BBC العربية
قال رئيس هيئة تنظيم الاتصالات الباكستانية حفيظ الرحمن إن الشبكات الخاصة الافتراضية غير المسجلة، أو ما يُعرف بالـ VPN، ستُحظر بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وقال حفيظ الرحمن أمام مجلس الشيوخ الباكستاني إن شبكات الـ”في بي إن” التجارية التي تستخدمها الشركات فقط هي التي سيسمح بتسجيلها حاليا، مضيفاً أنه لا ينبغي للأفراد الوصول إلى تطبيقات الوسائط الاجتماعية أو المواقع الأخرى باستخدام الشبكات الخاصة.
وطلبت السلطات من مستخدمي الإنترنت تسجيل شبكات “في بي إن” لدى هيئة تنظيم وسائل الإعلام الباكستانية، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للحكومة بزيادة المراقبة.
هذا القرار أثار جدلاً واسعاً في باكستان، كما شكك بعض أعضاء مجلس الشيوخ في سلطة الجهة التنظيمية لحظر الشبكات.
ووفقاً لتقارير محلية، يأتي هذا الإعلان في محاولة لتعزيز أمن الإنترنت وحماية بيانات المستخدمين، واصفة شبكات الـ”في بي إن” غير المسجلة بأنها تشكل “تهديدات أمنية خطيرة”، حيث يمكنها تسهيل الوصول غير المصرح به إلى المعلومات السرية.
وأضافت المصادر أن رواد الإنترنت في باكستان واجهوا صعوبات في الوصول إلى خدمات “في بي إن” المجانية لعدة ساعات في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث اشتكى الكثيرون من عدم قدرتهم على استخدام الشبكات الخاصة للتصفح الآمن.
وقالت مصادر في هيئة الاتصالات الباكستانية إن الهيئة أجرت تجربة ناجحة لحظر الـ”في بي إن”، فيما ستبدأ تجربة أخرى في الأيام المقبلة، بحسب مواقع إخبارية محلية.
شبكات “غير إسلامية”
وازداد الجدل في باكستان بعد تصريح لداعية إسلامي مؤثر وهو الشيخ راغب نعيمي، حين قال إن شبكات الفي بي إن “غير إسلامية” إذا استخدمت ضد الأمن القومي أو للوصول إلى مواقع غير أخلاقية.
وقال العلّامة الدكتور راغب حسين نعيمي، رئيس مجلس الإيديولوجية الإسلامية، الذي يقدم المشورة للحكومة بشأن القضايا الدينية، في بيان صدر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني: “تتمتع الحكومة بسلطة منع الوصول إلى المحتوى غير الأخلاقي والمواد الضارة من منظور إسلامي”.
ونقل موقع قناة “آج” التلفزيونية الباكستانية الخاصة عن نعيمي قوله إن شبكات الـ”في بي إن” تعمل كوسيلة تقنية للمستخدمين لإخفاء هويتهم الحقيقية وموقعهم، وأنه “وفقاً للمبادئ الإسلامية، فإن شرعية أي عمل تعتمد على غرضه وطريقة تنفيذه”.
وأضاف الموقع أن رئيس المجلس الإسلامي أشار إلى أنه يمكن أيضاً استخدام تلك الشبكات في السرقة عبر الإنترنت، ما يجعل من الصعب تعقب الجاني، مؤكداً أن استخدامها للوصول إلى المحتوى المحظور أو غير القانوني “يعد انتهاكاً للقوانين الإسلامية والمجتمعية”.
وقال إن استخدام شبكات الـ”في بي إن” يندرج ضمن فئة “المساعدة على المعصية”، وهو أمر محظور في الشريعة، مضيفاً أنه “يجب” على كل مسلم أن يحترم دستور وقوانين بلده، بشرط ألا تتعارض مع المبادئ الإسلامية.
ومع ذلك، قال نعيمي “إذا قمت بتسجيل في بي إن وتقديم انتقادات إيجابية، فلا يوجد ضرر”، مؤكدا على أهمية التسجيل لدى الحكومة.
