عواصم في 26 ديسمبر /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من
الآراء حول قضايا مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها
وتتعلق بتنامي الإجماع الدولي على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، والسياسات
الصناعية في العالم الحقيقي، وتناقص تنوع الحياة على كوكب الأرض.
فنشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية مقالا بعنوان “هناك
إجماع دولي على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة” بقلم الكاتبة
“نسرين مالك”.
قالت الكاتبة في مستهل مقالها “في الخامس من شهر ديسمبر الجاري، خلصت
منظمة العفو الدولية بعد تحقيق أجرته إلى حقيقة مفادها بأن إسرائيل ارتكبت ولا تزال
ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل”.
وأضافت أنه بعد بضعة أيام، صرح المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق
الإنسان أنه بعد البحث والتحليل، خلص إلى أن “هناك حجة قانونية سليمة مفادها بأن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة”.
وبعد أيام قليلة من ذلك، أعلنت كذلك منظمة هيومن رايتس ووتش أن
“السُّلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جريمة ضد الإنسانية تتمثل في جرائم الإبادة
الجماعية”.
كما ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن “فرقها الطبية في شمال غزة شاهدة
على عمليات التطهير العرقي”. وفي وقت سابق من شهر نوفمبر المنصرم، خلصت هيومن
رايتس ووتش أيضاً إلى أن تصرفات إسرائيل في غزة ترقى إلى “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”،
ويبدو أنها “تتفق أيضاً مع تعريف التطهير العرقي”.
وبعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو
ويواف غالانت، في شهر نوفمبر الماضي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،
فإن كل هذه الأحكام الأخيرة تؤكد بما لا يدعو مجالا للشك بأن الهجوم على قطاع غزة
يعد انتهاكًا للقانون الدولي.
وأكدت الكاتبة على أن المنظمات آنفة الذكر قد انضمت إلى لجنة الحقوقيين
الدولية والأمم المتحدة في إدانة حرب إسرائيل. لقد أصبح الكيان المحتل ورئيسه،
وفقًا للمحاكم ومنظمات حقوق الإنسان التي تشكل السلطات القانونية والأخلاقية في
العالم، خارجيْن على القانون.
وتعتقد بأن الأحكام واللغة القوية والتدابير المقترحة لا تجد صدًى لها على
الواقع؛ فلا يوجد أي تنفيذ لهذه الأحكام والتدابير. بينما تستمر الولايات المتحدة
في الدفاع عن إسرائيل ضد الإجماع العالمي الناشئ وتواصل تسليحها للأخيرة. وفي
المقابل، يستخدم مؤيدون آخرون لغة الثغرات والألغاز التي اعتدنا عليها منذ بداية
حرب الإبادة على قطاع غزة المحاصر.
وفي غضون ذلك، لفتت الكاتبة إلى أن الأدلة تتزايد على أن قطاع غزة لا يتعرّض
لهجوم ينتهك القانون وحقوق الإنسان فحسب، بل لهجوم تاريخي. ووفقاً لمنظمة
“أيروورز” المعنية بتوثيق الخسائر المدنية “بكل مقياس تقريباً، فإن
الضرر الذي لحق بالمدنيين منذ الشهر الأول من الحرب الإسرائيلية في غزة لا يقارن
بأي حرب جوية في القرن الحادي والعشرين”.
وأشارت إلى أن وجهة النظر التي توصلنا إليها بعد عدة أشهر من الجهود
البحثية، إضافة إلى اعترافات وشهادات أفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد نشرت
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية روايات لجنود من الجيش الإسرائيلي شاركوا في
حرب الإبادة على قطاع غزة، حيث زعموا أن المدنيين، وحتى الأطفال، يعاملون
كمقاتلين. ووصفت الصحيفة نظام القتل
التعسفي، بل وحتى التنافسي بأنه “الغرب المتوحّش ولكن مع المنشطات”.
وأضافت أن هذه الأوصاف لا تقتصر على رصد الأساليب القانونية والعسكرية
للاشتباك فحسب، بل إنها تعرض تفاصيل عن القتل الممنهج وفرض سياسة التجويع والتشويه
والتعذيب والصدمات النفسية التي من المستحيل فهمها.
