عواصم في 26
يناير /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا
مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وتتعلق بتداعيات انسحاب
ترامب من اتفاقية باريس، و التكلفة الحقيقية للإنفاق المناخي على العالم بالإضافة
إلى آفاق العالم ثلاثي الأقطاب.
فصحيفة
“ميل آند جارديان” الجنوب أفريقية نشرت مقالًا بعنوان: “انسحاب
ترامب من اتفاقية باريس سيؤثر على مستقبل الطاقة المتجددة في الجنوب العالمي”
بقلم الكاتب “كارابو موكجونيانا” وهو ناشط في مجال الطاقة المتجددة.
استفتح الكاتب
مقاله بالتأكيد على أن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب بانسحاب
الولايات المتحدة من اتفاق باريس وقطع جميع الالتزامات المالية ذات الصلة يشير إلى
تحول زلزالي في حوكمة المناخ العالمية.
ويرى أن القرار
يعكس تراجعًا عن العمل المناخي الجماعي ويقوض آليات التمويل الحاسمة والأطر
التعاونية اللازمة لتطوير الطاقة المتجددة.
ومن وجهة نظره
فإن قارة أفريقيا وغيرها من المناطق النامية تتحمل العبء الأكبر من هذا القرار،
لأنه يهدد بتعطيل المسارات الهشة بالفعل نحو مستقبل الطاقة المستدامة.
ووضح الكاتب أن
اتفاق باريس قد أكد على العمل المناخي العادل، حيث التزمت الدول المتقدمة بتوفير
100 مليار دولار سنويًّا لدعم التخفيف والتكيّف في البلدان النامية. لذا فإن قرار
ترامب بإلغاء خطة التمويل المناخي الدولية الأمريكية وتجميد الأموال المرتبطة بها
يلغي جزءًا كبيرًا من هذا التمويل.
وأشار إلى أنه بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية، كان تمويل المناخ الأمريكي بمثابة شريان حياة
لمشروعات الطاقة المتجددة.
وبين أن مبادرات
مثل ممر الطاقة النظيفة في أفريقيا، الذي يهدف إلى تعزيز الاتصال الإقليمي بالطاقة
وتوسيع نطاق مشروعات الطاقة المتجددة، تعتمد بشكل كبير على التمويل الدولي. ومن
خلال الانسحاب، تسهم الولايات المتحدة في صنع فراغ مالي سيكون من الصعب على الدول
المانحة الأخرى ملؤه.
ويعتقد الكاتب بأن هذا الانخفاض في التمويل خطير بشكل خاص بالنظر إلى أن العديد من الدول
الأفريقية تواجه أزمات ديون متصاعدة، مما يترك مساحة مالية ضئيلة للاستثمارات
المستقلة في مجال الطاقة المتجددة.
وأكد في ختام
مقاله على أنه بدون الدعم المالي الكافي، قد تتوقف مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة
الرياح والطاقة الحرارية الأرضية واسعة النطاق، مما يعرض الجهود الرامية إلى تحقيق
الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة (الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة) وأهداف
أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 للخطر.
وفي سياق متصل،
طرح الكاتب “بيورن لومبورج” وهو رئيس إجماع كوبنهاجن وزميل زائر في
مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد الأمريكية تساؤلًا مفاده: ما هي التكلفة الحقيقية
للإنفاق المناخي على العالم؟
وقال الكاتب في
بداية مقاله الذي نشرته صحيفة “بانكوك بوست” التايلندية: “في مختلف
أنحاء العالم، تعاني المالية العامة من ضغوط خطيرة. ويستمر نمو الفرد في الانخفاض
في حين ترتفع تكاليف المعاشات التقاعدية والتعليم والرعاية الصحية والدفاع.
وقد تتطلب هذه
الأولويات العاجلة بسهولة 3-6% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، يدعو
النشطاء البيئيون الحكومات بصوت عالٍ إلى إنفاق ما يصل إلى 25% من الناتج المحلي
الإجمالي لخنق النمو باسم تغير المناخ”.
وأضاف:
“نُشر أخيرا تقديران علميان رئيسان للتكلفة العالمية الإجمالية لتغير
المناخ. وهما عبارة عن دراستين إحداهما من تأليف أحد أكثر خبراء اقتصاد المناخ
استشهادًا وهو ريتشارد تول والأخرى من تأليف خبير اقتصاد المناخ الوحيد الذي فاز
بجائزة نوبل، وهو ويليام نوردهاوس”.
وتشير الدراستان إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن سوف يخلف
تكاليف عالمية تعادل ما بين 1.9% و3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتقدر الأمم
المتحدة أنه بحلول نهاية القرن، سوف يصبح متوسط ثروة الفرد 450% من ثروته اليوم.
وبسبب تغير المناخ، سوف يشعر الفرد بـ “فقط” 435-440% من ثروته اليوم.
وفي هذا السياق،
تساءل الكاتب: لماذا يختلف هذا كثيراً عن الانطباع الذي أعطتنا إياه وسائل
الإعلام؟
ويرى أن دعاة
التحذير من الكوارث والصحفيين يفشلون في تفسير حقيقة بسيطة مفادها بأن الناس قادرون
على التكيف بشكل ملحوظ ويعالجون أغلب مشاكل المناخ بتكلفة منخفضة.
ووضح أن
السياسيين الأكثر مسؤولية- على حد وصفه- يريدون فقط تحقيق انبعاثات كربونية صافية
صفرية بحلول عام 2050.
