عواصم
في 17 نوفمبر /العُمانية/ تستضيف العاصمة الأذربيجانية باكو خلال الفترة من 11 إلى
22 نوفمبر الجاري أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ التاسع والعشرين (COP29) بمشاركة قادة الحكومات وممثلي الشركات
والمجتمع المدني.
ويسعى
المشاركون إلى إيجاد حلول ملموسة للقضية الحاسمة في عصرنا، حيث تصل درجات الحرارة
العالمية إلى مستويات قياسية ويتأثر الناس في جميع أنحاء العالم بالأحداث الجوية
المتطرفة.
ويركز
مؤتمر المناخ الحالي بشكل أساسي على التمويل، حيث هناك حاجة إلى تريليونات
الدولارات حتى تتمكن البلدان من الحدّ بشكل كبير من انبعاثات الغازات المسببة
للاحتباس الحراري وحماية الأرواح وسبل العيش من التأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ.
كما
يشكل المؤتمر منصة مثالية للدول لتقديم خطط العمل المناخي الوطنية المحدثة بموجب
اتفاقية باريس للمناخ، حيث يجب أن تكون الخطط متسقة مع الحدّ من ارتفاع درجة
الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية.
وخاطب
معالي أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة المشاركين في القمة، قائلًا:
“نحن بحاجة إلى جهد عالمي هائل لتوجيه عالمنا إلى طريق الأمان. أنتم في
المقدمة، تساعدون المستهلكين والمستثمرين والمنظمين على فهم ما يبدو عليه صافي
الصفر الموثوق به”.
وفي
هذا السياق، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء التي خطتها أقلام الكُتّاب
في عدد من الصحف العالمية وركزوا في مقالاتهم على ضرورة تحويل التعهدات
المناخية إلى إجراءات ملموسة، وجدوى مؤتمر المناخ كمحرك قوي للتغيير، وضرورة دعم
الجنوب العالمي في سياق قضية المناخ بالإضافة إلى تأثير عودة ترامب للسلطة على
الجهود المناخية.
فصحيفة
“تايمز أوف مالطا” نشرت مقالًا بعنوان: “أزمة المناخ: أكثر إلحاحًا
من أي وقت مضى” بقلم الكاتب “راشيل بويل”.
واستفتح
الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الفيضانات الكارثية وحرائق الغابات الشديدة قد
اجتاحت البحر الأبيض المتوسط، مخلّفة وراءها أرضا محروقة وأرواحا محطمة.
وأكد
على أن هذه الكوارث حوادث لم تعد معزولة – بل هي علامات واضحة على تفكك المناخ-
على حدّ وصفه.
ويرى
الكاتب أن بعد ما يقرب من 30 عاما من مؤتمر الأطراف الأول في برلين، تظل أزمة
المناخ ملحة كما كانت دائما، حيث يتأرجح العالم بشكل خطير بالقرب من العتبة للحفاظ
على الانحباس الحراري العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل
الصناعة.
وطرح
تساؤلًا مفاده: هل سيعيد مؤتمر الأطراف في باكو إشعال الزخم العالمي وتحويل
التعهدات إلى إجراءات ملموسة وقابلة للتنفيذ؟
ومن
وجهة نظره فإن هذا الأمر يحتاج إلى قليل من الانتظار حتى نهاية الحدث، محذرا من أن
العالم لا يمكنه تحمل مؤتمر آخر مليء بالوعود الفارغة.
ولفت
الكاتب إلى أنه من المقرر أن يعطي مؤتمر المناخ التاسع والعشرون، الذي جاء تحت
عنوان “مؤتمر الأطراف المالي”، الأولوية لتحدٍّ رئيسٍ وهو تأمين هدف تمويل
سنوي جديد لمساعدة الدول النامية في مكافحة تأثيرات تغير المناخ.
ويرى
أن الأسئلة الملحة واضحة، وهي: ما مقدار التمويل الذي ستلتزم به الدول المتقدمة؟
من الذي يجب أن يتحمل هذه المسؤولية المالية؟ أي الدول النامية ستستفيد في نهاية
المطاف من هذه الأموال الحاسمة؟
من
جانبه، طرح الكاتب “كارابو موكونيانا” وهو ناشط في مجال الطاقة
المتجددة، تساؤلًا مفاده: مؤتمر المناخ، هل هو مؤتمر كلامي عديم الفائدة أم محرك
قوي للتغيير؟
وأشار
في مقاله الذي نشرته صحيفة “ميل آند جارديان” جنوب الأفريقية إلى أنه في
الوقت الذي يضع فيه العالم أنظاره على مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة
الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29)، الذي يعقد في باكو، يظل السؤال حول ما إذا كانت هذه المؤتمرات
فعّالة أم لا.
