BBC العربية
أثار المقترح البريطاني بشأن الحرب في السودان، والذي طُرح أمام مجلس الأمن الدولي، ردود فعل متباينة، خاصة بعد أن استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” لمنع إقراره.
وتضمن مشروع القرار، الذي أعدّته المملكة المتحدة وسيراليون بحسب وكالة فرانس برس، دعوة لوقف إطلاق النار فوراً، والانخراط بحسن نية في حوار يهدف إلى خفض التصعيد والوصول إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
ووصفت الحكومة السودانية “المقترح” بأنه “محاولة لفرض الوصاية على الشعوب وخدمة أجندات بعض القوى”، وأشادت بالموقف الروسي، معتبرةً أنه يعكس وفق تعبيرها، “التزاماً بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي، ودعم استقلال السودان ووحدة أراضيه ومؤسساته الوطنية”.
وعلل دميتري بوليانسكي، وهو نائب مندوب روسيا الدائم بالأمم المتحدة، رفض بلاده تمرير القرار بأن “مشروع القرار لا يحدد المسؤول عن قضايا مثل حماية المدنيين والحدود، ومن يجب أن يتخذ قرار دعوة قوات أجنبية إلى البلاد ومع من يجب أن يتعاون مسؤولو الأمم المتحدة لمعالجة المشاكل القائمة”.
ولفت إلى أن بريطانيا تجنبت الإشارة صراحة إلى الحكومة السودانية الشرعية معتبراً أنه “أمر غير مقبول”، وأضاف: “ليس لدينا شك في أن حكومة السودان فقط هي التي يجب أن تقوم بهذا الدور، لكن بريطانيا تحاول سلبها هذا الحق”.
بينما قال ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، عقب التصويت على مشروع القرار “لقد حال بلد دون صدور موقف موحد للمجلس”، واصفاً موقف روسيا بـ “المشين”.
أما سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد فاعتبرت أن “روسيا تشدّد على أنها تؤيد الأفارقة وتقف إلى جانبهم، لكنها تصوت ضد قرار يدعمه الأفارقة ويصب في صالحهم”، معتبرة أن معارضة روسيا “غير مقبولة” لتدابير “إنقاذ الأرواح”.
كما أعربت الإمارات العربية المتحدة عن خيبة أملها لفشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع القرار، وأوضحت عبر بعثتها أن السبيل الأمثل لحماية المدنيين يتمثل في إنهاء الحرب، داعية جميع أطراف النزاع إلى المشاركة البناءة لتحقيق هذا الهدف.
ويتهم الجيش السوداني الإمارات بدعم “قوات الدعم السريع” في مواجهة الجيش في السودان خلال أكثر من عام من القتال، فيما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات بشدة.
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر “موافقة وإكمال”
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية
نهاية Twitter مشاركة
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وجّهت اتهامات للطرفين بارتكاب جرائم حرب، منها استهداف المدنيين، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب.
وقد أجبر النزاع نحو 11.3 مليون شخص على النزوح، بينهم قرابة 3 ملايين فروا إلى خارج السودان، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي وصفت الوضع الإنساني بأنه “كارثة”.
كما يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام حاد في الأمن الغذائي، فيما أُعلِنت المجاعة في مخيم زمزم بإقليم دارفور.
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة العنف، حيث أبلغت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، أن كلا الطرفين يعتقد أن بإمكانه حسم الصراع عسكرياً.
تسلسل زمني لأهم الأحداث
وقعت الأحزاب السياسية السودانية والجيش اتفاقاً إطارياً، في ديسمبر/كانون الأول 2022، قالوا إنه سيمهد الطريق أمام فترة انتقالية بقيادة مدنية لمدة عامين نحو الانتخابات وإنهاء المواجهة العنيفة التي أثارها انقلاب في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ووضع الاتفاق الإطاري الأساس لتسليم السلطة خلال عامين و إجراء انتخابات وطنية، كما وافق الجيش ـ الذي تولى السلطة منذ الانقلاب ـ على أنه لن يكون ممثلاً إلا في مجلس الأمن والدفاع الذي يرأسه رئيس وزراء.
ولم يحدد الاتفاق الإطاري موعدا للتوصل إلى اتفاق نهائي أو تعيين رئيس للوزراء، وترك قضايا حساسة بما في ذلك العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن لمزيد من المحادثات.
ومع بدء الحكومة الانتقالية، التي لا تزال بقيادة البرهان، في التفاوض على تنفيذ الخطة، بدأت نقاط الخلاف الرئيسية في الظهور، وكان أبرزها دور حميدتي وقوات الدعم السريع؛ حيث رفع الاتفاق حميدتي إلى مستوى البرهان، ولم يعد بناء على ذلك نائباً للجنرال.
ودعا الاتفاق إلى الدمج النهائي لقوات الدعم السريع في القوات المسلحة الشرعية في السودان ووضع كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تحت قيادة مدنية.
