رحمة حجة- واشنطن
11 فبراير 2025
تستعد مصر لاستضافة قمة عربية طارئة في 27 فبراير الحالي، لتناول “التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية”.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إن هذا الإعلان جاء بالتنسيق مع البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، وبناء على طلب السلطة الفلسطينية.
ولطالما كانت القمم العربية، العادية منها والطارئة، منذ انطلاقها قبل ثمانية عقود، تضع الصراع العربي الإسرائيلي، في مقدمة أولوياتها.
لكن الزمن غيّر النظرة لهذا الصراع كثيرا، لا سيما مع انخراط عدد من الدول العربية في مسار التطبيع، وغرق الفلسطينيين في الانقسام الداخلي، وصولا إلى ما يُعرف بـ”الربيع العربي” في 2011 الذي دفع دولا عربية عديدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها.
حتى مواقف شعوب هذه الدول تغيّرت بنسب متفاوتة، إن جاز التعبير.
فالأجيال التي كانت في الماضي تشارك في صناعة الرأي العام لم تعد هي نفسها، والأفكار الناظمة لحراك الشارع تغيرت أيضا إلى حد كبير.
ومن وسط دعاة الحرب والمواجهة المسلحة مع إسرائيل، صعدت موجات جديدة تطالب بالسلام، وتعتبر أن القضية الفلسطينية “ليست قضية القضايا”، وأن لكل دولة مشكلات عليها حلّها أولا.
وهذه أبرز القرارات التي خرجت عن القمم العربية، والأحداث المرتبطة بها:
28 مايو 1946- مصر
أرّخ هذا اليوم لأول قمة عربية جمعت الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، بدعوة من ملك مصر، فاروق، آنذاك.
ودعت القمة في بيانها إلى “تشكيل حكومة وطنيّة لحماية حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو العقيدة”. وجاء في البيان أيضا أن “فلسطين قطر عربي لا يمكن أن ينفصل عن الأقطار العربية الأخرى”.
في الوقت نفسه، لم يعاد الأعضاء بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. وكانت هذه القمة قبل اندلاع حرب 1948 بين جيوش عربية وإسرائيل.
13 يناير 1964- مصر
عُقدت هذه القمة بعد دعوة من الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وذلك للنظر في ما وصفت بخطة إسرائيلية لتحويل نهر الأردن.
وبعد أيام من النقاشات، قررت الدول إنشاء قيادة عسكريّة عربيّة موحّدة، وهيئة خاصة تكون مهمتها الأساسية التخطيط لتحويل روافد نهر الأردن التي تقع خارج الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.
وطلبت القمة من ممثّل الفلسطينيين في جامعة الدول العربيّة، أحمد الشقيري ، أن يستمر في جهوده الهادفة إلى “إقامة القواعد السليمة لتنظيم الشعب الفلسطينيّ”.
13 سبتمبر 1965- المغرب
أعلنت هذه القمة ما عُرف بـ”ميثاق التضامن العربي”، الذي أقرّ خطة عربية موحدة للدفاع عن القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
ودرست المطالب التي تقدمت بها منظمة التحرير الفلسطينية لتنظيم الفلسطينيين وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني.
29 أغسطس 1967- السودان
جاءت بعد حرب يونيو 1967 التي أطلق عليها عربياً “النكسة”. هدفت لتدارس سبل مواجهة الهزيمة التي لحقت بالدول العربية (مصر، العراق، الأردن، سوريا).
وعُرفت هذه القمة المنعقدة في العاصمة الخرطوم بقمة “اللاءات الثلاث”.
اتفقت الدول العربية حينها على “لا للصلح، لا للاعتراف، ولا للتفاوض” مع إسرائيل.
وأقرّ المجتمعون المشروع الذى تقدمت به الكويت لإنشاء صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي العربي.
21 ديسمبر 1969- المغرب
انتهت هذه القمة بالفشل حرفيا. إذ لم يتوصل المجتمعون لاتفاق نهائي.
وكان القادة العرب يحاولون بعد عقد قمة الخرطوم (1967) عقد قمة خامسة في سنة 1968، ثم في سنة 1969، لكن دون جدوى.
ودارت المناقشات بين الدول العربية حول إحجام دول الخليج عن تقديم مساعدة مالية كافية لدول المواجهة في جهودها الحربية؛ والفشل في التوافق حول المبادرات الدبلوماسية التي تقوم بها الأمم المتحدة، أو الولايات المتحدة، الرامية إلى تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي، مثل خطة روجر.
