BBC العربية
صدر الصورة، Reuters
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الثلاثاء، إنه يرغب في “تصحيح الأمور” مع الرئيس الأمريكي، والعمل تحت “القيادة القوية” لدونالد ترامب لضمان تحقيق سلام دائم في أوكرانيا.
وفي أول تصريح له بعد قرار ترامب بتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، أعرب زيلينسكي عن أسفه للخلاف العلني مع ترامب الأسبوع الماضي، وتعهد بتوقيع اتفاقية مهمة للمعادن مع واشنطن.
كما دعا إلى “هدنة” في البحر والجو كخطوة أولى لإنهاء الحرب التي استمرت ثلاث سنوات.
وشهد التحالف بين كييف وواشنطن، الذي استمر منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، انهياراً درامياً بعد الخلاف الذي حدث في المكتب البيضاوي بين زيلينسكي وترامب الأسبوع الماضي، ووصلت الأزمة إلى ذروتها بتجميد أهم حليف لأوكرانيا المساعدات العسكرية الضرورية.
وقال زيلينسكي في منشور على منصة إكس: “أنا وفريقي على أتم الاستعداد للعمل تحت القيادة القوية للرئيس ترامب من أجل تحقيق سلام دائم”.
وأضاف: “اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض يوم الجمعة، لم يمض بالطريقة التي كان من المفترض أن يمضي بها. وحان وقت تصحيح الأمور”.
وأثار القرار المفاجئ لترامب، يوم الإثنين، بوقف المساعدات لأوكرانيا مخاوف متزايدة في كييف والعديد من الدول الأوروبية، حيث اعتُبر مؤشراً على تحوّل الولايات المتحدة بعيداً عن حلفائها وباتجاه روسيا.
كما أشادت موسكو بقرار ترامب، واعتبر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، القرار بمثابة “حل يمكن أن يدفع فعلياً النظام في كييف نحو عملية السلام”.
وفي ظل استبعاده وأوكرانيا من المحادثات الأمريكية الروسية بشأن هدنة محتملة، يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز دعمه لكييف.
وتزايدت الحاجة الملحة لهدنة بعد مواجهة ترامب وزيلينسكي الأسبوع الماضي، عندما حذّر ترامب نظيره الأوكراني بأنه “لن يبقى طويلاً” بدون اتفاق لوقف إطلاق النار.
وعرضت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يوم الثلاثاء، خطة الاتحاد الأوروبي لتخصيص نحو 800 مليار يورو من أجل تعزيز الدفاع الأوروبي.
وأوضحت أن هذا التمويل سيؤدي إلى “تعزيز كبير” للدعم المقدم لأوكرانيا، وسيمنحها “معدات عسكرية فورية”.
ومن المقرر أن يعقد الاتحاد الأوروبي يوم الخميس قمة طارئة تهدف إلى ترسيخ الدعم الأوروبي المشترك لأوكرانيا.
صدر الصورة، Reuters
وكان مسؤول في البيت الأبيض قد أعلن مساء الاثنين أن الرئيس ترامب أمر بتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، في أعقاب المشادّة العلنية التي وقعت بينه وبين نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي الجمعة وتابع وقائعها العالم أجمع.
وقال المسؤول طالباً عدم نشر اسمه “سنجمّد ونراجع مساعداتنا للتأكّد من أنها تساهم في التوصل إلى حل”، مشدداً على أن الولايات المتحدة بحاجة لالتزام شركائها أيضاً بتحقيق الهدف المتمثّل في إبرام اتفاق سلام بين موسكو وكييف، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأوضح أن قرار التجميد يطال مساعدات عسكرية أُقرّت في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وسبق لكييف أن تسلّمت جزءاً كبيراً منها بينما الجزء المتبقي لم تتسلمه بعد وهو يشمل عتاداً وأسلحة.
وقال مسؤول أمريكي آخر، أوردت كلامه قناة فوكس نيوز، إن هذا الإجراء “مؤقت”.
