لندن في 11 مارس
/العُمانية/ يشهد عالم النشر ازدهارًا لافتًا في مبيعات كتب الكوميكس والروايات
المصورة الموجهة للأطفال، حيث تجاوزت قيمتها 20 مليون جنيه إسترليني في بريطانيا،
مسجلة رقمًا قياسيًّا تاريخيًّا. ويرى الناشرون والمحللون أن هذا النجاح ليس مجرد
إحصائية عابرة، بل بوابة واعدة لزرع حب القراءة في نفوس الأجيال الجديدة، خاصة مع
تزايد شعبية أنواع مثل المانغا وكوميكس الأبطال الخارقين.
يأتي هذا
الانتعاش قبيل انطلاق معرض لندن للكتاب في أولمبيا هذا الأسبوع، حيث يحتفل
الناشرون بهذه الأرقام كمؤشر إيجابي لمستقبل صناعة الكتب. و نقلت صحيفة الجارديان
عن فيليب ستون، المحلل الإعلامي في NielsenIQ BookData
قوله: “على مدى العقد الماضي، ارتفعت مبيعات الروايات المصورة للأطفال
والبالغين بشكل ملحوظ، مدفوعة بكتب الأبطال الخارقين التي عززتها الأفلام
السينمائية، إلى جانب نجاح سلاسل المانغا المتجدد”. ويضيف: “نحتاج الآن
إلى دراسات متعمقة لفهم كيف تسهم هذه الكتب في جذب الشباب للقراءة، لكننا نعتقد أنها
تلعب دورًا كبيرًا”.
من بين العناوين
البارزة التي تأسر القراء الصغار، تبرز سلسلة “يوميات طفل جبان” لجيف
كيني، و”أرنب ضد قرد” لجيمي سمارت.
ويصف سمارت، أول
“مبدع مقيم” في معرض الكتاب هذا العام، الكوميكس بأنها “أعظم وسائل
سرد القصص”، موضحًا: “تتيح للمبدع نقل خياله كاملًا للقارئ، من المشاهد
والشخصيات إلى التفاصيل الدقيقة، ما يوجد عوالم تتفاعل معها الأجيال الجديدة
بعمق”. ويؤكد أن الأطفال ينجذبون للكتب التي لا تشعرهم بأنها دراسة، بل
مغامرة ممتعة تبدأ بالألوان الزاهية والشخصيات المرحة، لتنتهي بربطهم بالقراءة مدى
الحياة.
يأتي هذا
الاهتمام المتزايد بالكوميكس وسط تقارير مقلقة من المؤسسة الوطنية لمحو الأمية في
بريطانيا، التي أشارت في نوفمبر الماضي إلى تراجع عادات القراءة لدى الأطفال، حيث
يستمتع واحد فقط من كل ثلاثة أطفال بين 8 و18 عامًا بالقراءة في أوقات فراغه،
بانخفاض 8.8% عن العام السابق. لكن سمارت يرى في هذا التحول “شيئًا
سحريًا”، خاصة مع القراء المترددين الذين تجذبهم الكوميكس ليصبحوا عشّاقًا
للكتب.
في المقابل،
تواصل الروايات الأدبية للبالغين دفع مبيعات الكتب المطبوعة، مع تصدر كاتبات مثل
كولين هوفر (“ينتهي بنا الأمر”)، وربيكا ياروس (“الجناح
الرابع” و”اللهب الحديدي”)، وسالي روني (“إنترمتزو”)،
وفريدا ماكفادين (“الخادمة”) قوائم الأكثر مبيعًا. وسجلت الروايات
الورقية الفاخرة أعلى قيمة مبيعات في تاريخ بريطانيا، مع تجاوز ستة عناوين حاجز 100
ألف نسخة. ويرى ستون أن انخفاض أسعارها وكونها ملاذًا من الواقع عوامل رئيسة في
نجاحها.
على النقيض،
يعاني قطاع الكتب غير الروائية من تراجع هو الأدنى منذ عقدين، ويعزو ستون ذلك
لتوافر المحتوى المجاني عبر الإنترنت وارتفاع التكاليف، رغم انتعاش مبيعات الكتب
الدينية.
وتدعم هذه
الرؤية دراسة حديثة أجرتها جامعة مانشستر بالتعاون مع مهرجان البحيرات الدولي
للكوميكس، أظهرت أن برنامجًا تعليميًا قائمًا على الكوميكس رفع متوسط العمر
القرائي للأطفال المشاركين بـ 18 شهرًا خلال عام، مقارنة بـ 11 شهرًا للمجموعة
الضابطة، مع مضاعفة عدد من يعتبرون القراءة نشاطًا مفضلًا.
/العُمانية/
طلال المعمري