26 نوفمبر 1973، الجزائر
جاءت هذه القمة بعد انتهاء حرب أكتوبر 1973، التي جمعت مصر وسوريا ضد إسرائيل.
وشهدت هذه القمة في الجزائر، الحديث لأول مرة عن السلام بين العرب وإسرائيل، باعتباره ممكناً لكن بشروط.
28 أكتوبر 1974- المغرب
شهدت هذه القمة اعترافاً عربياً تاريخياً بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. وجرى فيها الحديث أول مرة عن “سلطة فلسطينية” تؤسسها وتقودها منظمة التحرير.
لذلك، اعتُبرت هذه القمة، نهاية للخلاف بين الفلسطينيين والأردن حول الفريق الذي سوف يفاوض على مستقبل الضفةالغربية.
2 نوفمبر 1978- العراق
من قلب العاصمة العراقية بغداد، أعلن زعماء الدول العربية رفضهم لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل (اتفاقية كامب ديفيد)، التي وقعها البلدان في العام ذاته.
بالنسبة للدول العربية التي كانت مجتمعة في هذه القمة، كانت مصر قد خرجت عن الإجماع العربي.
6 سبتمبر 1982- المغرب
تبنت هذه القمة ما عُرف بـ”مبادرة فاس” نسبة لاسم المدينة المغربية التي انعقدت فيها.
تزامنت مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وانسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت وإعلان خطة ريغان.
هذه المرة، وافق الزعماء العرب على خطة سلام سعودية، وقرروا تشكيل لجنة لإجراء اتصالات بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
يونيو 1996- مصر
كانت هذه القمة هي الأولى منذ انقطاع دام ست سنوات بسبب حرب الخليج الثانية (الغزو العراقي للكويت وما تلاها من حرب تحرير الكويت).
وكانت أيضا، الأولى بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وكذلك التوصل لمعاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية (معاهدة وادي عربة).
قمة بيروت 2002- أرشيف فرانس برس
27 مارس 2002- لبنان
اجتمع قادة الدول العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، بغياب الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري حينها حسني مبارك، وكذلك ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية.
تبنت القمة مبادرة السلام السعودية كمبادرة سلام عربية.
في مارس 2007، عقدت قمة عربية في العاصمة السعودية الرياض، ودعت حينها إلى إحياء مبادرة السلام العربية. في الوقت نفسه، كانت الجهود السعودية مستمرة لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بعد وقوع الاقتتال الداخلي الذي أدى لسيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزة. وبين قمة وأخرى، تحوّلت البيانات الختامية مع الوقت إلى صيغ تنديد أو وعود بتقديم المساعدات المالية.
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بعد هجوم حركة حماس 7 أكتوبر 2023، وتوسّع تداعياتها إلى دول عدة (اليمن، العراق، سوريا، لبنان)، عقدت جامعة الدول العربية ثلاث قمم، 2 منها غير عادية، أولاها “غير العادية” كانت في 11 نوفمبر 2023، وجاءت بعد مرور قرابة شهر على اندلاع الحرب، و11 يوما من تاريخ الإعلان عن النية لعقدها.
قمة الرياض، نوفمبر 2024- فرانس برس
وفي القمة العادية التي تلتها (مايو 2024)، تكررت القرارات ذاتها تقريبا، مع التأكيد على أن “السلام يبقى الخيار الاستراتيجي الوحيد”.
القمة الثالثة “غير العادية” كانت في نوفمبر 2024. حينها أعاد البيان الختامي صياغة قرارات نظيرتها قبل عام، مضافاً له التحذير من توسّع دائرة الصراع -الذي كان توسع بالفعل- وخلف مئات القتلى في لبنان، وأدى لأزمة ملاحة دولية في البحر الأحمر بعد هجمات لجماعة الحوثي اليمنية، تضررت منها دول عربية وشركات نقل دولية اقتصادياً.
قمم رمزية
في كتابه “تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي” الصادر في 2017، قال إيان ج. بيكرتون “بينما حاولت القمم العربية في كثير من الأحيان صياغة سياسة منسقة بشأن القضية الفلسطينية، كانت نتائجها غالباً أكثر رمزية من كونها جوهرية. ما يبرز غياب الإجراءات القابلة للتنفيذ بشأن القرارات”.
وتطرق المفكر المغربي، الراحل محمد عابد الجابري، إلى القمم العربية في كتابه “الديمقراطية وحقوق الإنسان في الفكر العربي المعاصر” الصادر في 1997:
“القمم العربية تمثل في كثير من الأحيان شكلا من أشكال الاستعراض السياسي أكثر من كونها أداة فعالة لتحقيق تكامل عربي حقيقي”.