عواصم في الأول من يناير /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء
العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات
نشرت في صفحاتها وتتعلق بأهمية منع نشوب أي حرب نووية، وحاجة العالم إلى أجندة
الذكاء الاصطناعي المؤيدة للإنسان، وتغير المناخ الذي تسبب في دمار عالمي في العام
المنصرم (2024).
فنشرت صحيفة “الجارديان”
البريطانية مقالا بعنوان “من الأهمية بمكان منع الدمار الشامل الناجم عن
الحرب النووية” استعرضت فيه مراحل تطور المشاورات حول الترسانة النووية
لدى الدول الكبرى والوضع الحالي لهذه الترسانة.
وقالت الصحيفة في مستهل مقالها بأنه في
شهر نوفمبر المقبل، تحل الذكرى الأربعين لإعلان الرئيس الأمريكي “رونالد
ريجان” والزعيم السوفييتي “ميخائيل جورباتشوف” أن “الحرب
النووية لا يمكن الفوز بها ولا ينبغي خوضها أبدا”. وكان هذا التصريح مثيرا في
الوقت الذي كانت جيوش البلدين تنفق المليارات في الاستعداد لصراع لا يمكن تحقيق
الانتصار فيه.
وبعد مرور عام، اقترب الطرفان في
العاصمة الأيسلندية ريكيافيك، بشكل مثير من القضاء على الأسلحة النووية بالكامل،
إلا أن هذه الفرصة التاريخية ضاعت بسبب إصرار “ريجان” على نظام الدفاع
الصاروخي الذي لم يثبت نجاحه في “حرب النجوم”. لقد مرت اللحظة، لكن
الدرس الذي تعلمناه منها لا يزال قائما ومفاده بأن نزع السلاح يتطلب الشجاعة
والتنازلات.
لقد أثبتت القمة في مدينة ريكيافيك
أنها نقطة تحول في الحرب الباردة، فقد أدى ضبط الأسلحة إلى خفض عدد الأسلحة
النووية التي تمتلكها الدولتان من 60 ألف سلاح إلى ما يقرب من 11 ألف سلاح في
يومنا هذا. وحددت معاهدة الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية الجديدة (معاهدة ستارت
الجديدة)، التي وقعت في عام 2010، عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية المنشورة بـ
1550 رأسًا لكل منهما.
وفي الواقع، كان ذلك الحدث بمثابة فجر
كاذب في الدبلوماسية النووية، فمنذ انسحاب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش
من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية مع موسكو في عام 2002، تزايد خطر
العودة إلى سباق التسلح الشامل.
وذكرت الصحيفة أنه في الـ 20 من شهر
يناير الجاري، سيحمل “دونالد ترامب” مرة أخرى مفاتيح ترسانة تدمير الكوكب.
كما أن فترة الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة “ترامب” تعيد إلى الأذهان
سؤالا يتردد بين الحين والأخر مفاده: إلى أي مدى ينبغي أن تقع المسؤولية الرهيبة
عن إحداث الدمار النووي على عاتق شخص واحد؟
وبدون اتخاذ إجراءات جريئة، فإن
معاهدة “ستارت الجديدة”، التي هي بمثابة الضمان الأخير للحدّ من الأسلحة
النووية، سوف تنتهي في شهر فبراير 2026.
ونوهت الصحيفة إلى أن الردع ليس
السبيل الوحيد للتفكير في الأسلحة النووية، فلعقود من الزمان، كان الصراع الذي
ينطوي على استخدام هذه الأسلحة بمثابة مرادف لنهاية العالم. ويمكننا أن نشعر
بالدمار الهائل والمخيف الذي خلفته القنبلة في كل من هيروشيما وناجازاكي وميادين
التجارب التي لا تزال ملوثة بالغبار النووي بعد عقود من الزمان.
وقد دفعت هذه المشاعر الرئيس الأمريكي
الأسبق باراك أوباما في عام 2009 إلى الدعوة إلى رؤية متفائلة لعالم خالٍ من
الأسلحة النووية. وألهم خطابه تحالفا من الناشطين والدبلوماسيين والدول النامية
الذين أكدوا على عزمهم على فرض المحاسبة العالمية. وقد أثمرت مقاومتهم للحكمة
التقليدية القائلة إن نزع السلاح النووي غير واقعي في معاهدة حظر الأسلحة
النووية، التي تبنتها 122 دولة في الأمم المتحدة في عام 2017. وكانت رسالة
المعاهدة تؤكد على أن السبيل الوحيد لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى
هو التخلص منها تمامًا.
وعبرت الصحيفة عن المخاوف العالمية من
الترسانة النووية التي تقلصت، ولكن ليس بالقدر الكافي، فما زال مخزون العالم من
الأسلحة النووية ضخمًا إلى حدّ خطير، ويبدو أن الجهود الرامية إلى تقليصه إلى حدّ أكبر قد تعثرت. ويأتي كل هذا التطور في ظل خلفية جيوسياسية تتمثل في الانتشار
النووي، والأمم المتحدة متعدّدة الأقطاب ومتنوعة أيديولوجيًّا، والرغبة الأمريكية في
التفوق العالمي.
