BBC العربية
يقول خبراء إن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيكون لها تأثير سلبي كبير على جهود مكافحة تغير المناخ في المدى القصير، لكن التأثير على المدى الطويل يبقى أقل تأكيداً.
ومع اجتماع زعماء العالم الأسبوع المقبل لحضور أحدث مؤتمر للأمم المتحدة للتغير المناخي، مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)، فإن فوز ترامب سوف يُنظر إليه باعتباره عقبة ضخمة أمام التقدم في خفض الانبعاثات وزيادة الدعم المادي للدول النامية.
ومن المعروف أن الرئيس الأمريكي المنتخب من المشككين في قضية المناخ، ووصف الجهود المبذولة لتعزيز الطاقة الخضراء بأنها “احتيال”.
ومع اكتساب الطاقة المتجددة موطئ قدم قوي في الولايات المتحدة ووجود دعم شعبي لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، فإن جهود ترامب لزيادة الاعتماد على النفط والغاز بدلاً من ذلك قد تكون أقل فعالية.
وبالرغم من أن تغير المناخ لم يلعب دوراً كبيراً في حملة هذا العام، فإن الإجراءات المحتملة التي قد يتخذها ترامب بعد توليه منصبه هذه المرة قد تكون أكثر أهمية بكثير مما كانت عليه في عام 2017.
في ذلك الوقت، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وهي العملية الأكثر أهمية التي تتبناها الأمم المتحدة لمعالجة تغير المناخ، والتي شهدت موافقة كل دول العالم تقريبا – لأول مرة – على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.
لكن ما أحدثه قرار ترامب من صدمة كان محدودا، فقواعد المعاهدة تشير إلى أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الانسحاب منها حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أي قبل بضعة أشهر من مغادرته منصبه.
وإذا أعلن ترامب الانسحاب مرة أخرى، فلن يضطر إلا إلى الانتظار لمدة عام قبل أن تخرج الولايات المتحدة بالكامل، ما يمنحه ثلاث سنوات لرسم مساره الخاص دون الحاجة إلى تقديم تقرير للأمم المتحدة أو الالتزام بقواعدها.
وعندما يحضر مفاوضو الرئيس جو بايدن محادثات مؤتمر الأطراف الأسبوع المقبل في أذربيجان، لن يتفقوا على أي شئ يكون ملزماً لإدارة ترامب.
وقال البروفيسور ريتشارد كلاين، الخبير في سياسة تغير المناخ في معهد ستوكهولم للبيئة، إن “الولايات المتحدة في مؤتمر المناخ المقبل ليست مجرد بطة عرجاء، بل إنها بطة ميتة”.
“إنهم غير قادرين على الالتزام بأي شيء، وهذا يعني أن دولاً مثل الصين لن ترغب في الالتزام بأي شيء”.
في السنوات الأخيرة، حاولت الدول الأكثر ثراءً مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي زيادة الأموال المتاحة للدول النامية للتعامل مع تغير المناخ، لكنها تصر أيضاً على أن الاقتصادات النامية الكبرى يجب أن تساهم أيضاً.
وقال البروفيسور كلاين “إن الولايات المتحدة كانت تريد في الأساس أن تدفع الصين بعض الأموال لهذا الصندوق أيضا. والآن لن تتمكن من القيام بذلك. وهذا يترك الصين في مأمن”.
ويقول علماء مناخ إن البلدان النامية تحتاج إلى مليارات الدولارات من الاستثمارات الإضافية لتصبح خالية من الانبعاثات، وهي لا تساهم في تغير المناخ، وتجنب آثار ارتفاع درجات الحرارة.
ورغم أن الولايات المتحدة قد تنسحب من اتفاقية باريس بسرعة كبيرة، فإن ترامب سيظل ملزماً بجهود عالمية أخرى لمكافحة تغير المناخ.
ووردت تقارير تفيد بأن بعض أنصار الرئيس المنتخب يريدون أيضاً أن يديروا ظهورهم لهذه الاتفاقيات، وتحدث بعضهم عن ضرورة قطع كل الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في مجال تغير المناخ، وحثوا الرئيس المنتخب على الانسحاب من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي المعاهدة التي تدعم العمل الجماعي العالمي لمعالجة تغير المناخ.
مجلس الشيوخ الأمريكي صادق على هذه المعاهدة، بالإجماع تقريبا، في عام 1992. والواقع أن الخبراء القانونيين غير واضحين بشأن كيفية الانسحاب من المعاهدة، لكن أي جهد تبذله الولايات المتحدة للخروج من المعاهدة سوف يُنظر إليه باعتباره ضربة موجعة لمبدأ العمل متعدد الأطراف لمعالجة أعظم تهديد في العالم.
وبالإضافة إلى هذه الإجراءات الدولية التي تتصدر عناوين الأخبار، من المرجح أن تدفع إدارة ترامب الجديدة نحو زيادة كبيرة في استكشاف النفط والغاز داخل الولايات المتحدة، والتراجع عن الحماية البيئية، فضلاً عن فرض رسوم جمركية باهظة على المركبات الكهربائية والألواح الشمسية القادمة من الصين.
وقال دان إيبرهارت الرئيس التنفيذي لشركة خدمات حقول النفط “كاناري إل إل سي” لوكالة بلومبرغ نيوز: “إنك تنظر بشكل عام إلى فلسفة “احفر يا صغير”.
“سوف يكون هناك إيرادات عن حق الانتفاع لعمليات الحفر البحري، وسوف ترى خطوط الأنابيب تتحرك بشكل أسرع، وسوف ترى التكسير الهيدروليكي على الأراضي الفيدرالية وعقلية تركز على خفض تكاليف الطاقة للمستهلكين”.
سجلت أسعار أسهم شركات تصنيع التوربينات انخفاضاً كبيراً يوم الأربعاء، مع تنامي المخاوف من إلغاء مزارع الرياح البحرية في الولايات المتحدة من قبل إدارة ترامب.
ولكن على المدى الأبعد، ليس من الواضح ما إذا كان الرئيس المنتخب سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بالفحم والنفط والغاز، أو سيحد من نمو مصادر الطاقة المستدامة.
في البداية، يواجه معارضة، وخاصة من داخل حزبه.
كان قانون خفض التضخم الذي اقترحه الرئيس جو بايدن، والذي قد يوجه في النهاية تريليون دولار من الإنفاق إلى الطاقة الخضراء، مفيدًا للغاية للمناطق الجمهورية.
ووفقًا لأحد التحليلات، خُصص قرابة 85٪ من الأموال للمناطق التي انتخبت الجمهوريين.
ووفق تقرير وكالة الطاقة الدولية، وهي هيئة مراقبة الطاقة، فإن الاستثمار العالمي في التكنولوجيا النظيفة سيبلغ ضعف حجم الفحم والنفط والغاز في عام 2024، وقد لا ترغب الإدارة الأمريكية الجديدة في دفع هذا النوع من الاستثمار الأخضر إلى بلدان أخرى أكثر حماسة.
يضع قادة المناخ الكثير من الثقة في حقيقة مفادها أن الانتقال إلى الطاقة الخضراء لن يخرج عن مساره بسبب إدارة ترامب الجديدة.
وقالت كريستيانا فيغيريس: الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ: “تُعد نتيجة هذه الانتخابات بمثابة ضربة قوية للعمل المناخي العالمي”.
“لكنها لا تستطيع ولن توقف التغييرات الجارية لإزالة الكربون من الاقتصاد وتحقيق أهداف اتفاقية باريس”.