BBC العربية
- محمد عثمان – روبرت بلامر
- بي بي سي الخرطوم ولندن
كانت معظم شوارع العاصمة السودانية الخرطوم خالية من الناس يوم الأحد، فقد أقام الطرفان المتحاربان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حواجز على الطرق.
لكن الصورة كانت مختلفة عند المخابز والمتاجر القليلة التي ظلت مفتوحة، حث تجمعت طوابير طويلة، وغامر بعض الناس بالخروج لفترة وجيزة لشراء الطعام قبل العودة إلى ديارهم للبقاء في أمان.
وبعد الظهر توقفت الأعمال العدائية لمدة ثلاث ساعات، للسماح لآلاف المواطنين المحاصرين في منازلهم بالحركة وكذلك لنقل الجرحى إلى المستشفى.
لكن كان هناك حالة من الصدمة والغضب بين السكان في الخرطوم.
فعلى عكس أجزاء أخرى من البلاد، مثل منطقة دارفور الغربية، فإن الخرطوم مدينة ليست معتادة على الحرب.
وهذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها سكان العاصمة مثل هذه الاشتباكات.
وفي وقت مبكر من يوم الأحد، قالت نقابة الأطباء السودانية إن 17 مدنيا، على الأقل قتلوا في الخرطوم، لكن بعد يومين من القتال، من المرجح أن يكون العدد الحقيقي للضحايا أكبر من هذا.
وقالت خلود خير، من سكان الخرطوم لبي بي سي، إن السكان لا يمكنهم ضمان سلامتهم في أي مكان.
وأضافت: “طُلب من جميع المدنيين البقاء في منازلهم، لكن هذا لم يحافظ على سلامة الجميع”.
وأكدت خلود أن هناك الكثير من الناس إما أصيبوا أو قتلوا برصاص طائش، بينما كانوا في منازلهم أو حولها، أو على أسطح المنازل أو في الحدائق وما إلى ذلك.
وقالت السفارة الهندية إن من بين الضحايا مواطن هندي يدعى ألبرت أوغستين، كان يعمل في السودان وأصيب بنيران طائشة، يوم السبت.
وأدى القتال العنيف والانفجارات إلى استمرار الهزات التي تشهدها العاصمة، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما يشير إلى أن ادعاءات هذه القوات بالسيطرة على 90 في المئة من الخرطوم ليس هناك ما يدعمها.
وأوضح حامد خلف الله، الباحث والمحلل السياسي في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في الخرطوم لبي بي سي، يبدو أن الجيش السوداني يقصف أهدافا داخل المدينة.
وقال خلف الله: “استيقظنا على أصوات إطلاق نار كثيف وقنابل، وفي بعض الحالات كانت أعلى من أمس (السبت)”، مضيفا أنهم سمعوا صوت الطائرات المقاتلة فوق الرؤوس.
وأضاف: “في الأساس، تحاول القوات المسلحة السودانية استهداف المواقع التي توجد فيها ميليشيات قوات الدعم السريع”.
وتحدثت خلود خير عن أن الجيش السوداني أبلغ السكان بأن عناصره ستفتش بعض الأحياء بحثا عن قوات الدعم السريع، التي قالت إنها تحصنت في مناطق مكتظة بالسكان.
وقالت إنها تخشى أن يؤدي ذلك إلى “قتل عشوائي”.
وكانت كاثرينا فون شرودر، من منظمة أنقذوا الأطفال عالقة في مدرسة بالعاصمة الخرطوم منذ بدء القتال صباح السبت.
وقالت لبي بي سي: “في كل مرة كنا نظن أن الأمور هدأت، فجأة تحدث ضوضاء أخرى”.
وأضافت “أقوى الانفجارات كانت هذا الصباح عندما أيقنا أيضا أن هناك انتشار لقوات جوية أو طائرات مقاتلة وقررنا النزول الى القبو لمدة ساعة تقريبا.”
ويدور القتال في جميع أنحاء البلاد، من دارفور في الغرب، حيث قتل ثلاثة من موظفي برنامج الغذاء العالمي، ويمتد إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر في الشرق.
وفي بورتسودان، استيقظ السكان على الانفجارات، لكنهم قالوا في وقت لاحق من اليوم إن الأمور هدأت على ما يبدو.
وهناك قال عثمان أبو بكر: “استيقظت على صوت طائرات مقاتلة تحلق فوق الحي الذي أسكن فيه. عند رؤية الطائرات في السماء، بدأت قوات الدعم السريع في استهدافها بالصواريخ المضادة للطائرات. كانت الأرض تهتز حرفيا. ومرة أخرى، تجمعت عائلتي بأكملها في غرفة واحدة”.
لكن صوت القتال هدأ فيما بعد، وقال أبو بكر إنه خرج ورأى جنود الجيش يحتفلون في الشوارع.
وتكافح مستشفيات الخرطوم لمواجهة الأعداد المتزايدة من الضحايا، حيث تشكو من نقص الأطباء والبنية التحتية.
ومع حلول يوم الجمعة المقبل، المقرر فيه انتهاء شهر رمضان وبداية عيد الفطر، يتساءل مواطنو الخرطوم عما إذا كان لديهم أي شيء يمكنه الاحتفال به.
حتى قبل اندلاع أعمال العنف يوم السبت، شهدت البلاد أياما من التوتر، حين أعادت قوات الدعم السريع انتشار عناصرها في جميع أنحاء البلاد، في خطوة اعتبرها الجيش بمثابة تهديد.
وعطلت هذه التوترات النمط الطبيعي للتواصل الاجتماعي خلال شهر رمضان، حيث كان الناس غير قادرين على اتباع عاداتهم المعتادة في الاحتفال والصلاة في نهاية كل يوم بعد صيام طويل.
وخلال عيد الفطر، عادة ما يتنقل الناس كثيرا ويزورون عائلاتهم والجيران والأصدقاء المقربين، لكن تسود شكوك من إمكانية حدوث هذا الآن.
وبينما ينتظر المواطنون نتائج الصراع، تركز غضبهم على الجنرالين، عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو.
فقد اندلع نزاعهم حول خطط الانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم المدني.
لكن في الوقت الحالي، يريد العديد من السودانيين السلام والاستقرار أكثر مما يريدون الديمقراطية.