وقالت في ختام مقالها “في خضم
التذبذب التاريخي الذي تشهده العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، تظل حقيقة
واحدة قائمة: لا يمكن الفوز في حرب نووية ولا ينبغي خوضها أبدا. ويتعين على
الزعماء في كل من موسكو وواشنطن أن يؤكدوا على هذه الحقيقة في الفترة التي تسبق
التفاوض على تخفيضات كبيرة في الترسانة النووية فضلا عن فرض قيود حقيقية على
الدفاعات الصاروخية الاستراتيجية”.
من جانبها، نشرت صحيفة “جابان
تايمز” مقالا بعنوان “العالم يحتاج إلى أجندة الذكاء الاصطناعي
المؤيدة للإنسان” بقلم الكاتب “دارون أسيموغلو”.
وقال الكاتب في مستهل مقاله “إننا
نعيش أوقاتا مليئة بالغموض والارتباك، فنحن لا نواجه فقط الأوبئة، وتأثيرات تغير
المناخ، والشيخوخة المجتمعية في الاقتصادات الكبرى، والتوترات الجيوسياسية
المتصاعدة، بل إن الذكاء الاصطناعي على استعداد لتغيير العالم كما نعرفه”.
وأضاف “إذا كنت تستمع إلى
المطلعين على الصناعة أو مراسلي التكنولوجيا في الصحف الرائدة، فقد تعتقد بأن
الذكاء الاصطناعي العام – تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها أداء أي مهمة
معرفية بشرية – أصبحت على وشك الظهور”.
وبناء على ذلك، هناك الكثير من الجدل
حول ما إذا كانت هذه القدرات المذهلة سوف تجعلنا مزدهرين بما يتجاوز أحلامنا
الجامحة، مع تقديرات مراقبين غير مبالغ فيها تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي
بوتيرة أسرع بنسبة تزيد على 1 في المائة إلى 2 في المائة، أو أنها بدلا من ذلك سوف
تؤدي إلى نهاية الحضارة الإنسانية، مع سيطرة نماذج الذكاء الاصطناعي فائقة الذكاء
علينا كبشر.
ووضح الكاتب أنه
إذا نظرنا إلى ما يجري في الاقتصاد الحقيقي، فلن نجد أي فجوة مع الماضي حتى الآن،
ولا يوجد دليل حتى الآن على أن الذكاء الاصطناعي يحقق فوائد إنتاجية عالية.
وعلى النقيض مما وعد
به العديد من خبراء التكنولوجيا، فإننا لا نزال في حاجة إلى أخصائيي الأشعة (أكثر
من ذي قبل، في الواقع)، بالإضافة إلى الصحفيين، والمساعدين القانونيين،
والمحاسبين، وموظفي المكاتب، وسائقي المركبات.
ويرى الكاتب أن الأمر
سوف يستغرق وقتًا أطول بشكل كبير حتى تتمكن نماذج الذكاء الاصطناعي من اكتساب
القدرة على إطلاق الأحكام، والقدرات الاستدلالية متعددة الأبعاد، والمهارات
الاجتماعية اللازمة لمعظم الوظائف، وحتى تحقق تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية
الحاسوبية تقدمًا ملحوظًا إلى النقطة التي يمكن عندها دمجها مع الروبوتات لأداء
المهام البدنية عالية الدقة مثل عمليات التصنيع والبناء.
وأردف أنه بالطبع،
هذه مجرد تنبؤات، والتنبؤات قد تكون خاطئة دائمًا، ومع تزايد إصرار المطلعين على
الصناعة على سرعة التقدم، ربما تأتي الاختراقات التي ستحدث تطورا هائلا في مجال
الذكاء الاصطناعي في وقت أقرب مما كان متوقعًا.
وأضاف الكاتب أنه
مما لا شك فيه أن قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي تتجاوز إلى حدّ كبير أي شيء
أنتجته الصناعة من قبل، ولكن هذا لا يعني أن الجداول الزمنية المتوقعة لهذه الصناعة
صحيحة. ومن مصلحة مطوري الذكاء الاصطناعي نشر انطباع عن التقدم الهائل والوشيك
بهدف تعزيز الطلب وجذب المستثمرين.
وشدّد على الحاجة إلى
أجندة مضادة للذكاء الاصطناعي ومؤيدة للإنسان فيما يتصل بالذكاء الاصطناعي، ولابد
من تمكين العمال والمواطنين من دفع الذكاء الاصطناعي في اتجاه قادر على الوفاء
بوعده باعتباره تكنولوجيا معلومات.
