مسقط في 3 فبراير /العُمانية/ بدأت اليوم بمحافظة مسقط أعمال
ندوة أطراف الإنتاج الثلاثة بعنوان “نحو حوار اجتماعي أكثر استدامة”، التي ينظمها
الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان بالتعاون مع أطراف الإنتاج الأخرى وزارة العمل
وغرفة تجارة وصناعة عُمان وبمشاركة عدد من الجهات المحلية والدولية، وتستمر يومين.
وتهدف الندوة إلى تعزيز الحوار الاجتماعي والاحتفاء بما حققته
سلطنة عُمان من تجويد منظومة الحماية الاجتماعية وتحديث تشريعات العمل بحوارٍ
اجتماعي بمشاركة أطراف الإنتاج، وتوفير بيانات تحليلية لتحقيق فاعلية أكبر للحوار
الاجتماعي، ورصد التحديات التي تواجهها لجان الحوار الوطنية التخصصية، وبحث
أولويات واستراتيجيات عملها، وتشغيلها، وهيكلتها، وطرق تمويلها، وتكامل أدوارها.
رعى افتتاح الندوة معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير
النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة وممثلين
عن أصحاب العمل والعمال، وعدد من الجهات المحلية والدولية.
وألقى نبهان بن أحمد البطاشي رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام
لعمال سلطنة عُمان كلمة أكد فيها على أهمية انعقاد الندوة ودورها في ترسيخ مفاهيم الحوارِ الاجتماعي ومبادئه
الذي أثبت فعاليته في التصدي لشتى التحديات والأزمات التي عصفت بالعالم، والتي
كانت نتائجها أقل ضررًا لمن كان يتبنى سياسة الحوار الاجتماعي البنّاء.
وأضاف: لقد أظهرت هذه التحديات حرصًا والتزامًا من الجهات
الممثلة لأطراف الإنتاج سواء بشكل مستقل أو تعاوني بإرساء أرضية من التفاهم
المشترك، المبني على تغليب المصلحة العامة، وقد أدركت هذه الأطراف بأن الحوار
الاجتماعي أداة رئيسة لتحقيقِ أهدافها من خلال المبادرات والبرامج المشتركة التي
صممت للتغلب على التحديات، ما يعكس مستوى الشعور المتبادل بتقاسم المسؤوليات
الوطنية.
وأشار رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان إلى أنه قد تم العمل خلال السنوات السابقة
بإرادة ودعم مشتركين من جميعِ الأطراف الوطنية من أجل التشاور الثلاثي الذي توّج
بمجموعة من الإنجازات، منها تجاوز الآثار الناجمة عن جائحة كورونا؛ إذ أسهمت تلك الجهود
في الإبقاء على عقود العمل، وإعادة أكثر من 9 آلاف عامل إلى وظائفهم، وإجراء
إصلاحات تشريعية مهمة لمنظومة سوقِ العمل والحماية الاجتماعية، والتي توّجت بإصدار
قانونِ العمل الجديد الذي أحدث نقلة نموذجية في حفظ حقوق العمال.
وأضاف أن للحوار الاجتماعي ركائز أساسية يستند عليها وفقًا
لمرجعيات منظمة العمل الدولية، فإقامة حوار ثلاثي بنّاء وفاعل يستلزم وجود بعض
الضمانات لممثلي العمال وأصحاب العمل على حد سواء مع إيجاد الإطار القانوني الدائم
لأرضية المشاورات الثلاثية؛ لذا فإن معطيات المرحلة تتطلب دعم التصديق على
اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم
والمفاوضة الجماعية، بالإضافة إلى الاتفاقيات الأخرى المعززة للمشاورات الثلاثية
وحماية ممثلي العمال.