وبين
أن مؤتمر هذا العام سيركز على تعزيز أهداف تمويل المناخ العالمي، وتعزيز الالتزامات
وتعزيز العمل المتعلق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية
باريس.
وتشمل
الموضوعات الرئيسة الحدّ من الانحباس الحراري العالمي، والتكيف مع التأثيرات المناخية
وتعبئة الموارد المالية لهذه المبادرات.
ويرى
الكاتب أن مؤتمرات الأطراف مفيدة لأنها تجمع ممثلين من 197 دولة للتفاوض والاتفاق
على العمل المناخي، واتخاذ قرارات تاريخيّة لها تداعيات عالميّة.
ولفت
إلى أن مؤتمر الأطراف سهل إبرام اتفاقيات حاسمة، مثل بروتوكول كيوتو في مؤتمر
الأطراف الثالث، واتفاقية باريس في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين، وميثاق غلاسكو
للمناخ في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين، وصندوق الخسائر والأضرار في مؤتمر
الأطراف السابع والعشرين.
وتعكس
كل من هذه المعالم الالتزام الجماعي للدول بمواجهة أزمة المناخ وتنفيذ استراتيجيات
قابلة للتنفيذ لمكافحة آثارها.
وقال
الكاتب إن مدى فائدة هذه المؤتمرات تظل موضع تساؤل متزايد، بالنظر إلى البطء في
تنفيذ إجراءات المناخ والقرارات المتفق عليها في المؤتمرات السابقة.
وأضاف
أنه على الرغم من وجود عملية مؤتمر الأطراف منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، فإن العالم
لا يزال على المسار الصحيح لارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من درجتين
مئويتين. ويثير هذا الواقع مخاوف بشأن فعالية اجتماعات مؤتمر الأطراف وقدرتها على
دفع التغيير الهادف.
من
جانبها، نشرت صحيفة “بانكوك بوست” التايلندية مقالًا بعنوان: مؤتمر
المناخ 29: هل من عدالة للجنوب العالمي؟ بقلم الكاتب “فينكاتاشلام
أنبوموجي” وهو زميل أبحاث أول في مجال الابتكار في معهد البحوث الاقتصادية
لرابطة دول جنوب شرق آسيا.
واستهل
الكاتب مقاله بالتأكيد على أن مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لاتفاقية الأمم
المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) في أذربيجان يشكل فرصة محورية لتسريع العمل المناخي.
ونوه
إلى أنه مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية تؤثر على البلدان
النامية في الجنوب العالمي والأحداث الجوية المتطرفة التي تؤثر على المجتمعات في
جميع أنحاء العالم، يجمع مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون قادة الحكومات والشركات
والمجتمع المدني للتقدم بحلول ملموسة للأزمة التي تحدد عصرنا.
وبين
أن المؤتمر، المعروف باسم “مؤتمر الأطراف المالي”، يشهد اجتماع 198
طرفًا لأول مرة منذ 15 عامًا لتحديد هدف جديد لتمويل المناخ العالمي، مشيرًا إلى
أن المناقشات المركزية في باكو تركز على تعزيز طموحات المناخ للجنوب العالمي
وتمكين تدفقات التمويل من الشمال العالمي لدعم هذه الجهود.
ويرى
الكاتب أنه يتعين على المندوبين في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين السعي إلى تحقيق
نهج متوازن للتخفيف والتكيف، وتحسين جودة الاستثمارات من خلال الأدوات المالية
العامة الاستراتيجية التي تساعد البلدان النامية على الوصول إلى التكنولوجيات
الخضراء المتقدمة.
وأكد
على أن تفعيل المادة السادسة من اتفاق باريس أمر بالغ الأهمية لتمويل الإجراءات المناخية
وتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
ووضح
أن المادة السادسة تركز على أسواق الكربون، حيث يمكن للدول والشركات في الجنوب
العالمي بيع أرصدة خفض انبعاثات الغازات المسبّبة للانحباس الحراري للكيانات في
الاقتصادات المتقدمة.