كان أحد نقاط ضعف الاتفاق أنه لم يحدد موعداً نهائياً لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية (أصر البرهان على عملية مدتها عامان، بينما اقترح حميدتي جدولًا زمنياً مدته عشر سنوات).
ومع مرور الأشهر، استمر الصراع على السلطة بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في تعطيل جهود انتقال البلاد.
وبحلول أوائل أبريل/نيسان 2023، اصطفت القوات المسلحة السودانية في شوارع الخرطوم، وتم نشر جنود قوات الدعم السريع في جميع أنحاء السودان.
وفي 15 أبريل/نيسان 2023، هزت سلسلة من الانفجارات الخرطوم، إلى جانب إطلاق نار كثيف، واتهمت قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع كل منهما الآخر بإطلاق النار.
وفي أوائل مايو/أيار 2023، انهارت مفاوضات السلام بعد أن تخلت القوات المسلحة السودانية عن المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
جاء ذلك في أعقاب إعلان البرهان أن مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرثيس، لن يُسمَح له بعد الآن بالتواجد في البلاد، وهي علامة صارخة على رفض المتحاربين التعاون مع الجهود الدولية من أجل السلام.
في يونيو/حزيران 2023، اتخذت إدارة جو بايدن تدابير لتعزيز المساءلة لأولئك المتورطين في الصراع.
وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً لصالح القرار، مقابل 16 ضد وامتناع 12 عن التصويت، لاعتماد قرار بإنشاء لجنة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية النزاع.
فرضت الولايات المتحدة قيوداً على تأشيرات الدخول على قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وكذلك أولئك التابعين لنظام البشير السابق، وفرضت عقوبات على شركات التعدين التابعة لقوات الدعم السريع والشركات التي تدعم عمليات القوات المسلحة السودانية، ورفعت مستوى الاستشارات التجارية للسودان.
وفي ظل ضغوط من الحكومات الأجنبية وجماعات حقوق الإنسان، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومع ذلك، لم يوافق أي من الجانبين على وقف القتال أثناء استمرار المحادثات، وقد فشلت المفاوضات السابقة حيث لم تلتزم الفصائل المتحاربة بأي محاولات لاتفاقيات وقف إطلاق النار.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، تأجلت المفاوضات في جدة للمرة الثانية بعد أن لم يوافق أي من الجانبين على الوفاء بالتزاماته، بما في ذلك تسهيل المساعدات الإنسانية.
وبعد شهر، علقت القوات المسلحة السودانية الاتصال بالهيئة الحكومية الدولية للتنمية، وهي كتلة إقليمية في شرق إفريقيا تحاول إنشاء منتدى بديل للوساطة.
وفي الوقت نفسه، استمرت المعارك في الخرطوم ، وتزايدت حوادث العنف في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في دارفور.
وفي الثامن من مارس/آذار 2024، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى وقف فوري للعنف في السودان.
وبعد بضعة أيام، وافقت القوات المسلحة السودانية على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع قوات الدعم السريع، بوساطة ليبيا وتركيا.
ومع ذلك، انهارت المحادثات في 11 مارس/آذار 2024 بعد أن رفض أحد كبار جنرالات القوات المسلحة السودانية اقتراح وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان المبارك ما لم تنسحب قوات الدعم السريع من المواقع المدنية.
جاء البيان بعد أن أحرزت القوات المسلحة السودانية تقدمًا كبيرًا نحو استعادة الخرطوم، وقد نُسبت النجاحات الأخيرة للقوات المسلحة السودانية جزئيًا إلى استخدامها للطائرات بدون طيار المسلحة التي قدمتها إيران.
وفي شهر يوليو/تموز 2024 طالب مجلس الأمن الدولي، قوات الدعم السريع في السودان بإنهاء حصارها لمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، ووضع حد للمعارك حيث يُحتجز مئات الآلاف من المدنيين.
ودعا مجلس الأمن في مشروع قرار صاغته المملكة المتحدة وحظي بتأييد 14 عضواً في المجلس مع امتناع روسيا عن التصويت، إلى الوقف الفوري للمعارك وإنهاء التصعيد داخل الفاشر وحولها.
وفي منتصف أغسطس/آب 2024 أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان “المضي قدما” في اجتماع سويسرا حول إنهاء الأزمة في البلاد رغم عدم وجود ممثل عن الحكومة أو الجيش السوداني.
وشارك في محادثات جنيف، الأربعاء 14 من أغسطس/آب فضلاً عن ممثلي قوات الدعم السريع، ممثلون عن كل من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والسعودية والإمارات والاتحاد الإفريقي وكذلك عن الأمم المتحدة.
وبعد انتهاء محادثات جنيف، قال المبعوث الأمريكي الخاص، توم بوريلو إن “المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلاً”.