السلطنة اليوم – د. حامد المرجان – أكاديمي وباحث في التنمية
تعكس ميزانية سلطنة عمان لعام 2025 استمرارية النهج الحذر والمنهجي في إعداد السياسات الاقتصادية، معتمدًا على دراسات دقيقة وتحليلات متأنية. تتسم هذه السياسات، منذ إطلاق أول ميزانية وخطة خمسية في عام 1976، بالاعتماد على رؤية استراتيجية تستهدف التنمية المستدامة ومعالجة التحديات الاقتصادية.
طوال العقود الخمسة الماضية، تمكنت السلطنة من مواجهة أزمات اقتصادية عديدة، أبرزها انخفاض أسعار النفط في مراحل مختلفة، دون أن تتحمل تداعيات اقتصادية مؤثرة. وتجدد ميزانية 2025 هذا الالتزام بالاستدامة المالية، إذ تركز على تنويع مصادر الدخل، تعزيز النمو الاقتصادي، وخفض تكلفة الدين العام، مع المحافظة على الدعم الموجه للجوانب الاجتماعية.
منذ تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم قبل خمس سنوات، شهدت السلطنة إصلاحات اقتصادية شاملة أثمرت نتائج ملموسة، حيث حققت عمان فائضًا ماليًا قدره 931 مليون ريال عماني في 2023، وانخفض معدل التضخم إلى 1.03%، وهو معدل يُعد إيجابيًا في سياق التحديات الاقتصادية العالمية.
وفي سياق الإصلاحات الاقتصادية، تتطلب بعض السياسات الجديدة، مثل فرض الضرائب، توافقًا اجتماعيًا وتفهمًا من المجتمع، خاصة في ظل التغيير من نمط حياة يعتمد على وفرة الموارد. يواجه المخططون الاقتصاديون في عمان تحديات عدة، أبرزها التوازن بين الجوانب المحاسبية والاجتماعية، ومعالجة قضايا مثل التركيبة السكانية، حيث يشكل سكان العاصمة مسقط نحو 1.5 مليون نسمة، نصفهم من المواطنين، إضافة إلى قضايا البطالة والتعليم وغيرها.
ورغم هذه التحديات، حققت السلطنة إنجازات تنموية استثنائية خلال العقود الخمسة الماضية، إلا أن المرحلة المقبلة تستدعي تضافر جهود المخططين الاقتصاديين وصناع القرار والمجتمع لمعالجة القضايا التنموية والاستمرار في مسار التنمية المستدامة.
-د. حامد المرجان، أكاديمي وباحث في التنمية.