ولكنه يعتقد بأن
هذا النهج لا يزال يعني إبطاء النمو باسم تغير المناخ، من خلال إجبار الشركات
والأفراد على استخدام الطاقة الخضراء الأقل كفاءة بدلًا من الوقود الأحفوري.
وستكون التكاليف
الإجمالية هائلة، بين 15 و37 تريليون دولار أمريكي سنويًّا طوال القرن، أي ما
يعادل من 15 إلى 37٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي اليوم.
ومن وجهة نظره
فإن التكلفة الحقيقية لسياسة المناخ غير الفعّالة هي أنها تصرف الموارد والانتباه
عن أولويات أخرى.
وأعطى مثالًا
على ذلك قارة أوروبا. فقبل خمسة وعشرين عامًا، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه من خلال
الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير في مختلف أنحاء الاقتصاد، سوف يصبح
“الاقتصاد الأكثر تنافسية والأكثر ديناميكية القائم على المعرفة في العالم”.
وبحسب الكاتب
فإن هذا الأمر نتج عنه إخفاق كبير، فلم يتزحزح الإنفاق على الابتكار تقريبًا،
والآن أصبح الاتحاد الأوروبي متخلفًا كثيرا عن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية،
بل وحتى الصين.
وأشار إلى أنه بدلًا من ذلك، حول الاتحاد الأوروبي تركيزه، وبهوس بالمناخ نحو اقتصاد مستدام بدلًا من اقتصاد سليم.
ويرى الكاتب أن
عدم التركيز على الابتكار أدى إلى إعاقة أوروبا.
وبين أن منطقة
اليورو قد شهدت نمواً سنوياً هزيلاً على مدى العقد الماضي، حيث بلغ أكثر من 1%
للفرد. وبالمبلغ الذي أنفقته على سياسة المناخ الرمزية، كان بوسع الاتحاد الأوروبي
أن يفي بأهدافه الخاصة بالإنفاق على الابتكار لمدة عقدين من الزمن.
وقال في ختام
مقاله: “يتعين على بقية العالم أن ينتبه إلى مثال أوروبا ويتوقف عن إهدار
الأموال على سياسات المناخ السيئة”.
من جانب آخر،
يرى الكاتب “جاي بيلوسكي” أن العالم قد أصبح الآن ثلاثي الأقطاب:
الأمريكتين وأوروبا وآسيا.
وأشار في بداية
مقاله الذي نشرته صحيفة “نيو ستريتز تايمز” الماليزية إلى أنه في عام
2024، كانت كلمة السر في الأسواق المالية هي “الاستثنائية الأمريكية”،
حيث تفوق الاقتصاد والأسواق الأميركية على بقية العالم.
ولكن مع تحول
التقويم، ربما حان الوقت الآن لإزالة هذه الغمامات الجغرافية للنظر في المنافسة
الإقليمية الأكبر التي من المرجح أن تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي في السنوات
المقبلة.
وبين أنه ربما
نكون في خضم دورة نمو عالمية طويلة الأجل مدفوعة بالمنافسة المتزايدة في المجالات
الحاسمة للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الخضراء والأمن بين المناطق الثلاث
المهيمنة في العالم: الأمريكتين وآسيا وأوروبا – العالم الثلاثي الأقطاب.
وقال الكاتب إنه
يمكن القول إن الاقتصاد العالمي كان يتحرك نحو تكامل إقليمي أكبر منذ أواخر العقد
الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما توقفت العولمة في أعقاب الأزمة المالية
العالمية وتقوضت القومية بسبب تجربة خروج المملكة المتحدة الكئيبة- على حد وصفه-
من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2016.
ويرى أن جائحة
كوفيد-19 قد وفرت دفعة قوية لهذا الاتجاه، حيث توقفت خطوط الإمداد وأدركت الحكومات
أن الحصول على الأدوية والسلع ضرورة ملحة للأمن القومي.
ولفت إلى أن هذا
الأمر قد أدى إلى التحرك نحو “التعاون مع الأصدقاء” والتعاون مع الشركات
القريبة.
فقد قفزت نسبة
الشركات الأمريكية التي تخطط لتقصير سلاسل التوريد الخاصة بها من 63% في عام 2022
إلى 81% في عام 2024، وفقًا لمسح المرونة الذي أجرته شركة باين في عام 2024 وشمل 166 من الرؤساء التنفيذيين والمديرين التنفيذيين للعمليات.
وبين أن هذا
التحرك نحو تكامل إقليمي أكبر يعني أنه بدلاً من الاعتماد على سوق مهيمنة واحدة
للتكنولوجيا الخضراء والذكاء الاصطناعي والأمن، قد تسعى المناطق الثلاث إلى سياسات
صناعية تدعم الاستثمار في هذه المجالات (على سبيل المثال، مصانع تصنيع أشباه
الموصلات، ومصانع البطاريات والمركبات الكهربائية، ومبادرات الاستعداد الصناعي
الدفاعي، وما إلى ذلك).
وطرح الكاتب
تساؤلًا مفاده: ماذا يعني هذا التحول ثلاثي الأقطاب بالنسبة للمستثمرين؟
ومن وجهة نظره
فإن هذا يعني أنه قد تكون هناك محركات متعددة للنمو العالمي في السنوات القادمة
تنشأ خارج الولايات المتحدة.
/العُمانية/
أحمد صوبان
Source link