من جهته أكد فايز بن علي المطيري، مدير عام منظمة العمل
العربية أن الحوار الاجتماعي في سلطنة عُمان شهد قفزة نوعية بفضل الإصلاحات
التشريعية الأخيرة التي تؤكد رغبة الحكومة في مواءمة تشريعاتها مع المعايير
العربية والدولية وتحقيق الانسجام بين مسيرة التنمية الاقتصادية وحماية حقوق
العمال المواطنين والوافدين، إلى جانب حزمة من التحسينات المهمة التي تواكب متغيرات
أسواق العمل، وتنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل في الأنماط الجديدة للعمل، وتعزز منظومة التشاور بين أطراف الإنتاج من خلال تشكيل لجان الحوار المشترك لتكون
أدوات فاعلة في حل المنازعات وتحسين الحوار وظروف وشروط العمل وتعزيز الحوكمة
وتمكين المواطن العُماني في سوق العمل.
وأضاف: لقد أثبت الحوار الاجتماعي أنه صمام أمان في أوقات
الأزمات إذ يوحّد الرؤى ويعزز التوافق في قضايا جوهرية تُسهم في تحسين القدرة
التنافسية للاقتصاد الوطني، واستقطاب الاستثمارات ودفع عجلة التنمية المستدامة مبينًا
أن منظمة العمل العربية تؤكد التزامها الراسخ بمواصلة رسالتها في دعم الدول
العربية الأعضاء لإرساء آليات الحوار الاجتماعي وتوفير الدعم الفني اللازم،
والإسهام في تطوير التشريعات الوطنية من خلال اتفاقيات وتوصيات العمل العربية.
بدوره قال لوك تراينجل، الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات
إنّ تثمين دور الحوار الاجتماعي وتعزيزه هو الهدف الأسمى لنا كحركة نقابية دولية ولجميع
الشركاء الاجتماعيين، موضحًا أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تُعد قبلة
للعمال المهاجرين بواقع أكثر من 17 مليون عامل وما يطرحه هذا العدد من إشكالات
تشريعية وحقوقية وحتى ثقافية، سيكون من المهم إعداد الأرضية الملائمة لاستقبالهم للعمل
والعيش في ظروف لائقة في إطار الحوار الاجتماعي.
وأضاف: أمّن القانون الجديد الحق في الأجر العادل للعمال
المهاجرين دون تمييز بينهم وبين العمال العُمانيين، وهو بند يختزل قيمة العدالة
والمساواة، وهو ما يتجلى أيضًا في إقرار الحق في الإجازات مدفوعة الأجر والتأمين
الصحي والاجتماعي إلى جانب الحق في بيئة عمل آمنة والحق في التظلم والشكاوى والتدريب
والتطوير المهني بالتساوي بين العمال العُمانيين وبين قرابة 1.9 مليون عامل في
سلطنة عُمان؛ وهذا دافع نحو مواصلة تحسين التشريعات الداعمة للحقوق والحريات
النقابية.
وقد شهد اليوم الأول تقديم عدد من أوراق العمل تناولت (الإطار
الدولي للحوار الاجتماعي في معايير العمل الدولية) و (الإطار التشريعي والمؤسسي
للحوار الاجتماعي في سلطنة عُمان) إلى جانب استعراض (المشاركة المجتمعية في رسم
السياسات الاقتصادية وآلية التكامل مع الجهات ذات العلاقة)، و (التجربة
السنغافورية: آليات مأسسة الحوار الاجتماعي ودوره في رسم السياسات الاجتماعية
والاقتصادية وتحديد الحد الأدنى للأجور ومعدلات التضخم) بالإضافة إلى الحوار
الاجتماعي وأثره في نمو الأعمال.
وتناقش الندوة الممارسات النموذجية للحوار الاجتماعي الثلاثي،
من خلال استعراض نماذج دولية، تعمل على تعزيز الإجراءات المتعلقة بالحوار
الاجتماعي وتحقيق مستوى متميّز من الوعي بأهميته وترسيخ قيم التكاملية في عمل لجانه،
والسعي لوضعه ضمن الأولويات والاستراتيجيات الوطنية بالتعاون مع الجهات الفاعلة.
كما تستعرض الندوة الأدوات والمهارات العملية اللازمة لمساعدة
ممثلي لجان الحوار الاجتماعي، والتعامل مع التحولات والتحديات في سوق العمل والتشغيل،
بما يعزز التوجهات الوطنية نحو اقتصاد مستدام وجاذب للاستثمار.
/العُمانية/
مصعب العجيلي / عبدالله الشريقي
Source link