مسقط في 15
فبراير /العُمانية/ أكّد عددٌ من المعنيين والمختصّين والأكاديميين لوكالة الأنباء
العُمانية على أهمية تحصين المجتمع من مختلف الجوانب، وتعزيز دور الأسرة، اللبنة
والحجر الأساس في مكوّن الوطن الذي تقوم عليه المجتمعات، وهي صمام أمان تنشئة
الأبناء على المبادئ السّمحة واجتناب الأفكار الضالة.
وقال الدكتور
سالم بن سلمان الشكيلي أستاذ القانون الدستوري والإداري إنّ الشعب العُماني
بطبيعته يرفض الأفكار الضالة بجميع صورها وأنواعها لأنها جنوح شارد عن السلوك
القويم المتأصّل على السّلام والمحبّة والتعايش وتسامح الفرد مع نفسه ومع غيره،
وهو متفرّد في سلوكه وممارسته اليومية.
وأضاف أنّ
النظام الأساسي للدولة هو القانون الأسمى والأعلى في الدولة، فقد كرس في العديد من
نصوصه هذه المبادئ السامية النبيلة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو
الثقافية، والتي تُعدُّ موجهة لسياسة الدولة، تلتزم بها السلطات العامة والأفراد
من المواطنين والمقيمين على حدّ سواء، كما تكفّل النظام الأساسي للدولة ببيان
الحقوق والواجبات ووازن بينها بما يحفظ استقرار الوطن وأمن وأمان الأفراد.
وقال إنّ المادة
١٥/ ٢ اعتبرت التعاضد والتراحم صلة وُثقى بين المواطنين، وتعزيز الوحدة الوطنية
واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي إلى الفرقة أو الفتنة، أو المساس بالوحدة الوطنية،
كما أكّدت المادة ١٦/ ١ على بناء الشخصية العُمانية والمحافظة على الهُوية
الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وترسيخ القيم الحضارية والروحية،
وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف. ونصّت المادة ٢١ من النظام الأساسي
للدولة على مبدأ المساواة بين المواطنين دون تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو
اللون أو الدّين أو المذهب أو المركز الاجتماعي، في حين حفظت المادة ٣٤ للأفراد
كافة حرية القيام بالشعائر الدينية وممارستها طبقًا للعادات المرعية دون إخلال
بالنظام العام، أو بما ينافي الآداب.
وبيّن أنه فيما
يتعلق بالحقوق والواجبات العامة، فقد كفل النظام الأساسي للدولة للأفراد الحقوق
والحريات التي يتمتعون بها، ومن بينها حرية الرأي والتعبير عنها بالقول والكتابة
وسائر وسائل التعبير شريطة أن يكون ذلك في الحدود التي يحدّدها القانون (المادة
٣٥)، كما كفل حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقًا للشروط والأوضاع التي يبيّنها
القانون، ويحظر كل ما يؤدي إلى الفتنة أو الكراهية أو يمسّ بأمن الدولة أو يسيء
إلى كرامة الإنسان وحقوقه (المادة ٢٧)، وفي مقابل الحقوق والحريات العامة، على
المواطن والمقيم في سلطنة عُمان الالتزام بالتشريعات والقوانين المعمول بها،
ومراعاة قيم المجتمع، واحترام تقاليده ومشاعره (المادة ٤٢).
وأضاف أنّ قانون
الجزاء العُماني النافذ تكفّل بتجريم الأفعال والسلوكات التي تنال أو تعتدي على
أمن المجتمع واستقراره، حيث تضمن الباب الأول من الكتاب الثاني كافة الجرائم التي
تقع على أمن الدولة سواءً من الداخل أو الخارج.
وأشار إلى أنّ
المادة ١٠٨ تعاقب بالسجن من ٣ إلى ١٠ سنوات كل من روّج لما يثير النعرات أو الفتن
الدينية أو المذهبيّة، أو أثار ما من شأنه الشعور بالكراهية أو البغضاء أو الفرقة
بين سكان البلاد أو حرّض على ذلك، ويعتبر ظرفًا مشدّدًا للعقوبة إذا وقعت الجريمة
في إحدى دور العبادة، أو المنشآت الرسمية، أو في المجالس والأماكن العامة، أو من
موظف عام أثناء أو بمناسبة تأدية عمله أو من شخص ذي صفة دينية أو مكلف بها، لافتًا
إلى أنّه من بين النصوص الواردة في قانون الجزاء التي تجرم مثل هذه الأفعال الآثمة
المواد ١٠٦، ١٠٧، ١٠٩، ١١٣، ناهيك عن غيرها من المواد الأخرى.
