BBC العربية
سلمت السفيرة الأمريكية لدى لبنان مسودة مقترح هدنة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الخميس، لوقف القتال بين حزب الله وإسرائيل، وذلك حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصدرين سياسيين دون الخوض في التفاصيل.
وأكد مسؤولان حكوميان لبنانيان لوكالة فرانس برس أن لبنان يدرس المقترح.
وقال مسؤول رفض الكشف عن اسمه إن السفيرة الأمريكية، ليزا جونسون، التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مضيفاً أنها عرضت “مقترحاً أميركياً من 13 نقطة”. دون التصريح عن مضمون النقاط.
من جانبها قالت صحيفة “إسرائيل هيوم” إنه حسب الخطة، سينشر الجيش اللبناني آلاف الجنود على طول الحدود لمنع نشاط حزب الله.
وأضافت الصحيفة، أنه كجزء من الاتفاق الناشئ لوقف إطلاق النار في لبنان، ستوافق إسرائيل على تسليح الجيش اللبناني من قبل دول ثالثة.
تفاصيل المقترح
قالت هيئة البث الإسرائيلية إن مشروع الاتفاق بين إسرائيل ولبنان يتضمن إقرار الطرفين، بأهمية قرار الأمم المتحدة رقم 1701، مشيرة إلى أنه يعطي للطرفين حق الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر، بعد مطالبة إسرائيل بذلك، ما جعل الأمر نقطة إشكالية بالمفاوضات.
وأضافت أنه وفق مشروع الاتفاق فإن الجيش اللبناني سيكون القوة المسلحة الوحيدة بالجنوب مع قوات اليونيفيل الأممية، كما أن أي بيع للأسلحة إلى لبنان أو إنتاجها داخله ستشرف عليه الحكومة.
وأفادت بأنه وفق مشروع الاتفاق، يتعين على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 7 أيام.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المصدر أن المسودة تنص على خروج حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 29 كيلومتراً شمال الحدود الإسرائيلية، إلى جانب قيام الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بمنع الجماعة من العودة جنوباً، فيما أشار إلى أن هناك “نقطة شائكة في التسوية، وهي ضمان فرض إسرائيل وقف إطلاق النار إذا فشل الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في هذه المهام”.
ولفت المصدر إلى أن إسرائيل تسعى إلى استخدام كل الطرق المتاحة لإضعاف ترسانة حزب الله، عبر منعه من التسلح مجدداً وإرهاق مخزوناته التي تستهدفها بشكل يومي، ملمحاً إلى أن “إسرائيل طلبت المساعدة من السلطات الروسية الموجودة في سوريا لمنع تهريب الأسلحة من هناك إلى لبنان”.
خسائر اقتصادية فادحة
أعلن البنك الدولي، الخميس، أن لبنان تكبد “خسائر اقتصادية” بأكثر من خمسة مليارات دولار خلال أكثر من عام من القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل والذي تصاعد أواخر أيلول/سبتمبر إلى حرب مفتوحة، مع تواصل الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة.
كما أكد البنك الدولي في تقرير أنه منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023 “تسبب النزاع في تضرر ما يقدر بـ99,209 وحدات سكنية” مقدراً هذه الأضرار بـ 3,4 مليار دولار.
ومنذ أن أعلن حزب الله فتح جبهة “إسناد” لغزة غداة شن حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 هجوماً غير مسبوق على إسرائيل أطلق شرارة الحرب في القطاع الفلسطيني، شهدت الحدود بين إسرائيل ولبنان تبادل إطلاق نار يومي مع حزب الله.
ونقلت إسرائيل مركز ثقل عملياتها العسكرية في 23 سبتمبر/أيلول إلى لبنان حيث تشن غارات مكثفة “تستهدف بشكل أساسي حزب الله في معاقله في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب البلاد وشرقها”، وفق بيانات الجيش الإسرائيلي.
وباشرت إسرائيل في 30 من سبتمبر/أيلول في عمليات برية في مناطق حدودية.
وجاء في تقرير البنك الدولي الذي يغطي بصورة أساسية الفترة الممتدة من 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 27 تشرين الأول/أكتوبر 2024، أن النزاع تسبّب بـ”خسائر اقتصادية بقيمة 5,1 مليار دولار” ولا سيما في قطاعات التجارة والسياحة والضيافة والزراعة.
قدّر البنك الدولي أن “النزاع خفّض نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للبنان لعام 2024 بنسبة لا تقل عن 6,6 في المئة”، وهو ما “يفاقم خمس سنوات من الانكماش الاقتصادي الحاد المستمر في لبنان”.
وبين الأزمة الاقتصادية التي يعانيها أساساً منذ عام 2019، وتبعات النزاع، يخسر لبنان “ما يعادل 15 عاماً من النمو الاقتصادي”، بحسب المؤسسة المالية، في إشارة إلى الانهيار الاقتصادي في البلاد منذ 2019.
ومن أصل حوالي 99,209 وحدة سكنية متضررة، قدر التقرير أن 18 في المئة منها “مدمرة بالكامل”، مشيراً إلى أن حوالي 81 في المئة من المنازل المصابة تقع في جنوب البلاد، على حدود إسرائيل الشمالية.
بينما تؤكد إسرائيل عزمها على إبعاد حزب الله من المناطق المحاذية لها في جنوب لبنان للسماح لحوالي 60 ألف نازح بالعودة إلى منازلهم في شمال إسرائيل.
