عادل بن رمضان مستهيل
adel.ramadan@outlook.com
في كل عام، وتحديدًا في الـ ٢٤ من شهر فبراير، تحتفي السلطنة بيوم المعلم، ذلك الشخص الذي لا يقتصر دوره على نقل المعرفة، بل يتجاوز ذلك ليكون موجّهًا وملهمًا، وصانع العقول التي تشكّل ملامح المستقبل. إنه المهندس الحقيقي لبناء الأجيال، الذي يبذل جهده لترسيخ القيم وتعزيز روح الإبداع في نفوس طلابه.
ان المعلم ليس مجرد ناقل للعلوم، بل هو مربٍّ يسهم في تشكيل شخصيات الطلاب، يغرس فيهم الأخلاق والقيم، ويشجعهم على التفكير النقدي والابتكار. هو من يمنحهم الثقة ليحلموا، ويحفّزهم على تحقيق طموحاتهم، وهو الذي يمسك بأيديهم في أوقات الفشل ليعيد بناء ثقتهم بأنفسهم.
لقد رفع الإسلام شأن المعلم، إذ قال الله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (المجادلة: 11)، كما أشار النبي ﷺ إلى فضل العلم والمعلم بقوله: “تعلموا العلم فإن تعلمه قربة إلى الله عز وجل، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة”.
بالرغم الدور المحوري الذي يؤديه المعلم، إلا أنه يواجه تحديات متزايدة، من بينها تزايد أعداد الطلاب، وتطور المناهج، وضرورة مواكبة التكنولوجيا الحديثة، إضافةً إلى ضعف التقدير المجتمعي في بعض البيئات، والضغوط الناجمة عن ظروف العمل التي قد لا تكون عادلة أو مجزية في بعض الدول. ورغم ذلك، يظل المعلم صامدًا، مستمدًا قوته من إيمانه برسالته السامية.
ان تكريم المعلم لا ينبغي أن يكون مجرد احتفالية سنوية، بل يجب أن يُترجم إلى سياسات داعمة تشمل تحسين أوضاعهم المعيشية، وتقديم فرص التدريب المستمر لهم، وتعزيز مكانتهم في المجتمع. كما أن على الطلاب وأولياء الأمور أن يسهموا في تقديرهم من خلال التعاون والاحترام.
الاعتراف بدور المعلم لا ينعكس فقط على جودة التعليم، بل يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا، وأجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. فالمعلم الذي يغرس اليوم بذور المعرفة والقيم، يحصد المجتمع ثمارها غدًا في صورة أطباء ومهندسين وعلماء وقادة يصنعون مستقبل أوطانهم.
في النهاية، يظل التعليم أساس النهضة، والمعلم هو الركيزة التي يقوم عليها هذا البناء. لذا، فإن دعم المعلم وتقديره يجب أن يكون التزامًا دائمًا، لا مجرد كلمات عابرة في مناسبة سنوية، بل نهجًا راسخًا يعكس وعينا بقيمة هذا الدور العظيم في صناعة المستقبل.