وأكّد الدكتور
سالم بن سلمان الشكيلي أستاذ القانون الدستوري والإداري على أهمية التوعية
القانونية والتربوية والاجتماعية والثقافية في المجتمع، وعلى كافة أجهزة الدولة
المعنية بدءًا من الأسرة والمدرسة تربية النشء قبل التعليم، فلا قيمة للعلم إذا
تجرّد من الخلق الحسن والسلوك القويم، خاصة في هذه الزّحمة المتناهية على وسائل
التقنية الحديثة وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والتي تحمل لنا الغثّ
والسّمين وما أكثر الغثّ الذي تحمله لذا من الضروري تحصين المجتمع من كافة الأفكار
الضالّة والهدّامة.
وأضاف أنّ وسائل
الإعلام العامة والخاصّة، ومؤسّسات المجتمع المدني تقع عليها مسؤولية كبيرة في نشر
الوعي بما فيه الوعي القانوني، لا بد للفرد أي يتعرف على حقوقه وكيفية ممارستها،
فالحرية ليست مطلقة وإنما مشروطة بالحدود المنصوص عليها في القانون، كما لا بد من
معرفة الفرد والمجتمع بالواجبات المفروضة عليهم لأن من أسس التعايش أن يقوم كلٌّ
بدوره وواجبه، وبدون ذلك ستعمّ الفوضى وهذا ما لا يقبله الجميع.
وبيّن أنّ
التوعية أصبحت فنية ولها قنوات ووسائل مختلفة لا تعتمد على الترهيب فحسب، بل أيضا
على الترغيب، كما أنّ القائم على التوعية يجب أن يكون ملمًّا بالموضوع ومتخصّصًا
فيه حتى يؤتي ثماره، وإلا ستكون نتائجه محدودة الأثر داعيًا إلى استراتيجية واضحة
للتوعية تقوم على الديمومة والاستمرارية والتنوع تستهدف كافة شرائح المجتمع وتعمل
على تحصينه ضد التطرّف والغلوّ والأفكار الضالّة.
وأشار الدّكتور
رجب بن علي العويسي، خبير الدراسات الاجتماعية والتعليميّة بـمجلس الدّولة إلى أنّ
البعد النفسي لظاهرة التطرّف الفكري والغلوّ الديني يشكّل تحدّيًا كبيرًا على حياة
الفرد والمجتمع سواء في حالة الهشاشة النفسية التي يعيشها أو حالة اليأس والرغبة
في الانتقام وانعكاسات ذلك على الجوانب النفسية والوجدانية لديه والصورة التي يقرأ
بها الآخر المختلف عنه في المذهب والقناعات والأفكار التي وصل إليها في ظل مسار
اجتماعي لم يستطع أن يرسم له طريق الألفة والحوار فيصبح في شذوذ تصرفاته وعقم
أفكاره، غير مرغوب في مجتمعه، فيعيش في حالة من التنكر العاطفي، مع ارتفاع مستوى
القلق والخوف والابتعاد عن المجتمع.
وأكّد على أنّ
هذه التحولات وإن كانت غير مشخّصة بشكل دقيق وفق دراسات علمية أو مؤكدة وفق مناهج
بحثية تتبعية تشخّص سلوك التطرف؛ إلا أنها وعلى مدى الوقت مؤشرات سلبية تعكس حالة
الازدواجية والانفصام في الشخصية التي يعيشها هذا الفرد، والصورة السلبية التي
باتت تسقطها هذه الممارسات وهذا السلوك والتصرف على حياته اليومية.
وبيّن أنّ رصد
المشاهدات للواقع الفكري الذي تعيشه الأجيال، وحالة الإبهار التي باتت ترسخها
الحركات التحريضية في فكر الأجيال، واستغلالها للظروف والمتغيرات التي تعيشها
“تفرض دور رسالة التعليم في البناء الفكري”، والحاجة إلى مراجعات مقنّنة
للمناهج والأنشطة والبرامج وطرائق التدريس وبرامج إعداد المعلم وتدريبه تعززها
الشواهد وتبنيها أدلة الممارسة، وإجراء تقييم مستمر لكل الجهود والمبادرات وخطط
العمل التي لها علاقة بالبناء الفكري.