وقالت الكاتبة في ختام مقالها “مع استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة،
فإن ما يمنعها من أن تكون جريمة مثالية هو صمود الناس في أرضهم، والصدح بصوت عالٍ
بهذه الجرائم الشنيعة، والإشارة إلى الجاني، والتذكير بأسماء الضحايا، والحزن
عليهم، ورفض استمرار حرب الإبادة في الوقفات الاحتجاجية، والدفاع بشراسة عن حقوق
الشهداء والضحايا. وعندما يحين الوقت، يصبح الفلسطينيون مدينين بدين ضخم من
التعويضات، ولابد من الاحتفاظ بسجل لما تعرضوا له من ظلم”.
من جانبها، نشرت صحيفة “كوريا هيرالد” الكورية مقالًا بعنوان
“السياسات الصناعية في العالم الحقيقي” بقلم الكاتب “فرانك
باسكوالي” وهو أستاذ قانون في معهد كورنيل للتكنولوجيا وكلية كورنيل للقانون.
واستهل الكاتب مقاله بوصف للرئيس التنفيذي لشركة جوجل “سوندار
بيتشاي” للذكاء الاصطناعي بأنه “أعمق تقنية تعمل عليها البشرية، أعمق
بكثير من اكتشاف النار أو الكهرباء أو أي شيء قمنا به في الماضي”.
وأضاف أن الضجة حول “المخاطر الوجودية” في الذكاء الاصطناعي
تتبع سردًا مشابهًا، حيث يتم تشبيهها بقنبلة “أوبنهايمر” الذرية، لذلك
أثرت مثل هذه التصريحات على العديد من مجالس إدارة الشركات والوكالات الحكومية،
مما دفعها لتطوير خطط نشر الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لاستطلاع أجرته شركة “أب وورك”، أشار إلى أن ما يقارب من
80 في المائة من العمال الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي في وظائفهم بأنه
تسبب في عبء إضافي في العمل وأعاق إنتاجيتهم.
ووضح الكاتب أن المشكلة الأساسية تتمثل في أن نماذج اللغة هي نماذج
لغوية، وليست نماذج معرفية، كما يمكنها التنبؤ بالكلمة التالية في النص، لكنها لم تقم بأي تفكير منطقي للتوصل إلى هذا التنبؤ. كما
يحد هذا الافتقار إلى التفكير المنطقي من إمكانية تطبيقها في العديد من المواقف.
وأضاف أن قدرات تحرير الصور المعززة بالذكاء الاصطناعي عن طريق الهواتف
الذكية هي في الحقيقة حلم تضليل، حيث تمنح أي شخص قدرات لتغيير الصور بسهولة بطرق
لا يمكن اكتشافها.
ولفت الكاتب إلى أنه في حين أن فشل الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين إنجاز
الأعمال، ونجاحه في تعطيل بعض أوجه السياسة، قد يبدو وكأنهما قضيتان مختلفتان، إلا
أنهما في الواقع مرتبطتان.
وبَين أن الإطار العام الذي يخضع لتنظيم سيء يعني أن “أي شيء
مباح” في العديد من السياقات. وفي الوقت نفسه، تخضع مجالات مثل التمويل
والرعاية الصحية لتنظيم صارم. ويساعد هذا النوع من التباين في دفع الاستثمار
وعوامل الإثارة لدى الجمهور نحو التطبيقات المباشرة للمستهلكين لبرامج توليد الصور
والنصوص التي يمكن إساءة استخدامها بسهولة في العديد من السياقات.
وشدّد الكاتب في مقاله إلى أهمية إيجاد قواعد جديدة لانتشار الذكاء
الاصطناعي الذي عادة ما يشوه الواقع، فعندما تكون هذه الأدوات واقعية، يجب دائمًا
تصنيفها على أنها من صنع الذكاء الاصطناعي، سواء في تعليق توضيحي أو في حالة الصور
أو مقاطع الفيديو مع إدراج بعض المؤشرات الصغيرة في الزاوية على سبيل المثال.
