BBC العربية
لا يزال دوي الانفجارات وصوت الاشتباكات العنيفة مسموعا في العاصمة الخرطوم، على الرغم من الإعلان عن هدنة إنسانية من المفترض أن تستمر لمدة 24 ساعة.
ويبذل قادة المنطقة جهودا حثيثة لمحاولة التوسط وإنهاء الاقتتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
كما يأمل الاتحاد الإفريقي أن يشكل أيُ وقف لإطلاق النار، فرصةً لقادة كل من جيبوتي وكينيا وجنوب السودان بالوصول إلى هناك والبدء بالتوسط بين طرفي النزاع، إذ فشلت حتى الآن جهود الوساطة الدولية.
ووسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى منحى أكثر خطورة، أعلنت اليابان أنها بدأت بتجهيز الإجراءات اللازمة لإجلاء جميع مواطنيها من السودان.
وشهد محيط القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش بشرق الخرطوم اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة.
وأفاد شهود عيان لـ “بي بي سي” بأنهم سمعوا أصوات رصاص ومدفعية ثقيلة، في عدة مناطق في بحري والخرطوم.
وقال شهود إن ثلاثة أطفال أشقاء، قتلوا جراء سقوط قذيفة عليهم، خلال لهوهم، في منطقة الجريف شرقي العاصمة الخرطوم.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة “لم نتلق أي مؤشرات على توقف القتال” في السودان.
وكان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد وافقا في وقت سابق اليوم على وقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة وذلك بعد أربعة أيام من القتال العنيف في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وقال قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان في تصريحات لشبكة سي إن إن الأمريكية إن وقف إطلاق النار سيبدأ في تمام الساعة السادسة مساء اليوم بالتوقيت المحلي.
كما أكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” أنه وافق على وقف إطلاق النار لضمان إجلاء المدنيين الجرحى.
وتأتي موافقة الأطراف المتحاربة على الهدنة عقب اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بكل من البرهان ودقلو، إذ دعاهما إلى وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة لفتح ممرات آمنة وخروج المدنيين المحاصرين.
وفي سياق متصل، التقى وزيرا الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي والأمريكي أنتوني بلنكين، للمرة الثانية خلال 24 ساعة لبحث المستجدات السودانية.
ووجه الوزيران خلال لقائهما دعوات السلام الأمريكية والبريطانية وحثا طرفي الأزمة على ضرورة العودة للمحادثات ووقف الاقتتال.
وجاء اللقاء عقب تعرض سفير الاتحاد الأوروبي لدى الخرطوم للاعتداء في مقر إقامته بالإضافة إلى الهجوم الذي تعرض له موكب دبلوماسي تابع للسفارة الأمريكية في العاصمة الخرطوم.
وفي بيان للجامعة العربية، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن أمله في التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، والبناء على هذه الخطوة، وتمديد الهدنة الإنسانية.
وجاء البيان بعد اتصال هاتفي لأبو الغيط برئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، تبادلا فيه وجهات النظر حول الوضع الخطير في السودان، وما يُمكن عمله بالتنسيق بين المنظمتين الإقليميتين للوصول الى وقف التصعيد واستعادة الهدوء.
وكان الجيش السوداني قد نشر في وقت سابق على صفحة تابعة له على فيسبوك بيانا ينفي فيه ما أعلنته قوات الدعم السريع عن أنها وافقت على مقترح أمريكي لهدنة لمدة 24 ساعة لوقف القتال المستمر منذ 4 أيام.
وقال بيان الجيش إنه ليس على علم بوجود تنسيق مع وسطاء دوليين حول هدنة بينه وبين قوات الدعم السريع، ووصف حديث قوات الدعم السريع عن الهدنة بمجرد “محاولة للتغطية على الهزيمة الساحقة التي تكبدتها القوات المتمردة”.
الوضع الإنساني
أصدرت وزارة الداخلية السودانية قرار اً وزارياً رقم (195) خاص بتشكيل آلية لتوزيع المساعدات الإنسانية وجمع وحفظ الجثث بالتنسيق مع الهلال الأحمر ومنظمات المجتمع المدني وجميع الجهات ذات الصلة برئاسة الامين العام للمجلس القومي للدفاع المدني.
ومع دخول الصراع يومه الرابع أفادت تقارير واردة من العاصمة السودانية الخرطوم، أن أصوات إطلاق النار ما زالت تسمع على الرغم من تزايد الضغوط والدعوات الدولية لوقف القتال.
وقالت الناشطة في مجال العدالة والديمقراطية في الخرطوم هلا الكاريب، لبي بي سي إنها ما زالت تسمع أصوات المدفعية العالية من حولها. وأضافت “لا يوجد مكان نذهب إليه لأن الخروج أكثر خطورة، إذ لا توجد طرق آمنة” وأشارت الكاريب إلى أن الوضع في الخرطوم “متدهور للغاية”.
بينما قالت دعاء طارق – من سكان العاصمة السودانية – لبي بي سي إنه لم يعد لديها ماء للشرب، وأضافت أن الزجاجة التي كانت تحتفظ فيها بماء لطفلها البالغ من العمر عامين، “نفدت هذا الصباح”.
وقال بعض سكان العاصمة الخرطوم لبي بي سي إن قوات الدعم السريع كانت تنتقل من منزل إلى منزل في الحي لتطلب الماء والطعام، وإنها تقوم بعمليات نهب في بعض المناطق السكنية بالعاصمة.
وأضافوا أنه يمكن رؤية قصف عنيف ودخان أسود حول المطار، الذي يقع في وسط الخرطوم وبجوار المقر العسكري مباشرة، حيث وردت أنباء عن ظهور دبابات في بعض الشوارع.
وتحيط بالمطار مناطق سكنية ومستشفى للسرطان قال موظفوه إن القتال الدائر هناك جعلهم محاصرين.
وقالت مريضة في مستشفى الزارة لبي بي سي، يوم الإثنين، إن الوضع يتدهور لعدم وجود دواء أو طعام. والمستشفى مكتظ بالفعل حيث كان يستقبل مرضى من مستشفى آخر تعرض لهجوم من قبل قوات الدعم السريع.
ويمثل نقص الإمدادات مشكلة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وقال ممثل المنظمة في السودان، الدكتور نيما سعيد عابد، لبي بي سي “تفيد معظم المستشفيات في الوقت الحالي بأن الإمدادات الطبية وأكياس الدم والأكسجين والعديد من الأدوات الجراحية الضرورية قد نفدت”.
ويقول غزالي بابكر، القائم بأعمال المدير الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، إن المدنيين ووكالات الإغاثة التي تحاول مساعدتهم محاصرون بشكل كبير بسبب القتال.
و أضاف أن التحديات الرئيسية التى تواجه الناس في السودان الآن تتمثل في الوصول إلى الرعاية الصحية والمرافق والممرات الإنسانية الآمنة. ويواجه عمال الإغاثة تحديات تتعلق بالوصول إلى السكان العاديين لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وأفادت الأنباء الواردة بأن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما زالا يخوضان معارك ضارية للسيطرة على مقر القيادة العامة في العاصمة، إضافة إلى استمرار القتال حول مطار الخرطوم وأماكن أخرى في أم درمان والخرطوم بحري.
ووفقا للأمم المتحدة، قُتل منذ اندلاع القتال يوم السبت، نحو 185 شخصا وأصيب أكثر من 1800.