وتطرّق إلى
أهمية غرس مفهوم الوعي الفكري والمبادئ الفاضلة لدى المتعلمين بحيث يعيد التعليم
إنتاج الواقع الفكري للأجيال، وتأسيس فكر نهضوي للمجتمعات، منطلقًا من قيم الإسلام
وحضارته، وأن تتجه هندسة العقل البشري فيه إلى التأمل في هذا الكون، وتعزيز
الشواهد الحيّة والحجّة والبرهان في استشعار عظمة الدين كمنهج حياة، وطريق لبناء
الإنسان الذي من دونه يسبح في ظلمات الجهالة، ويمرح في مصائد الإلحاد، وفوضى
التجديد المزيّف.
وذكر أنّ
“حضور الإعلام الوقائي” يطرح في عملية البناء والتربية والتنشئة
التعليمية، أهمية كبيرة في تحصين النشء من الأفكار الهدّامة وظواهر التطرّف؛ لما
يُمثله الإعلام من أهمية كبيرة في توجيه الرأي العام وتعزيز القناعات الإيجابية
لدى الفرد، والانتقال به إلى مرحلة الوعي، فإن الكثير من التحدّيات المرتبطة بما
يبثه الإعلام وعبر فضائياته من ممارسات مبطّنة خفيّة لا أخلاقية أو تهيج الانحراف
الفكري وغيرها في ظل غياب البعد الأخلاقي في الرسالة الإعلامية.
وحول دور
“المنظومة الدينية” في مواجهة التطرّف الفكري أكّد العويسي على أنّ دور
المنظومة بكل تفاصيلها يأتي عبر رسالة المسجد والوعظ والإرشاد الديني في تعزيز
الضبطية الأخلاقية، وتوظيف القيم بوصفها حارسًا أمينًا ومحفزًا وداعمًا للسلوك
الإيجابي المتّزن، عبر استنطاق القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية والمفاهيم
الداعية إلى التسامح والحوار والمشتركات والسلام والعدل والحق والمساواة ليجسدها
في واقعه، ويستنهض الرّوح الإيمانية العالية التي تتجه به إلى الإخلاص والمسؤولية
واحترام الواجب والإتقان والعمل الجادّ واحترام المسؤوليات وثقافة العمل وثقافة
الاستهلاك والرقابة والنزاهة والولاء والانتماء والمواطنة وغيرها من المفاهيم
والقيم التي أكّد عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
وأضاف أنّ
اتّساع وعمق وتعدّد البدائل الداعمة لـ”ممارسة أسرية مستديمة” يحفظ
عقيدة الأبناء من التغرير الفكري بهم، كما يحافظ على حقوقهم في ظل حياة اجتماعية
آمنة ملؤها السلام والانسجام؛ ويعدّ محطة مهمة تتجاوز حالة السلبية التي يتعرّض
لها البعض في ظل التكهنات بأنّ المسؤولية اليوم في تربية الأبناء تتجاوز الإطار
الأسري؛ إلا أن ذلك لا يبرر تراجعها ولا يعطي المجال للتنازل عن دورها، ولا يفتح
الطريق لها للتساهل في مسؤولية التربية الفكرية والتوجيه العقدي رغم تعقّد الأمر
وخروجه عن السيطرة في أحيان كثيرة.
وختم الدكتور
رجب بن علي العويسي، خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بـمجلس الدولة حديثه
بالقول: “يبقى الأمر والنهي، والنصح والإرشاد، والتصبُّر على ردود الأفعال
السلبية من الأبناء، والتعامل بروح مرنة وحازمة أحيانًا في إيصال الصورة لهم وهو
الخيار الذي يجب أن يُسلك، والمحطة التي تصنع التغيير، فالاستمرار والجدية
والتنويع في البدائل والتوسّع في الخيارات وإرغام النفس على الاستجابة الوقائية
والتنبّؤ بالقادم، وتكاتف الجهود الأسرية والوالدية وتحفيز الذات والآخر؛ وهي
مرتكزات مهمة تبقي على خيوط التواصل الأسري ممتدة”.
من جانبها أكّدت
الدكتورة صابرة بنت سيف الحراصية متخصصة في الإرشاد النفسي والتربوي على أنّ
الأسرة هي الحصن الأول الذي يقي الأبناء من التأثيرات السلبية للمجتمع، وهي تؤدي
دورًا محوريًّا في تحصينهم ضد الأفكار الضالّة بأساليب تجمع بين الإيمان، والحوار،
والقدوة، والتفكير النقدي، مشيرة إلى أنّ هذا الدور يبدأ بغرس الهُوية الإيمانية
القوية وربط العقيدة بالعقل والفطرة، مما يجعل الأبناء أكثر قدرة على التمييز بين
الحق والباطل، كما أنّ فتح باب النقاش دون قمع يسهم في معالجة التساؤلات الفكرية
بطريقة علمية مقنعة، بدلًا من فرض الأوامر دون توضيح.
