راشد البلوشي
قضيت سنوات في عالم الصحافة أجري وراء المسؤولين من خلال المؤتمرات واللقاءات والإجتماعات، في مناسبات رسمية وغير رسمية، أنقل التصريحات عبر صحفات الجريدة، وأستمع إليهم وهم يصدحون من خلف ناقل الصوت ومن أعلى المنصات في أغلى الفنادق أمام مئات من الحضور وأمام كاميرات التصوير.
لدرجة نضع بعض التصريحات على الصفحات الأولى من الجريدة وبالمنشت العريض كخبر حصري ننفرد به ونختار لهم الصور الحديث الجميلة للمسؤول، على أمل أن هذه التصريحات تترجم إلى واقع ملموس، أتذكر بأنني حصلت على خبر حصري من أحد المسؤولين مفاده “بأن فاعل خير يتبرع بـ”50″ مليون ريال لإنشاء مستشفى لطب الأطفال” هذا الخبر رفع رصيدي ومكانتي في الوسط الصحفي كان ذلك 25/1/2012 فتناقلته وسائل التواصل عبر المنتديات.
الجميع بدأ يتسأل عن فاعل خير؟ ومع علمي من هو فاعل خير إلا انني تحفظت به إحتراما لمصدري، ومضت عليه 13 عاما ولم يرى النور.
ما أردت قوله…
نحن اليوم في عالم يسير بخطى سريعة ومتغيرة، والتحديات الإقتصادية والإجتماعية والصحية تتزايد بشكل متسارع، أصبح من الضروري أن نبحث عن حلول فعلية ومباشرة للمشاكل التي نعاني منها.
وليس للتصريحات والوعود الأحتمالية، ، وما نشهده في العديد من الأحيان تصريحات من
المسؤولين حول مشاريع أو خطط، لا تثمرعن أي تغييرات ملموسة على الأرض.
تلك التصريحات تظل حبرًا على ورق، تنقضي مع مرور الوقت، تاركةً وراءها الإحباط والخذلان.
ومن المؤسف أن تصرح جهة حكومية حول مشروع أو خطة من دون أن يتم تبني إجراءات حقيقية لحلها. مثلا كتصريحات سابقة في مجال خدمات إقتصادية، أو إجتماعية، ومشاريع خدمية، أومعالجة مشكلات ملف التوظيف ، كلها قد تكون مرفقة بوعود كبيرة. لكن المشكلة تكمن في أن هذه الوعود لا تتبعها خطوات فعلية، مما يجعل المواطنين يشعرون بالإحباط ويفقدون الثقة في تصريحات المسؤولين.
قد نتسأل عن أسباب وراء عدم الإيمان بتلك التصريحات التي تُكرر بين الحين والآخر دون أي تعديل ملموس في الواقع، تعكس حالة من الجمود الحكومي.
فلا يمكننا أن نتوقع التغييرعندما نسمع نفس العبارات مرارا وتكرارا دون أن نرى نتائج على أرض الواقع. ، أيضا ما يتم تأجيل الحلول وبدء العمل في المشروعات الوطنية الكبرى، وكلما مر الوقت، تصبح تلك التصريحات أقل مصداقية. فالمواطنون يجدون أنفسهم يكررون نفس الأسئلة حول نفس القضايا، دون أن يحصلوا على إجابات حقيقية.
أيضا غياب الشفافية ففي بعض الأحيان، تتسم التصريحات بالغموض، حيث لا تقدم تفاصيل كافية حول كيفية تطبيق السياسات أو المشاريع الجديدة.
هذا الأمر يعزز الشكوك حول نوايا المسؤولين ويجعل الجمهور يتساءل إن كانت هناك إرادة حقيقية لتغيير الوضع.
من هنا على المسؤولين أن يدركوا أن التصريحات وحدها ليست كافية لخلق التغيير المطلوب. فالمواطنون لا يحتاجون إلى سماع المزيد من الوعود، بل إلى رؤية إجراءات حقيقية على أرض الواقع.
إن إستجابة المسؤولين لمشاكل المجتمع تتطلب التفاعل المباشر والفعلي مع الواقع، وهو أمر لا يتحقق إلا من خلال سياسات واضحة وشفافة،من المهم أن يدرك المسؤولون أن كل تصريح غير مصحوب بتغيير ملموس قد يؤدي إلى فقدان الثقة.
التغيير يجب أن يبدأ من خلال وضع خطط واضحة بتواريخ محددة وملزمة، ومتابعة تنفيذها بدقة، وإشراك المواطنين في عمليات التقييم والمراجعة.
لقد أصبحنا في مرحلة نحتاج فيها إلى أفعال أكثر من الأقوال، تصريحات المسؤولين التي لا تُثمرعن تغيير حقيقي، تعزز من حالة الإحباط العام وتزيد من المسافة المواطن والمسؤول.
إذا كنا نسعى لبناء مجتمع قوي، فإن المسؤولية تقع على عاتق المسؤولين لإظهار الأفعال التي تُترجم إلى واقع ملموس يُحسن حياة الناس.
لهذا لم نعد نسأل المسؤول !!!!!!!!!
حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان هيثم سلطان عمان