BBC العربية
- بيرند ديبوسمان جونيور
- بي بي سي نيوز – واشنطن
عندما يدور الحديث عن ثقافة السلاح الواسعة الشعبية بين الأمريكيين، ليس هناك سلاح أكثر انتشاراً من البندقية الهجومية أي آر-15 AR-15) ( التي توصف بأنها “البندقية الأمريكية” المفضلة في عمليات إطلاق النار الجماعية.
البندقية، التي ظهرت النماذج الأولية منها في الخمسينيات من القرن الماضي، هي واحدة من أكثر الأسلحة شعبية بين مالكي الأسلحة الأمريكيين، حيث ينتشر عشرات الملايين منها حالياً.
وتشير بعض التقديرات إلى أنه من بين كل 20 أمريكي، هناك شخص واحد يمتلكها.
حتى أن شعبية البندقية دفعت بعض المشرعين المحافظين إلى محاولة تسمية هذه البندقية رسمياً بـ “البندقية الوطنية للولايات المتحدة”.
وأصبحت البندقية نصف الأوتوماتيكية أي آر-15 مألوفة في مسرح عمليات إطلاق النار الجماعية، بما في ذلك الحوادث الدامية الأخيرة في لويزفيل وناشفيل وأوفالدي بتكساس.
تشير الإحصاءات إلى أن البندقية قد استخدمت في العديد من عمليات إطلاق النار الجماعية الأكثر دموية في الولايات المتحدة.
ولكن ما هي (أي آر -15) بالضبط، وماسبب شعبيتها؟
تاريخ البندقية (أي آر -15)
تم تطوير (أي آر – 15) لأول مرة كبندقية نصف آلية للمدنيين في الخمسينيات من القرن الماضي من قبل شركة “أرمالايت” التي سميت لاحقاً بـ (أي آر).
في عام 1959 ، تم بيع تصميم البندقية لشركة أخرى اسمها كولت، والتي سرعان ما قامت بتعديلها وانتجت منها نسخة عسكرية أوتوماتيكية بالكامل تُعرف باسم أم-16.
دخل السلاح الخدمة في خطوط المواجهة الأمامية في الجيش الأمريكي في منتصف الستينيات، خلال المراحل الأولى من حرب فيتنام.
ورغم أن البندقية في البداية لم تتمتع بالشعبية لدى القوات الأمريكية بسبب أعطالها المتكررة إلا أنه تم التوسع في إنتاجها.
وفي عام 1969 أصبحت النسخة المعدلة (M16A1 ) سلاح الخدمة النموذجي في صفوف الجيش الأمريكي.
بعد انتهاء حرب فيتنام، بدأت شركة كولت في تسويق نماذج نصف آلية من البندقية لهواة الأسلحة وقوات الشرطة على حد سواء على الرغم من أن العديد من مالكي الأسلحة ظلوا حذرين تجاه هذا السلاح.
انتهت صلاحية رخصة انتاج البندقية التي كانت تملكها شركة كولت في عام 1977.
بعد ذلك، بدأت الشركات الأخرى مثل رمينغتون، وسميث آند ويسون، وروجر في إنتاج النماذج الخاصة بها.
لا تزال شركة كولت تملك حقوق العلامة التجارية أي آر-15 بينما النماذج التي تصنعها الشركات الأخرى تحمل أسماء مختلفة، ولكن لا يزال يشار إلى هذه الأسلحة عموماً باسم أي آر -15.
في حين تم تقييد تصنيع وبيع وحيازة بعض هذه الأسلحة بموجب الحظر الفيدرالي الأمريكي على الأسلحة الهجومية شبه الآلية التي كانت سارية بين عامي 1994 و2004، إلا أن الحظر لم يشمل النماذج المنتجة قبل عام 1994.
ما عدد الأمريكيين الذين يمتلكون بندقية أي آر-15؟
في حين أنه من الصعب تحديد العدد الدقيق لبنادق أي آر -15 التي بحوزة الأمريكيين، تظهر البيانات أن عشرات الملايين منها متداولة في جميع أنحاء البلاد.
فعلى سبيل المثال، وجد استطلاع للرأي جرى في أواخر عام 2022 من قبل صحيفة واشنطن بوست ومركز إيبسوس، أن مالكي الأسلحة، الذين يشكلون 31 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة، ونسبة من يمتلكون هذه البندقية تبلغ حوالي 20 في المئة مالكي الأسلحة.
هذه الأرقام، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، تشير إلى امتلاك شخص واحد من بين كل 20 أمريكي لهذه البندقية، أي أن حوالي 6 في المئة من الأمريكيين لديهم هذا السلاح. كما وجدت إحصائيات أخرى منفصلة، جمعها باحثون من جامعة جورج تاون في عام 2021 ، أن 24.6 مليون أمريكي يمتلكون أحد نماذج البندقية أي آر -15.
تشير البيانات إلى أنه نظراً لأن العديد من مالكي الأسلحة لديهم أسلحة متعددة، فإن العدد الإجمالي لبندقية أي آر -15 في حوزة الأمريكيين قد يصل إلى 44 مليون بندقية.
يشير عشاق السلاح إلى عدد من الأسباب لشعبية أي آر -15، في الولايات المتحدة، مثل خفة وزنها نسبياً والتي تقدر بحوالي 3 كيلو غرام، بالإضافة إلى سهولة استخدامها وإمكانية تعديلها وإضافة ملحقات لها.
قال كريست والتز، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية مالكي أي آر-15 لبي بي سي: “هناك حرفياً أكثر من مليون تعديل وقطعة ولون” لهذه البندقية.
يتحدث الناس عنها باعتبارها دمية باربي للرجال.
يمكن أن تملك ملابس مختلفة لباربي، والأمر نفسه مع بندقية أي آر-15.
وأضاف والتز: “البندقية سهلة الاستخدام، إنها خفيفة الوزن ودقيقة للغاية، وسهلة الاستخدام حتى من قبل النساء والأطفال عندما يشاركون في الرماية، إنها بندقية أمريكا الرياضية الحديثة. هذا هو الاسم الذي نطلقه عليها”.
مثل العديد من المتحمسين، يصف والتز الذي اختبر بندقية إم -16 لأول مرة، عندما كان شاباً في مشاة البحرية في الثمانينيات إلى أي آر -15 بأنها بندقية رياضية وليس “سلاحاً هجومياً” ، وهو المصطلح الذي يستخدمه غالباً دعاة الرقابة على الأسلحة.
يشير العلماء الذين يدرسون انتشار أي آر -15، إلى عدة عوامل أخرى تساهم في شعبية البندقية، بما في ذلك الطلب المتنامي الناجم عن حظر الأسلحة الهجومية وزيادة كبيرة في التسويق على مدار العشرين عاماً الماضية.
ويقول جوناثان ميتزل، أستاذ علم الاجتماع في جامعة فاندربيلت الذي يبحث في العنف المسلح: “لقد أصبحت البندقية مربحة للغاية. كانت بالنسبة لتجار الأسلحة، بمثابة البقرة الحلوب”.
“أصبحت ملكية أي آر-15 نوعاً من الهوية الشخصية. هناك الكثير من الأمثلة على أشخاص رفضوا هذا التوجه فكان مصيرهم الطرد من مجموعات هواة السلاح بينهم سياسيون و معلقون إعلاميون”.
بالإضافة إلى ذلك، قال البروفيسور ميتزل إن ذلك يشير إلى تغيير ملحوظ بمرور الوقت في سبب امتلاك الأمريكيين للأسلحة النارية.
وقال: “في السبعينيات والثمانينيات وأوائل التسعينيات، كان الناس يعتقدون أن الغرض من امتلاك البنادق هو للصيد أو لمجاراة التقاليد”.
“ولكن عندما ازداد عدد الذين اعتقدوا أنهم بحاجة إلى أسلحة نارية لحماية أنفسهم من المجرمين أو لحماية ممتلكاتهم، أرادوا الحصول على أكثر الأسلحة فتكاً في السوق”.
أي آر -15 في عمليات إطلاق النار الجماعية
يشير مناهضو أي آر-15 إلى استخدام هذه البندقية وأنواع أخرى مماثلة في عمليات إطلاق النار الجماعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وحسب إحصاءات وكالة أسوشيتد برس، ويو إس إيه توداي، وقاعدة بيانات القتل الجماعي في جامعة نورث إيسترن، تم استخدام بندقية أي آر -15 في عشرة من بين 17 عملية قتل جماعي دامية وقعت في الولايات المتحدة منذ عام 2012 وحتى الآن.
تشمل هذه الحوادث إطلاق النار الجماعي في عام 2017 في لاس فيغاس الذي خلف 60 قتيلاً ، فضلاً عن مذبحة ساندي هوك في نيوتن بولاية كونيتيكت التي أودت بحياة 26 شخصاً وكان من بينهم 20 طفلاً.
تشير بيانات أخرى ، تحتفظ بها مجلة Mother Jones ، إلى أن الجاني في عملية إطلاق النار في لويزفيل كان السابع الذي استخدم بندقية أي آر -15 في إطلاق نار جماعي في الأشهر الـ 11 الماضية.
يشير عشاق الأسلحة ودعاة تقييدها على حد سواء إلى أن الانتشار الواسع لبندقية أي آر -15 هو أحد الأسباب الرئيسية لاستخدامها في عمليات إطلاق النار الجماعية.
وقال والتز: “السلاح متوفر وشعبيته واسعة”، مضيفًا أنه يعتقد أن أي آر -15 هي “أداة غير حية” وتشكل خطورة فقط في حال وقوعها في يد الشخص الخطأ.
“من المؤسف جداً أن يتم اختيار هذه البندقية، لأنها بندقية أمريكا الوطنية ومن السهل إطلاق النار منها، إضافة إلى معاناتنا من هذه المشكلة الإجتماعية”.
من جانبه، قال البروفيسور ميتزل إن بساطة السلاح الذي يجعله مفضلاً لدى المتحمسين يجعله أيضا الخيار المفضل للقتلة في عمليات القتل الجماعي.
وأضاف: “إذا كان الشخص يسعى إلى قتل الكثير من الناس، فهي فعالة للغاية. حيث يمكنك إطلاق عدة رصاصات في الثانية الواحدة، إنها أداة قتل مثالية”.
تشير البيانات أيضًا إلى تزايد الإقبال على بندقية أي أر -15 في أعقاب عمليات إطلاق النار الجماعية، حيث يخشى العديد من المتحمسين تغير التشريعات التي قد تجعل من الصعب الحصول على بنادق جديدة.
قال ميتزل: “بعد كل حادث إطلاق النار، تبرز موجتان متعارضتان من النقاش، فالناس الذين يؤمنون بتعديل سياسة ملكية السلاح يضغطون من أجل إصدار تشريعات جديدة لهذا الغرض، أما آخرون فيستخدمون هذا القلق لزيادة مبيعات السلاح، فيما يخشى هواة الأسلحة صدور تشريع جديد يجعلهم غير قادرين على الشراء”.