وقالت إنّ تقديم
القدوة الصالحة داخل الأسرة يجعل القيم الإسلامية نموذجًا حيًّا في حياة الأبناء،
مما يُعزّز لديهم التمسك بالقيم الدينية بروح من القناعة والطمأنينة دون فرض أو
إكراه، ويُعدُّ توجيههم إلى مصادر المعرفة الموثوقة عاملًا أساسيًّا في وقايتهم من
الشبهات الفكرية المنتشرة، مع الحرص على متابعة البيئة الاجتماعية المحيطة بهم،
حيث تؤثر الصحبة بشكل كبير في تكوين الفكر والمعتقدات.
وأضافت أنّ
الأمر لا يقتصر على التربية العاطفية فقط، بل يجب أن تعتمد الأسرة على التوازن بين
العاطفة والعقل، فالتخويف المفرط قد يدفع الأبناء للنفور، بينما إهمال الجانب
العقلي يجعلهم عرضة للاختراق الفكري وهنا يأتي دور تعليم الأبناء مهارات التفكير
النقدي، بحيث لا يكونون مجرد متلقين للأفكار، بل قادرين على تحليلها ومقارنتها
والرد عليها بأنفسهم.
وأكّدت على أنّ
الأسرة ليست مجرد ملاذ آمن، بل هي المدرسة الأولى للحصانة الفكرية، ومن خلال
الإيمان العميق، والحوار الهادئ، والسلوك الواعي، والتربية العقلانية، ويمكن بناء
جيل واعٍ ثابت أمام التحديات الفكرية، لا يتأثر بالرياح العاتية، بل يصبح قادرًا
على مواجهتها بثقة وإدراك.
وحول دور الأسرة
في تعزيز الشعور بالانتماء والهُوية لدى الأبناء أشارت إلى أنّ ذلك يبدأ من
تعريفهم بتاريخهم ومنجزات آبائهم ووطنهم، وربط ذلك بإنجازات الحاضر، مثل
التطوُّرات العلمية، والمشروعات الوطنية، والرموز الملهمة في مختلف المجالات، مما
يساعدهم على الشعور بأنهم جزء من مجتمع متجدد يساهمون في بنائه.
وأفادت بأنّ
إشراكهم في الأنشطة الثقافية، والتطوعية، والتنموية يُعزز لديهم الإحساس
بالمسؤولية والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل وطنهم، إلى جانب التركيز على القيم
والمبادئ التي قام عليها مجتمعهم، وربطهم بها بشكل عملي بعيدًا عن التلقين النظري،
كما أنّ القدوة الصالحة داخل الأسرة تؤدّي دورًا جوهريًّا في ترسيخ هذه القيم، حيث
يتعلم الأبناء من الأفعال أكثر من الكلمات.
وفيما يخصُّ
تعزيز التفكير النقدي لدى الأبناء أكّدت على ضرورة أن تنمّي الأسرة لدى الأبناء
عادة التساؤل والبحث عن الإجابات بأنفسهم، مما يساعدهم على بناء قدرة ذاتية على
تحليل المعلومات وعدم تقبل أي فكرة دون تمحيص، ويمكن تحقيق ذلك عبر مناقشة
الأخبار، وتحليل الكتب والمحتوى الإعلامي، وتعريضهم لوجهات نظر متنوعة مع توجيههم
إلى التفكير الموضوعي، مما يجعلهم أكثر قدرة على التمييز بين الحقائق والدعايات
المغرضة.
وذكرت أنّه في
الوقت الحالي أصبح اليوم الحصول على المعلومة أسهل من أي وقت مضى، فمن المهمّ
توجيه الأبناء إلى مصادر موثوق بها عند البحث عن إجابات أو استفسارات، سواءً كانت
كتبًا رصينة، ومنصات علمية، أو التواصل مع أهل الاختصاص في المجالات الفكرية
والدينية، بدلًا من تركهم عرضة للمعلومات المضللة أو المصادر غير الموثوق بها،
وهذا التوجيه يمنحهم ثقة في بحثهم، ويجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع الأفكار
المختلفة بثبات ووعي.
