عادل بن رمضان مستهيل
adel.ramadan@outlook.com
الطفش، أو ما يُعرف شعبيًا بالملل، حالة نفسية يشعر بها الجميع بدرجات متفاوتة. قد يكون إحساسًا عابرًا في سياق الروتين اليومي، لكنه أحيانًا يصبح مؤرقًا ويؤثر سلبًا على جودة الحياة. من منظور طبي، الطفش قد يكون مؤشرًا على قضايا نفسية أو حتى جسدية تستدعي التدخل.
ما هو الطفش؟
يُعرف الطفش طبيًا بأنه حالة من عدم الرضا أو الإحساس بالفراغ الداخلي، غالبًا نتيجة غياب التحفيز أو نقص التحديات في الحياة.
تشير دراسة منشورة في Journal of Behavioral Psychology إلى أن الطفش يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفقدان التركيز والقدرة على الاستمتاع بالأنشطة اليومية، مما يجعله أحد المؤشرات المبكرة للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.
لماذا نشعر بالطفش؟
- اختلال كيمياء الدماغ:
ترتبط مشاعر الطفش بمستويات الدوبامين في الدماغ، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا رئيسيًا في الشعور بالمكافأة والتحفيز. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Nature Neuroscience أن انخفاض مستويات الدوبامين يؤدي إلى تراجع الحافز ويُسهم في الشعور بالملل. - الإرهاق العاطفي:
الضغوط المستمرة تجعل الإنسان غير قادر على إيجاد المتعة في الأنشطة اليومية. وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية (APA)، فإن الإجهاد المزمن يؤثر على مراكز المكافأة في الدماغ، مما يؤدي إلى الشعور باللامبالاة. - الروتين القاتل:
يصف علماء النفس الروتين اليومي بأنه “عدو الإبداع”، حيث يُفقد الحياة عنصر المفاجأة والإثارة. في هذا السياق، يؤكد كتاب The Power of Habit أن كسر الروتين يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين المزاج. - الإدمان الرقمي:
تُظهر دراسات عديدة، من بينها دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يقلل من تحفيز الدماغ ويعزز الشعور بالملل، خاصة مع الاعتماد المفرط على الترفيه الفوري.
تأثير الطفش على الصحة النفسية والجسدية
الصحة النفسية:
الطفش المزمن يُعتبر عامل خطر للإصابة بالاكتئاب والقلق. دراسة نشرتها مجلة Psychological Medicine أشارت إلى أن الطفش يُضعف القدرة على التكيف مع التحديات اليومية، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية.
الصحة الجسدية:
من المعروف أن الشعور بالطفش قد يدفع الأفراد إلى عادات غير صحية مثل الإفراط في تناول الطعام أو التدخين. هذه العادات يمكن أن تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة مثل السمنة أو أمراض القلب.
كيف يمكن التغلب على الطفش؟
- التنشيط البدني:
الرياضة تحفز إفراز الإندورفين، مما يساعد على تحسين المزاج. دراسة في مجلة Frontiers in Psychology أثبتت أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تُقلل من مشاعر الطفش بنسبة تصل إلى 40%. - كسر الروتين:
يمكن لتغيير بسيط في جدول الأنشطة اليومية أن يُعيد الشعور بالتجديد. على سبيل المثال، تجربة هواية جديدة أو استكشاف أماكن غير مألوفة. - الحد من الوقت الرقمي:
التقليل من استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي يمنح العقل فرصة للراحة، ويُعيد التوازن النفسي. - التواصل الاجتماعي الحقيقي:
قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة يعزز الشعور بالانتماء ويقلل من الإحساس بالفراغ. - العلاج النفسي عند الضرورة:
إذا استمر الشعور بالطفش لفترة طويلة، قد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي لتحديد الأسباب الجذرية ووضع خطة علاجية.
الطفش كفرصة للتغيير
رغم أن الطفش يُعتبر شعورًا مزعجًا، إلا أنه قد يكون فرصة للتأمل وإعادة تقييم نمط الحياة. يراه بعض الخبراء إشارة إلى ضرورة البحث عن التوازن بين العمل، الترفيه، والراحة.
ختامًا
الطفش ليس مجرد إحساس عابر؛ بل هو صوت داخلي يطالب بإجراء تغييرات ضرورية لتحسين جودة الحياة. فهم هذا الشعور واتخاذ خطوات إيجابية تجاهه يُمكن أن يحول الملل إلى فرصة لإعادة اكتشاف الذات والعيش بشكل أكثر توازنًا وإشباعًا.
المراجع والمصادر
- Westbrook, A., Frank, M. J., & Cools, R. (2018). Dopamine and Cognitive Motivation. Nature Neuroscience.
- American Psychological Association (APA). (2020). Chronic Stress and Its Impact on Brain Function.
- Duhigg, C. (2014). The Power of Habit. Random House.
- Hoffman, J., et al. (2017). Exercise and Emotional Well-Being. Frontiers in Psychology.
- Twenge, J. M., et al. (2020). Social Media Use and Its Effects on Mental Health. University of California.
- Moynihan, A. B., et al. (2019). Boredom as a Predictor of Risky Health Behaviors. Journal of Health Psychology.
