/العمانية/
الجزائر في 12
فبراير/العُمانية/ يناقشُ الروائيُّ الجزائريُّ، فاتح بومهدي، في روايته الصادرة
باللُّغة الفرنسيّة بعنوان “ولو كان لأبي روح طفل” (منشورات داليمان)،
العلاقة بين الآباء والأبناء، محاولا أن يُركّز على فكرة مفادُها بأنّه لا
يُمكن لأيّ شخص أن يكون أبًا، بمعنى آخر أنّ القليل من النّاس فقط يتمكّنون من
أداء أدوارهم كآباء.
ومن الطريف في هذه الرواية
أنّ كاتبها يُذكّر ببعض المواقف التي تنقلب فيها الأدوار، ويصبحُ الأطفال هم
الآباء لوالديهم الذين يرغبون في تجربة أزمة مراهقة أخرى.
ويؤكّد فاتح بومهدي في
تصريح، لوكالة الأنباء العُمانية، أنّ أحداث روايته تدور في أجواء تؤثّثُها جوانب
مهمّة من التراث الثقافي الجزائري، إذ يقول “أنا شغوفٌ بثقافتنا الجزائرية،
لذلك يجد القارئُ في روايتي، على سبيل المثال، جوانب من التراث المعماري الذي تُجسّده
روح مدن مثل الجزائر، ووهران، وأخرى من جنوب الجزائر، إضافة إلى جوانب من التراث
الروحي، والصُّوفي، ومن المهمّ بالنسبة لي أن أحقن الرُّوحانية في كتاباتي”.
ويُشير هذا الروائيُّ إلى
أنّه يعتمد في كتاباته، بشكل أساسيّ، على البشر، ومنطقهم، وسلوكهم اليومي،
وتأمُّلاتهم، ونكساتهم، وانتصاراتهم، وأصالتهم، إذ أنّ ذلك يُعدُّ مصدر إلهام لا
ينضبُ بالنسبة له، فيقول “في كلّ أعمالي السّرديّة السابقة كتبتُ فقط عن الموضوعات
الاجتماعية والنفسيّة، لأنّني أشعر بأنّني مفتونٌ بهذه الحكايات”.
ولهذا ربّما، وجد فاتح
بومهدي نفسه مُضطرًّا، بعد ثلاث سنوات من التحصيل الجامعي، إلى هجرة تخصُّص
القانون الذي حصل فيه على إجازة في القانون الخاص، ليتوجّه إلى دراسة اللُّغة
الإسبانية، وفي الوقت نفسه، كتب قصّته الأولى، وكان عمره يومئذ 20 سنة.
أمّا بخصوص وجود جمهور
للرواية بين فئة الشباب في الجزائر، يؤكّد بومهدي القول “أعتقد أنّ للرواية
قرّاءها. وهناك حضورٌ قويٌّ للجمهور الناطق باللُّغة العربية، إضافة إلى ظهور
قرّاء باللُّغة الإنجليزية، في الآونة الأخيرة، فضلا عن قرّاء يستهلكون الأعمال الأدبيّة
الصادرة باللُّغة بالفرنسية، وهذا ما نلحظه خلال معرض الجزائر الدولي للكتاب في
كلّ دوراته. وفي كثير من الأحيان، تقوم الجمعيات والنوادي الثقافية بتنظيم تظاهرات
البيع بالتوقيع يلتقي فيها الكتّابُ بالقرّاء في قاعات ممتلئة عن آخرها، ليس فقط
في الجزائر العاصمة فقط، بل عبر جميع ولايات الوطن، وهذا مؤشّرٌ جيّد، ويُسعدُني
للغاية”.
من جهة أخرى، يعتقد هذا
الروائيُّ بأنّ هناك الكثير من الإبداع لدى المؤلفين الشباب، وهم يتمتّعون بالجرأة
في كتاباتهم، بغضّ النظر عن اللُّغة التي يكتبون بها، سواء كانت العربية، أو
الفرنسية، أو الإنجليزية، أو الأمازيغية، لأنّ اللُّغة في النهاية ما هي إلا مجرّد
وسيلة للتواصل.
ويُضيف فاتح بومهدي بالقول
“صحيحٌ أنّ بعض الموضوعات التي يناقشها الشباب يمكن أن تصدم أحيانًا القرّاء
من الأجيال الأكبر سنًّا، لكنّ المهمّ هو أن يترك كلُّ جيل بصمته وآثاره، مع
الحفاظ بوضوح على القيم التي تجعلنا كجزائريين نفخر بهويتنا، لأنّ لكلّ جيل وقته
ومجده”.
ويرى بومهدي أنّ هؤلاء
الروائيّين الشباب لا يُشكّلون استمرارًا لما قدّمه الجيل المؤسّسُ للرواية في
الجزائر، إذ يقول “بصراحة، لا أعتقد أنّ أعمال الروائيّين الشباب هي استمرارٌ
لجيل الروائيّين المؤسّسين. أعتقد بأنّ مؤسّسي الرواية الجزائرية هم الركيزة، وهؤلاء
الكتّاب الشباب هم الاستمرارية. إنّ كلّ جيل يُكمّل الآخر، ولا يغني أحدهما عن
الآخر، لأنّ كلّ مؤلّف يسهم بحجر في بناء الأدب الجزائري بكلّ تنوُّعه اللُّغوي
وإبداعه، وأيضا لأنّ الأدب فنٌّ أساسيٌّ وضروريٌّ، فهو يخاطب الأشخاص الأكثر
حساسية للكلمات والمفكرين، بمعنى أنّنا لا نستطيع إنتاج موسيقى بدون كلمات، كما لا
يمكننا إنتاج أفلام بدون نصّ، بل إنّ بعض الروايات يتمُّ اقتباسُها للمسرح، إذن
الكلمات هي الأساس”.
صدرت للروائيّ، فاتح
بومهدي، روايتان، أولاهُما بعنوان “معك أفقدُ اتجاهي” (2019)، والثانية
بعنوان “الغرفة 36” (2021).
/العُمانية/النشرة الثقافية
/طلال المعمري