التطورات الميدانية
استهدف قصف الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة بعدما أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارا لسكان المنطقة لإخلائها، وفق لقطات لوكالة فرانس برس ظهرت فيها ألسنة اللهب والدخان المتصاعد من المكان.
وقد انهار مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت استُهدف بغارة إسرائيلية جديدة، وفق فرانس برس، وأظهرت عدة صور مقذوفا يضرب الطوابق السفلية للمبنى ما أدى إلى اندلاع النيران وانهيار المبنى وسط سحابة من الدخان.
وجاء القصف بعد حوالى ساعة على نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إنذار إخلاء مرفقا بخرائط وجّه فيه تحذيرا إلى سكان المنطقة قائلا “إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في منطقة الغبيري.. أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لحزب الله”.
وأضاف “من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم اخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر”.
وحددت الخرائط المرفقة أبنية في منطقة قرب ثانوية البستان.
وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” الرسمية عن “غارة ثانية عنيفة شنها طيران العدو الاسرائيلي واستهدفت الغبيري قرب الطيونة قبالة حرج بيروت”، أكبر متنزه في العاصمة اللبنانية
وقد أدت الضربات الإسرائيلية المتكررة على الضاحية الجنوبية إلى موجة نزوح للمدنيين رغم أن بعضهم يعودون خلال النهار لتفقد منازلهم وأعمالهم التجارية.
وقُتل 6 أشخاص بينهم 4 مسعفين في جمعية الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله، جراء غارة إسرائيلية طالت بلدة عربصاليم في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة.
وجاء في بيان للوزارة: “غارة العدو الإسرائيلي على عربصاليم استهدفت نقطة مستحدثة لجمعية الهيئة الصحية – الدفاع المدني، ما أدى إلى سقوط ستة شهداء من بينهم أربعة مسعفين”.
كما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية وقوع 11 قتيلاً و22 مصاباً إثر غارات العدو الإسرائيلي على بلدات في قضاء صور جنوبي البلاد
كما أعلنت مقتل 4 أشخاص وإصابة 13 في غارات إسرائيلية على بلدات عدة بالبقاع شرقي البلاد.
وجددت إدانتها “جرائم العدو الإسرائيلي ضد العاملين الصحيين والمنشآت الصحية”.
غير أن حزب الله يواصل إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل التي تعلن اعتراض عدد كبير منها، بينما تواصل شنّ غارات مكثفة في مناطق عدة.
فأعلن حزب الله تنفيذ 32 عملية تصدي لمحاولات تقدّم القوات الإسرائيلية وضد مواقع وقواعد انتشاره في شمال إسرائيل.
وفي شرق لبنان، قتل ثمانية أشخاص على الأقل بينهم خمس نساء في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدينة بعلبك، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة. كما قتل خمسة عناصر من الدفاع المدني على الأقل جراء غارة طالت مركزهم الرئيسي في المنطقة ذاتها منطقة بعلبك، بحسب ما أفاد مسؤول محلي في الهيئة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس صرح الأسبوع الماضي “لن نقوم بأي وقف لإطلاق النار ولن نخفّض الوتيرة ولن نسمح بأي اتفاق لا يتضمّن تحقيق أهداف الحرب، لا سيّما منها حقّ إسرائيل في التصّرف منفردة ضدّ أيّ نشاط إرهابي”.
ومنذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 3360 شخصا في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
إصابة ثلاثة عمال أجانب جراء الرشقة الصاروخية التي تعرض لها خليج حيفا
أصيب ثلاثة عمال أجانب بجروح طفيفة من جراء الرشقة الصاروخية التي تعرض لها خليج حيفا صباح الجمعة وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الجمعة أنه رصد إطلاق نحو خمسة صواريخ باتجاه خليج حيفا شمال إسرائيل، مشيرا إلى أنه أسقط بعضها.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الجيش قوله إن أحد هذه الصواريخ ضرب موقعا تجري فيه عمليات بناء ما أدى لإصابة شخص واحد بجروح طفيفة.
تزامن ذلك، مع تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد وقت قصير من إصدار الجيش أوامر بإخلاء مناطق فيها.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم 120 هدفا داخل الأراضي اللبنانية خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.
وأصيب جنديان إسرائيليان بجروح متفاوتة الليلة الماضية، جراء سقوط وانفجار طائرة مُسيَّرة مفخخة في قاعدة “إلياكيم” العسكرية شرق مدينة حيفا.
غارات إسرائيلية على سوريا
استهدفت غارات إسرائيلية حي المزة في العاصمة السورية دمشق، الجمعة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، للمرة الثانية خلال يومين.
وقالت سانا: “عدوان إسرائيلي يستهدف منطقة المزة”.
وكانت غارات إسرائيلية استهدفت، الخميس، حي المزة في غرب دمشق وقدسيا في ريف العاصمة السورية.
وأسفرت الغارات الخميس عن مقتل 23 شخصاً، بينهم عناصر في فصائل فلسطينية وآخرين في فصائل موالية لإيران، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وصعّدت إسرائيل من هجماتها على سوريا في الفترة الأخيرة، بما في ذلك على مناطق قريبة من الحدود مع لبنان، مستهدفة بشكل رئيسي ما تقول إنها “معاقل حزب الله” والذي تخوض إسرائيل حربا ضده منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
ويضمّ حي المزّة في دمشق مقار أمنية وعسكرية سورية وأخرى لسفارات ومنظمات أممية، وقد استُهدف بعدّة غارات نُسبت إلى إسرائيل.