أخبار متنوعة محلية
الدوحة في 10 أبريل /قنا/ ناقشت الخيمة الخضراء التابعة لبرنامج “لكل ربيع زهرة”، العولمة وتهديد منظومة القيم كواقع جديد أمام المثقف العربي، وأسباب تردي الإنتاج الثقافي والفني، وكذلك دور الثقافة العربية في البعث الروحي والأخلاقي وعوائق توصيل رسائل الإرث الفني والثقافي العربي إلى العالم.
واستعرض المتحدثون في الندوة العاشرة للخيمة، والتي جاءت تحت عنوان “واقع وهموم الثقافة والفنون في العالم العربي”، التعريفات اللغوية والاصطلاحية والنفسية والاجتماعية لكلمة إبداع والسمات الشخصية التي تظهر على سلوكيات المبدع مثل؛ الطلاقة والمرونة والقدرة على الإدراك، والأصالة في التفكير وتحليل الظواهر والإحساس بالمشكلات والقدرة على تحليلها.
وأوضحوا أن الكاتب لا تتحقق له صفة الإبداع إلا إذا استطاع التحليق في فضاءات لم يطرقها أحد، واختار مسارات لم تطأها أقدام، وسبر أغوار عوالم خفية، وطرح أفكارًا برؤى جديدة لم تشغل أذهان من سبقوه.. كل ذلك عبر سردٍ متقنٍ، يمتلك من التقنيات ما يدنيه من الترف، ويقصيه عن الإسراف والبذخ الذي يرهق مخيلة القارئ دون هدف.
ولفتوا إلى أن عصر التطور التقني الحالي، أقام صالونات حديثة عبر الفضاء الإلكتروني تطلق المسميات الفخمة وتهدي الشهادات الفخرية لكل زائر وعابر وإن كان ما يكتبه مجرد حروف متناثرة دون معنى، وربما قام أحدهم بالسطو على أعمال أحد السابقين، فاقتبس منها وربما نقل حرفيًا بعض سطور من أعمال المبدعين السابقين؛ معتمدا على أنه “لا أحد يقرأ ولا أحد يراجع”، وهكذا صارت برامج التواصل الاجتماعي مرتعًا لكل طالب شهرة، ولكنها في الحقيقة شهرة زائفة لا تتعدى فضاء هذا العالم الوهمي.
وأكد المتحدثون أن ذلك أصاب المتلقي بحالة من تدني الذوق، فأصبح يقبل أي منتج يُطرح عليه، ولا يشغل نفسه بالبحث والتقصي لمعرفة مصدره، فالأمر لا يستحق العناء كونه يقتنص من هذا العالم الافتراضي فسحة للهروب من الواقع المزري، مشددين على ضرورة التصدي لهذه الأزمة والإصرار على تقديم الإبداعات ونشرها بالشكل اللائق، وكذلك على دور النشر أن تُنقح ما تقدمه من أعمال، وألا تكتفي بالدور التجاري وتهتم بقيمة ما تقدمه للقراء من أعمال.. إضافة إلى الاهتمام بالإصدارات الإلكترونية من الصحف والمجلات الأدبية التي حلّت محل المطبوعات الورقية، والاهتمام بتقديم محتوى جيد مع الإشراف والتدقيق من متخصصين في اللغة العربية.
وأشار المتحدثون في الندوة إلى أن العولمة الثقافية وآثارها السلبية هي أخطر مضامين العولمة، وأكثر شيء نجحت في نشره هو ثقافة الاستهلاك، وأن الإنتاج الثقافي يغلب عليه الضعف لعدة أسباب منها ضعف التكوين الثقافي لمنشئ المحتوى، وقلة الاحتكاك بين الشباب والرموز والقامات الثقافية، والسعي من أجل الربح على حساب القيم والأخلاق، بالإضافة إلى الأجندة الخفية لإفساد المجتمعات العربية والإسلامية، مدللين على ذلك بالكم الهائل من البرامج والأفلام والمسلسلات والأغاني الهابطة التي تدمر أخلاق المجتمع بحجة أنها تنقل الواقع.
وأضافوا أن الثقافة العربية تحمل في طياتها مجموعة من القيم التي يحتاجها العالم ومنها الجود والكرم، والشهامة والنخوة، والشجاعة والنجدة، والعفة وقيمة المحافظة على الأسرة، لكن غياب وضعف الهوية الثقافية وعدم الاعتزاز بالموروث الحضاري للأمة العربية والإسلامية، والتقليد الأعمى واستنساخ البرامج الغربية، من عوائق توصيل هذه القيم.
ودعا المتحدثون في الندوة إلى الاهتمام بالشباب، وتنمية رؤاهم الشاملة للمستقبل، لتوسيع آفاق الإصلاح في هذه الأمة، وتوعيتهم بكل ما تعنيه الثقافة الرفيعة من سمو المهارات، وغزارة المعلومات، ورقي السلوك، وحسن الخلق، واستقامة القواعد، وقوة ورسوخ المعتقد، وسداد الرأي، وصلابة المعايير، إضافة إلى دعم المشاريع التي يطلقها المتميزون لكي تستمر في الصعود نهوضا برسالتها في بث العلوم، وإصلاح العقول، وتهذيب القلوب، وتقويم السلوك، مع ضرورة تأسيس مؤشر ثقافي يبنى على معايير محلية.