ويمكن
لهذه الأسواق أن تولد تدفّقات نقدية حاسمة للمشروعات الخضراء، مما يسمح للإسهامات من
القطاع الخاص بتمويل الإجراءات المناخية.
وقال
إنه مع ذلك، يمثل الجنوب العالمي حاليًا أقل من عُشر الانبعاثات التي تغطيها مخططات
تسعير الكربون، وتظل أسواق الكربون الناشئة مجزأة مع انخفاض أسعار الائتمان. وتظل
الأسئلة حول الشفافية والفعالية في دفع تخفيضات الانبعاثات الحقيقية قائمة.
ويعتقد
الكاتب بأن مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين يمتلك القدرة على تحسين هذا الإطار من
خلال وضع مبادئ توجيهية قوية لضمان وصول التمويل الخاص إلى المشروعات الصحيحة
والاستفادة من المجتمعات المحلية في الجنوب العالمي.
من
جانب آخر، أكدت الكاتبة “جينيفر دلوهي” في مقالها الذي نشرته وكالة
“بلومبيرج” على أن دونالد ترامب يزيد من الشكوك المتزايدة في محادثات
المناخ.
وترى
أن انتخاب دونالد ترامب ــ وتعهده بالانسحاب الأمريكي مرة أخرى من الدبلوماسية
الدولية للمناخ ــ يشكل تهديدا حاسمًا لمكافحة الانحباس الحراري العالمي مع إغلاق
نافذة العمل الهادف.
ولفتت
إلى أن فوز ترامب جاء قبل أيام فقط من اجتماع ممثلي نحو 200 دولة في أذربيجان
لحضور مؤتمر المناخ السنوي للأمم المتحدة، مشيرة إلى أن هذا الاجتماع الذي يستمر أسبوعين يتزامن مع انتخاب رئيس جمهوري وعد بقيادة انسحاب آخر من اتفاق باريس
التاريخي لعام 2015.
واقتبست
حديث هارجيت سينغ، وهو ناشط مناخي في مبادرة معاهدة حظر انتشار الوقود الأحفوري،
الذي قال إن فوز ترامب “يمثل تصعيدا مثيرا للقلق لمخاطر المناخ على المجتمعات
الأكثر ضعفا في العالم”.
وأضاف:
“من خلال التراجع عن الالتزامات المناخية، تهدد تصرفات ترامب بتفكيك الثقة في
النظام العالمي المتوتر بالفعل بسبب اللامبالاة وعدم تحرك الدول الغنية”.
وبينت
أنه بعيدا عن التداعيات المترتبة على مؤتمر المناخ، قد تكون هناك عواقب أكثر
شمولًا. فتراجع الولايات المتحدة مرة أخرى عن التعاون المناخي من الممكن أن يمحو
أي أمل متبقٍ في إبقاء ارتفاع درجة حرارة العالم أقل من 1.5 درجة مئوية، وهو هدف
بالغ الأهمية منصوص عليه في اتفاق باريس.
وفي
سياق متصل، يرى الكاتب “ديماس كيبرونو” في مقاله الذي نشرته صحيفة
“ستاندرد” الكينية أن عودة ترامب لا ينبغي أن تقوض العمل المناخي
العالمي.
واستهل
الكاتب مقاله أنه بالإشارة إلى أن إعادة انتخاب دونالد ترامب قد أثارت مخاوف كبيرة بين
دعاة العدالة المناخية والعلماء وصناع السياسات بشأن مستقبل الكفاح العالمي ضد
تغير المناخ.
وبين
أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، كافح العالم من أجل التوحد كما فعل في عام
2015 عندما تم التوقيع على اتفاق باريس.
ووضح
أن قرار ترامب بالانسحاب من اتفاق باريس في يونيو 2017، والذي دخل حيز التنفيذ
رسميًّا في نوفمبر 2020، أشار إلى تحول مثير للقلق بعيدا عن الإجماع العالمي على
الحاجة الملحة لمعالجة تغير المناخ الناجم عن الإنسان.
وأضاف
أن هذا القرار قد جاء في وقت توصل فيه المجتمع العالمي إلى اتفاق إلى حدّ كبير بشأن
تهديد تغير المناخ وأسبابه وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة ومنسّقة.
/العُمانية/
أحمد
صوبان