وأضاف أنه يجب على المنصات أيضًا أن تطلب إثبات الشخصية لنشر المواد، لمنع
شبكات الروبوتات من نشر الصور المزيفة بسرعة. كما اقترح باحثون من جامعة جورج تاون الأمريكية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي
مفتوحة المصدر، ومرصد ستانفورد للذكاء الاصطناعي أيضًا العديد من التخفيفات
المقترحة الأخرى للدعاية بالذكاء الاصطناعي.
ونوّه الكاتب أن هذا التنظيم لا يمثل سوى نصف لغز الذكاء الاصطناعي التوليدي،
مؤكدا على دور الحكومات في المساعدة في ضمان المكافآت العادلة للتكنولوجيا التي
تعمل على تحسين الواقع، لتبديد الاستثمار الزائد في الصناعات التي تحركها الضجة
التي تتباين في طبيعتها من عمليات التشفير إلى تقنية الميتافيرس وصولا إلى الطفرة
التي يحدثها الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وفي الواقع، فإن قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة وقانون تشيبس (خلق
حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات) على سبيل المثال يشكلان مثالين جيدين لمثل هذه
التشريعات؛ فقد حفز كلاهما زيادة الاستثمار في المصانع.
كما تقدم الصين قصة نجاح في مجال السياسات الصناعية منذ أمد بعيد، حيث يوضح
كتاب “أنجيلا تشانج” الأخير بعنوان “السلك العالي: كيف تنظم الصين
شركات التكنولوجيا الكبرى وتحكم اقتصادها”، فقد دعمت حكومتها العديد من أشكال
التكنولوجيا الصلبة، وهو نوع من قوى الإنتاج الجديدة الجيدة التي تقف وراء أفضل
أنواع السيارات والروبوتات.
وقال الكاتب في ختام مقاله “يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يلعب
أدوارا مهمة في مجالات التكنولوجيا الصلبة، تخيلوا أن الروبوتات التي تعمل بالصوت
أو النص تتعلم من مقاطع فيديو للمهام التي يتعين القيام بها، ولكن الأسواق العادية
غالبا لا تتمتع بالصبر الكافي لتمويل مثل هذه التطورات بشكل كاف. كما تحتاج
السياسة الصناعية المستنيرة إلى ملء هذا الفراغ، وتحويل الاستثمار من تشويه الواقع
إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يحسن الواقع”.
من جانب آخر، نشرت صحيفة “اكسبرس تريبيون” الباكستانية مقالًا
بعنوان “تناقص تنوع الحياة على كوكب الأرض” بقلم الكاتب “محمد
علي” وهو أكاديمي وباحث، ومؤلف.
استهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الضغوط المستمرة التي تفرضها الأفعال
البشرية على الطبيعة أدت إلى تقويض التنوع البيولوجي لكوكبنا المترابط.
وأضاف أن كوكب الأرض ليس ملكاً للبشر وحدهم، ومع ذلك فإننا نستمر في
التصرف وكأن الطبيعة وجميع الكائنات الحية الأخرى موجودة من حولنا فقط لكي نستمر
في استغلالها بتهور. وقد أدى هذا الموقف القاسي إلى دخول عصر الأنثروبوسين، وهو
العصر الذي بدأت فيه الأنشطة البشرية بوضوح في تغيير مناخ الكوكب وجميع أنظمته
البيئية المترابطة.
ووضح الكاتب أنه لا يزال هناك خلاف حول متى بدأ عصر الأنثروبوسين، حيث
يزعم البعض أن الثورة الصناعية كانت بمثابة بداية هذا العصر، بينما يعتقد آخرون بأن
الأنشطة البشرية بدأت في وقت لاحق في إحداث تغييرات كبيرة في العالم الطبيعي. ومع
ذلك، يتفق معظم الخبراء على أن هذا العصر كان ساري المفعول بالتأكيد بحلول
الخمسينات.