وختم الكاتب مقاله
بالتأكيد كذلك على الحاجة إلى سرد جديد في وسائل الإعلام، ودوائر صنع السياسات،
والمجتمع المدني، ولوائح واستجابات سياسية أفضل. ويمكن للحكومات أن تساعد في تغيير
اتجاه الذكاء الاصطناعي، بدلا من مجرد الاستجابة للقضايا عند ظهورها، ولكن يتعين
على صناع السياسات أن يدركوا المشكلة في المقام الأول.
من جانب آخر، نشرت صحيفة “نيو
ستريتس تايمز” الماليزية مقالا بعنوان “تغير المناخ تسبب في دمار
عالمي في عام 2024” ركزت فيه على تطرف المناخ في العديد من دول
العالم خلال العام المنصرم.
وذكرت الصحيفة أن العام 2024 يعد
الأكثر حرارة في التاريخ، مع تسجيل درجات حرارة قياسية في الغلاف الجوي والمحيطات
التي تتسبب في الطقس المتطرف في جميع أنحاء العالم.
وقالت شبكة “وورلد ويذر
أتريبيوشن” المتخصصة في دراسة كيفية تأثير الانحباس الحراري العالمي على
الأحداث المناخية المتطرفة، إن كل كارثة تقريبا قامت بتحليلها خلال عام 2024
تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وذكرت عالمة المناخ فريدريك أوتو،
التي تترأس شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” أنه “لم تكن تأثيرات الاحتباس
الحراري الناجم عن الوقود الأحفوري أكثر وضوحًا أو تدميرًا مما هي عليه في عام
2024، نحن نعيش في عصر جديد خطير” على حد وصفها.
وقد ثبت أن الحرارة الشديدة، التي
يطلق عليها في بعض الأحيان اسم “القاتل الصامت” قاتلة أيضا في كل من
تايلاند والهند والولايات المتحدة. ولم تكن منطقة شبه الجزيرة العربية في منأى عن
هذه الظواهر الجوية المتطرفة، حيث شهدت بعض أجزائها أمطارًا غزيرة قياسية خلال شهر
إبريل من عام 2024 بينما شهدت مناطق أخرى درجات حرارة مرتفعة جدّا خلال شهري يونيو
ويوليو.
وأضافت الصحيفة أن الظروف كانت شديدة
للغاية في المكسيك لدرجة أن قرود العواء كانت تسقط ميتة من الأشجار، بينما أبقت
باكستان ملايين الأطفال في منازلهم حيث تجاوزت درجة الحرارة 50 درجة مئوية.
كما سجلت اليونان موجة حر هي الأولى
على الإطلاق، ما أجبر السلطات على إغلاق معالمها الشهيرة، وتسببت موجة الحر
المتطرفة في اندلاع حرائق غابات على نطاق واسع، في بداية الصيف الأكثر حرارة في
قارة أوروبا على الإطلاق.
ولا يقتصر تغير المناخ على درجات
الحرارة المرتفعة فحسب، فالمحيطات الأكثر دفئًا يقابلها تبخر كميات عالية من بخار
الماء، ويمتص الهواء الأكثر دفئًا المزيد من الرطوبة، وهي بحد ذاتها وصفة متقلبة
لهطول أمطار غزيرة.
وكانت كينيا على وشك الخروج من الجفاف
الذي يحدث مرة واحدة كل جيل عندما تسببت الفيضانات الأسوأ منذ عقود في كوارث
متتالية لكينيا الواقعة في شرق أفريقيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن أربعة ملايين
شخص احتاجوا إلى المساعدة بعد أن تسببت الفيضانات التاريخية في مقتل أكثر من 1500
شخص في غرب ووسط أفريقيا. كما عانت قارة أوروبا، ولا سيما إسبانيا، من أمطار غزيرة
تسببت في فيضانات مفاجئة ومميتة.
وأردفت الصحيفة أن كلًّا من أفغانستان
وروسيا والبرازيل والصين ونيبال وأوغندا والهند والصومال وباكستان وبوروندي
والولايات المتحدة كانت من بين البلدان الأخرى التي شهدت فيضانات في العام الماضي (2024).
كما تعمل أسطح المحيطات الدافئة مثل وقود
ذي طاقة عالية للأعاصير المدارية أثناء اندفاعها نحو اليابسة، مما يؤدي إلى هبوب
الرياح الشديدة المصاحبة للأعاصير وقوتها التدميرية الهائلة.
وقد تصبح بعض المناطق أكثر رطوبة مع
تغير أنماط هطول الأمطار بسبب تغير المناخ، ولكن مناطق أخرى أصبحت أكثر جفافا
وأكثر عرضة للجفاف.
وختمت الصحيفة مقالها بالتأكيد على
أن الطقس المتطرف قد أودى بحياة الآلاف في عام 2024 وترك أعدادًا لا حصر لها من
البشر في فقر مدقع، ومن المستحيل تحديد الخسائر الدائمة لمثل هذه الكوارث.
/العُمانية/
خالد البوسعيدي
Source link