وحول تأثير
القيم الثقافية والدينية على أساليب التربية في الأسرة، وإمكانية تعزيز التعاون
بين الأسرة والمدرسة في تربية الأبناء بطرق فاعلة تُبين الدكتورة صابرة بنت سيف
الحراصية متخصصة في الإرشاد النفسي والتربوي أنّ القيم الدينية والثقافية تؤدي
دورًا جوهريًّا في تشكيل أساليب التربية داخل الأسرة، حيث تُسهم في غرس المبادئ
الأخلاقية مثل الصدق والأمانة والاحترام، مما يساعد في بناء شخصية متزنة وسويّة،
كما تُعزز هذه القيم الهُويّة والانتماء من خلال تعريف الأبناء بتراثهم الثقافي
والديني، مما يُشعرهم بالفخر بجذورهم ويقوّي هُويتهم.
ووضّحت أنّ هذه
القيم تؤثر على السلوكات اليومية، فتحدّد آداب الحديث، وأسلوب التعامل مع الآخرين،
واحترام الكبير، كما أنها تُسهم بشكل كبير في تحديد معايير التربية، حيث تُساعد
الوالدين في وضع حدود واضحة للسلوك المقبول والمرفوض.
ورأت أنّ هذه
القيم تُعزز الروابط الأسرية من خلال غرس العادات المشتركة والتقاليد الأسرية، مثل
الاجتماع على مائدة الطعام، واحترام الكبير، والتواصل المستمر بين الأجيال، مما
يوجِدُ بيئة من التفاهم والترابط كما أنّ مشاركة الأسرة في الأنشطة الهادفة
والمناسبات الاجتماعية تُسهم في تقوية شعور الأبناء بالانتماء، مما يجعلهم أكثر
ارتباطًا بأسرتهم ومجتمعهم، ويمنحهم شعورًا بالأمان والاستقرار.
وأن التوازن بين
التوجيه والحوار أمر ضروري، حيث إن التشدّد قد يؤدي إلى التمرّد، بينما يؤدّي
التساهل إلى ضعف الانضباط، لذا فإنّ التربية الفاعلة تعتمد على المزج بين الإرشاد
والحوار، مع مراعاة احتياجات الأبناء النفسية والاجتماعية، لبناء جيل واعٍ ومتمسك
بهُويته، قادر على مواجهة تحدّيات الحياة بثقة وثبات.
وأكّدت على
أهمية تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة، والدور الجوهري للتعليم في بناء الأفراد
والمجتمعات، مما يجعل التعاون بين الأسرة والمدرسة ضرورة حتمية في تربية الأبناء،
فالمدرسة ليست مجرد مكان لتلقي المعرفة، بل هي شريك أساس في بناء شخصية الطالب،
ويمكن تحقيق هذا التعاون الفاعل عبر التواصل المستمر بين أولياء الأمور والمعلمين
من خلال اللقاءات الدورية، واجتماعات مجالس الآباء، والاتصالات المباشرة، والمنصات
الإلكترونية، وإشراكهم في فعاليات المدرسة، والاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم، مما
يضمن تبادل المعلومات حول تطور الأبناء أكاديميًّا وسلوكًا كما أنّ إشراك الأسرة
في الأنشطة المدرسية يعزز شعورها بالمسؤولية المشتركة، ويوجِدُ بيئة تعليمية أكثر
تكاملًا.
وأفادت بأنّ من
أبرز الجوانب المهمة في هذا الشأن توحيد الرسائل التربوية بين المنزل والمدرسة،
بحيث لا يشعر الطفل بتناقض بين القيم والمبادئ التي يتلقّاها في البيت وبين ما
يراه في المدرسة، مما يسهم في تكوين شخصية متوازنة، ويُعدُّ تقديم الدعم التعليمي
في المنزل من العوامل المؤثرة في تحسين الأداء الأكاديمي عبر متابعة الواجبات
المدرسية وتوفير بيئة تعليمية داعمة، كما أنّ تنظيم حلقات العمل والبرامج
التدريبية للوالدين يساعدهم على فهم أفضل للأساليب التربوية الحديثة، تطوير مهارات
الأبناء على مختلف المستويات.
ووضّحت الدكتورة صابرة بنت سيف الحراصية متخصصة في الإرشاد النفسي
والتربوي أنّ التربية الفاعلة تتطلب تكاملًا بين التوجيه الأسري والتعليم المدرسي
في ترسيخ القيم، وتعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليل، حتى ينشأ جيل واعٍ قادر
على مواجهة تحدّيات العصر بثقة وثبات، فكما أنّ العلم يفتح العقول، فإنّ التربية
السليمة تهذب النفوس وتصنع القادة.
/العُمانية/
خميس الصلتي /
ياسر البلوشي
Source link