وأضاف أنه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت مؤسسات التنمية الدولية
العالمية في الدعوة إلى استراتيجيات لإعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي، وأصبح استخدام
آلية السوق وسيلة مهيمنة بشكل متزايد لتنظيم عمليات الإنتاج العالمية.
كما ركزت السياسات الزراعية التي تم الترويج لها من خلال ما يسمى بـ “الثورة الخضراء” على استخدام أصناف عالية الغلة من المحاصيل، تحتاج إلى كميات متزايدة من المياه والأسمدة والمبيدات الحشرية. ولقد بدأت مثل هذه
الزراعة المهووسة بالنمو، إلى جانب سياسات التصنيع المهووسة بالربح، في التسبب في ارتفاعات كبيرة في تلوث الهواء
والماء، مما أدى إلى إزالة الغابات بلا رادع، وتدمير الموائل الهشة على نطاق واسع.
ونتيجة لكل ما سبق ذكره، وضّح الكاتب أن أعداد الحيوانات البرية من
الثدييات والطيور والبرمائيات والزواحف والأسماك بدأت تعاني من أضرار لا يمكن
إصلاحها.
ووفقاً لتقرير “الكوكب الحي” الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة
قبل عامين، شهدت أنواع الحياة البرية انخفاضاً بنسبة 69 في المائة في المتوسط منذ
عام 1970. وفي حين يستند هذا التقرير إلى قاعدة بيانات رائعة تضم آلاف الأنواع من
الحياة البرية، فإنه لا يزال لا يأخذ في الاعتبار التأثيرات البشرية على جميع
الكائنات الحية، بما في ذلك الحشرات، التي تعاني بلا شك من عواقب أنشطتنا أيضاً.
كما أن أعداد الحيوانات البرية قد عانت من انخفاض كبير حتى في قارة أوروبا
والولايات المتحدة، على الرغم من الموارد التي توفرها هذه البلدان الغنية لجهود
الحفاظ على البيئة.
وفي أجزاء أخرى من العالم، وخاصة في البلدان الأكثر فقراً، والتي لا تزال
تزود البلدان الأكثر ثراءً بالجزء الأكبر من المواد الخام، فإن انحدار الحياة
البرية أكثر إثارة للقلق.
لقد لاحظ الصندوق العالمي للطبيعة كيف انخفضت أعداد الحيوانات البرية في
أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 94 في المائة في المتوسط بين عامي
1970 و2018. وفي دول مثل باكستان، أدى التخطيط الحضري غير المدروس، والطلب على
زراعة المزيد من المحاصيل، والضغوط التي تحركها تجارة الأخشاب من أجل الربح إلى
تقليص الغطاء الحرجي إلى حوالي 5 في المائة من إجمالي الأراضي المتاحة. كما أن
الممرات المائية في باكستان ملوثة بشدة. ونتيجة لذلك، فإن الحيوانات المحلية من
دلافين نهر السند، والنمور الثلجية، والعديد من الأنواع الفريدة الأخرى تواجه أزمة
حقيقية.
ووضح الكاتب أن الحيوانات البرية الوحيدة التي يبدو أن البشر يهتمون بها
هي الحيوانات الأليفة التي تتم تربيتها من أجل قوتها العضلية، أو لحومها، أو من
أجل منتجات ثانوية أخرى، مثل الحليب أو الجلود.
ولفت إلى أن الضغوط المستمرة التي تفرضها الأفعال البشرية على الطبيعة تؤدي
إلى استنزاف التنوع البيولوجي لكوكبنا المترابط، وهو ما يهدّد الآن رفاهة أجيالنا
الحالية والمستقبلية.
وختم الكاتب مقاله بالتأكيد على أهمية التركيز على استعادة الموائل
الطبيعية التي يمكن أن تساعد في تعافي مجموعات الحياة البرية المجهدة، وفي الوقت
نفسه معالجة التهديدات المناخية المتنوعة، والتي بدأت أيضًا في تقويض رفاهة الناس
العاديين في جميع أنحاء العالم.
/العُمانية/
خالد البوسعيدي
Source link