عمير العشيت
كاتب وباحث
تعتبر المساجد في سلطنة عمان احد اهم مكونات الحياة التي يسعى اليها العمانيون للتقرب الى الله زلفى، فتجدهم حريصون على أداة صلاة الفرائض جماعة في المساجد كبيرهم وصغيرهم والقيام بالتطوع في أداة السنن والاستماع الى خطب الجمعة ومجالس الذكر والنوافل وقراءة القرءان لاسيما في شهر رمضان المبارك. فهي أفضل الأماكن الى المسلمين قاطبة واعلاها شأنا ومكانة في القلوب وأوقرها سكينة وطمأنينة في النفوس، ويشتد بها الرحال والاتكال عند الشدائد من خلال الدعاء الى الله تعالى والخشوع والخضوع اليه، والشاهد من القول ان ارض عمان عامرة بالمساجد ويكاد لا يخلو أي حي سكنى او صناعي او تجاري في المدن والقرى الا وفيها مآذن المساجد تصدح بأصوات الاذان فهي منتشرة في كل مكان من ارض عمان الطيبة، فالعمانيون تواقون لعمارة المساجد وادارتها وصيانتها والتكفل بتوفير كافة متطلباتها، والالتزام بآداب المساجد والسكينة والوقار وعدم رفع الأصوات والتحدث في أمور الدنيا بغير الوعظ والاذان وتعليم الاحكام خشية التشويش وازعاج المصلين من الأداء والخشوع في الصلاة.
فيما تتكفل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالإشراف على الجوامع والمساجد وتوفير الأئمة للقيام بإمامة المصلين لجميع الفرائض وانشاء حلقات الذكر والوعظ والإرشاد بعد صلاة العصر، حيث نثمن جهود الوزارة في دورها الرائد والقائم على تنظيم بيوت الله وكافة الأمور الدينية المتعلقة بالعبادات والفقه والزكاة ومناسك الحج والوقف والصدقات.. الخ، حيث نلاحظ التجدد الهادف في تناول مواضيع خطب الجمعة المتنوعة والمنسجمة مع الواقع الذي يعيشه المسلمين، وأعمال الزكاة التي تمخضت عنها انشاء صناديق الزكاة والصدقات والتبرعات كذلك تنظيم شعائر الحج والعمرة من خلال تطبيق نظام التسجيل الالكتروني للحجاج والتي اثمر عن نتائج إيجابية في الأعوام القليلة الماضية، وأيضا عملية تنظيم وإدارة أموال الوقف والتي ساهمت في الكثير من الاعمال الخيرية من اجل مساعدة الاسر الفقيرة والمحتاجة، فضلا عن ذلك الدورات السنوية والمسابقات الخاصة بتحفيظ القرءان الكريم وتأهيل أئمة المساجد والداعيات والواعظات اللاتي يمقن بتعليم المرأة وتثقيفها وتوعيتها في أمور دينها.. غيرها.
بيد ان ظاهرة غياب أئمة الجوامع والمساجد في محافظة ظفار ما زالت قائمة وبقوة وتكاد لا تخلوا بيوت الله من العمالة الوافدة الغير مؤهلة لمثل هذه الوظائف الجليلة التي تتطلب مؤهلات متخصصة في أمور الدين وتلاوة القرءان والفقه، وهي بحاجة الى إعادة النظر في تنظيم وتقييم دور أئمة المساجد فيها، والرقابة والبحث عن الأسباب التي وصلت الى غياب الأئمة لأداة صلاة الجماعة في الجوامع والمساجد منذ عشرات السنين ومن الملاحظ انه في الشهور الأخيرة بدأت تتسع هذه الظاهرة اكثر فاكثر ولو ان الوضع المتأزم استمر بهذه الصورة فما عساه ان في شهر رمضان الذي سيستقبله المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خلال الأيام القليلة القادمة، ذلك ان الائمة في الأساس موظفون في الوزارة ويستلمون رواتب شهرية وهي مسؤولة عنهم وعن التأكد عن مدى توافق النواحي القانونية لشغل هذه العمالة في وظائف أئمة المساجد، ومطابقة وظيفة العامل الوافد لهذه المهمة في البطاقة، ومع هذا كله لم تتخذ الجهات المعنية في المحافظة بخطوات رادعة وحاسمة تجاه هذه الظاهرة المنتشرة في جوامع ومساجد المحافظة والتي يعلم عنها الجميع، مما تسببت في انتشارها بهذه السرعة المقلقة والمحيرة والغريبة، وترك المجال مفتوحا للعمالة الوافدة القيام بهذا الدور واغلبهم غير مؤهلين لهذه الوظائف، فكيف لأمة تسعى لنيل الاجر والثواب وتترك فعله لمن يبوب عنها، وهذا سلوك غير حضاري ويترتب عليه آثار غير محمودة، والشاهد من القول ان المسؤولية مشتركة بين الوزارة والمؤسسات المدنية في المحافظة من خلال عدم المطالبة الجدية بحسم هذا الموضوع من الوزارة الموقرة، والزائر والسائح والمقيم في محافظة ظفار يتساءل وهو في حالة ذهول اعن غياب أئمة المساجد في المحافظة.
ويظهر جليا ومن خلال التقصي حول هذه الظاهرة ان العامل الوافد هو المسؤول المباشر عن المسجد بعد تسلمه إدارة المسجد من الوكيل او الشخص الذي تكفل ببناء المسجد، ونادرا ما يسأل عن أوضاع ومتطلبات المساجد، ويبدو أن العامل له صلاحيات واسعة في إدارة المسجد فضلا عن كونه امام، حيث يقوم بكافة المهام المرتبطة به من ضمنها توظيف أشخاص آخرين اثناء غيابه، إلا أن الوكلاء والقائمين على المساجد قد نلتمس لهم نوعا من العذر لهذه الظاهرة فهم مضطرين لقبولها نظرا لعدم تحرك الوزارة في توفير أئمة للمساجد المزايدة بشكل واسع في المحافظة، حتى انه اذا غاب الامام عن الصلاة ينظر المصلين بعضهم بعضا وهم في حيرة من أمرهم عن من يؤم بالمصلين، الى ان يأتي شخص متطوع يقوم بهذه المهمة، وهكذا هي أحوال وأوضاع اغلب الجوامع والمساجد في محافظة ظفار.
لذا فإننا نهيب من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الموقرة التحرك سريعا في حسم موضوع ظاهرة غياب اغلب أئمة الجوامع والمساجد في محافظة ظفار والتي اتسعت بشكل واضح، ومتابعة التفتيش الدوري المستمر عن عملية تنظيم وإدارة الجوامع والمساجد والتحقق من الحضور الوظيفي للأئمة في المساجد وأداة الفروض الخمسة، كما نقترح من الوزارة فتح معاهد خاصة بتأهيل أئمة المساجد لتغطية نقص الأئمة، ويتم توظيفهم حتى ولو بأجر يومي ليتخرج منها أئمة مساجد قادرين على هذه المهام الفاضلة.