انتقادات ومخاوف حقوقية
وقد زاد استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة مؤخراً في باكستان، للوصول إلى المواقع المحظورة مثل “إكس” الذي حظرته إسلام أباد هذا العام.
وتعد شبكات الـ”في بي إن” اتصالاً آمناً بين جهاز كمبيوتر وآخر عبر الإنترنت، عادة ما يهدف استخدامه إلى الالتفاف على الرقابة الحكومية والدخول إلى المواقع المحجوبة.
ويقول المنتقدون إن أحد أسباب تقييد الوصول إلى الشبكات هو منع أنصار رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان من مشاركة المعلومات التي تنتقد الحكومة أو الجيش في البلاد على منصات مثل إكس.
ويعد أنصار رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان من بين أكبر مستخدمي شبكات الـ”في بي إن”؛ حيث دعوا إلى مسيرة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني القادم للضغط على الحكومة للإفراج عن خان.
وفي أعقاب التقارير التي تفيد بإمكان حظر الشبكات الخاصة، وجه عمران خان نداءً إلى أتباعه يحثهم على الانضمام إلى الاحتجاجات في 24 نوفمبر، ضد ما وصفه بـ”التفويض المزور”، و “الاعتقالات التعسفية”.
وقال: “اليوم، أدعو الأمة بأكملها إلى النزول إلى الشوارع في 24 نوفمبر. هذه ليست قضية حزب حركة الإنصاف الباكستاني فقط، بل هي قضية كل باكستاني”.
وهناك مخاوف من أن الإعلان عن أن استخدام شبكات الـ”في بي إن” مخالف للشريعة سيؤثر بشكل أكبر على قدرة أنصار خان على إيصال رسالتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
قلق برلماني
انتقد وزير الإعلام الباكستاني السابق فؤاد شودري الحكومة لإضفاء “لمسة إسلامية” على القرارات المتعلقة بشبكات الـ”في بي إن”.
وقال في مقابلة تلفزيونية “نحن معتادون على هذا”، معرباً عن أن مثل هذا القرار “غير ضروري”؛ لأن فرض حظر على تلك الشبكات كان قراراً إدارياً وينبغي أن يكون كذلك، معرباً عن أسفه على أن باكستان تُدار “على هذا النحو”.
وأبدت اللجنة الدائمة لتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ الباكستاني استياءها إزاء القرار الحكومي، وانتقدت أيضاً تعليقات مجلس الإيديولوجية الإسلامية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المحلية.
ونوقشت قضية شبكات الـ”في بي إن” في اجتماع اللجنة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أثار المشرعون تساؤلات تتعلق بالحظر، وناقشوا أيضاً أسباب انقطاع الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، حسبما ذكرت صحيفة “داون” الباكستانية اليومية على موقعها على الإنترنت.
وعُقد الاجتماع بعد أن سعت وزارة الداخلية الباكستانية الأسبوع الماضي إلى حظر “شبكات في بي إن غير القانونية” في جميع أنحاء البلاد، بزعم استخدامها من قبل “الإرهابيين” لتسهيل “الأنشطة العنيفة”.
وأفادت صحيفة “ذا نيوز” الباكستانية اليومية أن رئيس هيئة الاتصالات الباكستانية اللواء المتقاعد حفيظ الرحمن، أكد في إحاطة أعضاء مجلس الشيوخ بشأن الحظر أن الصناعة لا يمكن أن تعمل بدون شبكات “في بي إن”.
ونُقِل عنه قوله: “يحتاج عامة الناس والعاملون المستقلون والشركات جميعاً إلى شبكات الـ في بي إن”، مضيفاً أن هيئة الاتصالات الباكستانية بدأت في تسجيل شبكات في بي إن وحددت موعداً نهائياً حتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وفي بيانها، أفادت هيئة الاتصالات الباكستانية أنها حجبت أكثر من 100 ألف صفحة إلكترونية تحتوي على مواد تجديفية، بالإضافة إلى أكثر من ثمانمئة ألف موقع ويب غير لائق.
وأشارت الهيئة أيضاً إلى أن هناك نحو 20 مليون محاولة تحدث يومياً من داخل باكستان للوصول إلى مواقع غير لائقة، وكلها محظورة على المستوى الدولي.