السلطنة اليوم
د. سالم بن محمد عمر العجيلي
ما نشاهده هذه الأيام من مشاهد فرحه تقشعر له الأبدان، بالنصر النفسي الحقيقي المبين لأبناء فلسطين أبناء غزه لتشرح وتثلج له الصدور، فمنذ بداية طوفان الأقصى ولغاية اللحظة عانت هذه الأمه جميع مظاهر الويلات والدمار والأحزان المختلطة أحياناً بالأفراح للثقة بنيل الشهادة وجنات الخلد بأذن الله، هذه الأمه التي تكبدت جروحاً وتمزقت منهم أشلاء صبرت وتحملت جميع مظاهر الاضطهاد والإهانة والألم والفرقة فلم يمضي يوماً إلا وهناك مئات القتلى الأبرياء، ورغم هذا ورغم الجوع والظماء ونقص من المؤن والعتاد تحمل هذا الشعب ووصل لمبتغاه، حتى حظي باحترام أوساط العالم جمعا، وها نحن نرى خروج الأسرى المساجين وعودتهم ومنهم المؤبد إلى ما تبقى من ذويهم وشعبهم، ليرمز على حجم الإصرار والعزيمة الذي لولا دماء الأبطال الشهداء ونصر الله لهم لما تحقق كل هذا، ومع هذه الفرحة التي تعالت صيحاتها في كل فلسطين، ليشعر جميع العرب والمسلمين في جميع الأقطار بالعزة للإسلام ولهذا الدين ولهذا النصر وصولاً للهدف الأول وهو فتح القدس وتحرير فلسطين، ولابد أن كل هذا لم يتحقق إلا وفق ضوابط وخطط محكمة صارمه عجيبة، ومنها ما رأيناه لأول مره في حياتنا من مشاهد وابتكارات وخدع في التكتيكات الحربية والعسكرية رغم قلة الحال، ولكن هذا لم يهبط من عزيمة أبطالنا وما حققوه لن يمضي هكذا دونما أن نشيد به فقد كانوا نعم المجاهدين الأبطال، وبالطبع كان لكل خطة ناجحة من قائد بارع وعقل مفكر، وهنا يأتي بلا تردد اسم شهيد الأمة الإسلامية المغوار الشهيد البطل العبقري/ يحى السنوار هذا القائد الذي كان في خط المقدمة في ميادين القتال، فقد كان يخطط ويدبر ويفكر لهذا الطوفان ويتقدم خطوط الجند ويتشابك مع العدو الغاشم من أقرب نقطه فلم يختفي أو يهرب أو يهاب أو يخاف، بل كان مقداما في ساحات الوغى إلى أن كتبت له يرحمه الله الشهادة التي كان يتمناها بكل شموخ واقتدار فظل يقاتل ويناضل حتى اللحظة الأخيرة لاستشهاده، ليؤكد للجميع أن القائد الحقيقي العظيم هو ميزان القوى وهو من يكون في مقدمة الجند ويدعمهم لا أن يكون في مؤخره الجيش أو يحمى ويختبئ، هذا هو السنوار صاحب العقل المفكر والمخطط الأول لطوفان الأقصى الذي جاء بعد عذاب وقساوة حياة لشعب عانى لسنوات طوال من ويلات الحروب والجوع والذل، وظل يعاني ويفقد فلذات كبودهم وهم يستشهدون الواحد تلوا الأخر ذكورا وأناث كبارا وصغارا، وظل يصارع الظلم والاستبداد والطغيان من اليهود إلى أن حقق الله لهم ما أرادوا، ولن تمضي تضحية السنوار وتذهب مرور الكرام فهذا البطل الشهيد أعاد لنا سيرة العظماء الخالدين من القادة المسلمين، وعلى رأسهم سيف الله المسلول/ خالد ابن الوليد ومن تبعه من الغابرين مرورا إلى القائد البطل المجاهد/ صلاح الدين، الذين سادوا العالم ونصروا الإسلام ودينه الحق وقاموا بالفتوحات الإسلامية في شتى بقاع الأرض على مدى العصور والأزمنة الماضية، وصولاً إلى هذا الزمن وهذه اللحظة الخالدة تحديداً ونحسب بعون الله أنه امتداد لمثل هؤلاء الأبطال العظماء ولكن في وقتنا هذا، وهو فخر العرب الشهيد/ يحى السنوار الذي يستحق أن نفتخر ونعتز به ونطلق عليه لقب (فخر العرب) فذلك قطره في بحر بحقه، فصحيح أنه أستشهد وأرتقى إلى باريه ولكن إنجازه هذا وحنكته ودهائه سيظل عالقاً في الأذهان والتاريخ ما حيينا ولأجيال قادمة، فلن ينساه أبناء بلده ولن ينساه كل مسلم شهد وعاش زمن طوفان الأقصى والسنوار، فتحية إجلال وتقدير لهذا القائد الشهيد الهمام العظيم البطل الذي قلما تنجبه الأجيال، وليبارك ربنا جلت وعلت قدرته هذا النصر ويتحقق بأذن الله حلم كل مسلم والأمة الإسلامية بعودة الأقصى والقدس وفلسطين منتصرة خالية من أي احتلال أو اضطهاد، والسنوار (فخر العرب) شهيدا خالداً عند ربه في أعلى عليين ومثالاً حياً سيبقى لسنين، أن هذه الأمة المحمدية أنجبت ولسوف تنجب أبطالاً من بعد أبطال إلى نهاية الزمان وستعود الأقصى وتعود القدس إسلامية حرة أبيه، فالحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده.