتطلب حالته إلى مستشفى صلالة.
صحيفة أثير الالكترونية
المراجع
- الخنصوري، أمل بنت سيف. الأوضاع الصحية في عُمان (1888 – 1975م)، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، 2023
- الربيعي، عادل بن أحمد. الدكتور المرحوم أحمد بن شفيق الربيعي، ط1، بدون دار نشر، مسقط، 2024.
- زبّال، سليم. تقرير بعنوان “عمان تنفتح على العالم”، مجلة العربي، العدد 148، مارس 1971، الكويت.
- مجمع للصحة العامة يقام في صلالة خلال العام الحالي تكاليفه ربع مليون ريال، دار جريدة عمان للصحافة والنشر، 9 فبراير 1974مـ.
- مستشفى قابوس مركز إشعاع صحي في المنطقة الجنوبية، تقرير منشور في مجلة الأسرة، العدد 183، 1 أغسطس 1982م.
- جريدة عمان، العدد 278، الثلاثاء 25 يناير 1977، السنة الخامسة.
- مجلة النهضة، فبراير 1977.