وفي وقت سابق من يوم الاثنين، اعتبر ترامب أن زيلينسكي “ينبغي أن يكون أكثر امتناناً” للولايات المتحدة، وذلك بعد خوضه مشادة كلامية معه الجمعة في البيت الأبيض.
وحذّر ترامب من أن الولايات المتحدة “لن تتسامح طويلاً” مع موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حيال إبرام وقف لإطلاق النار مع روسيا، بعد أن تلقّى دعماً من حلفائه الأوروبيين رافضاً وقفاً لإطلاق النار بدون ضمانات أمنية “جدية”.
ونشر ترامب عبر منصته الاجتماعية تروث سوشل، صورة لتقرير ينقل عن زيلينسكي قوله إن نهاية الحرب “لا تزال بعيدة للغاية”، وأرفقه بتعليق قال فيه “هذا أسوأ تصريح يمكن لزيلينسكي أن يدلي به، والولايات المتحدة لن تتسامح معه طويلاً”.
صدر الصورة، Reuters
من جهته، أعرب نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس، الاثنين، عن ثقته بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سينخرط “في نهاية المطاف” بالعملية السلمية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورفضتها كييف لخلوها من ضمانات أمنية.
في المقابل، حضّ الكرملين الاثنين على “إرغام” الرئيس الأوكراني على تحقيق السلام.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي “يجب على أحد ما أن يُرغم زيلينسكي على تغيير رأيه. فهو لا يريد السلام. يجب على أحد ما أن يُرغمه على الرغبة في تحقيق السلام”.
وقال زيلينسكي قبيل مغادرته المملكة المتحدة، بعد قمة لندن، إن “إرغام أوكرانيا على قبول وقف إطلاق النار من دون ضمانات أمنية جدية سيكون إخفاقاً للجميع”، مرجحاً أن تخرق روسيا الاتفاق، وأن ذلك سيدفع أوكرانيا إلى الرد.
كم من المال قدّمت الولايات المتحدة لأوكرانيا؟
وافق الكونجرس الأمريكي على أكثر من 180 مليار دولار كمساعدات إجمالية لأوكرانيا منذ غزو روسيا قبل ما يقرب من ثلاث سنوات.
بحسب معهد كيل للاقتصاد العالمي هو معهد أبحاث اقتصادي مستقل غير ربحي ومركز أبحاث مقره كيل، ألمانيا، فإن نسبة الدعم المالي الذي قدمته الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بلغ (42.7 في المئة)، بينما قدمت أوروبا نحو نصف المساعدات بنسبة (49.5 في المئة)، والباقي من دول أخرى.
كما أن هناك مساعدات مالية يتم تسليمها في الغالب من خلال صندوق ائتماني للبنك الدولي ومن خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي جرى خفضها بشكل حاد من قبل البيت الأبيض بقيادة ترامب.
جزء من هذه المساعدات يساعد أوكرانيا في دفع أجور المعلمين والأطباء لضمان استمرار عمل الحكومة. ومع ذلك، تم الإعلان عن توقف مؤقت في المساعدات العسكرية التي وافقت عليها إدارة بايدن، والتي شهدت بالفعل تباطؤاً في شحناتها منذ تولي ترامب منصبه.
لم يوافق ترامب على أي مساعدة جديدة لأوكرانيا باستخدام سلطته الرئاسية، ولا توجد مؤشرات على حزمة مساعدات جديدة من الكونغرس في المستقبل القريب.
“مواقف مشتركة”
صدر الصورة، Reuters
وكان زيلينسكي أفاد الاثنين بأنه يعمل مع حلفائه الأوروبيين على “مواقف مشتركة” لمحاولة إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأخذ مصالحهم في الاعتبار ضد روسيا.
وقال على تلغرام بعد قمة لندن الأحد مع حلفائه “سنحدد مواقفنا المشتركة: ما نريد تحقيقه وما هو غير قابل للتفاوض. ستُقدم هذه المواقف إلى شركائنا الأمريكيين”.
وشدد على أن الأولوية هي تحقيق “سلام قوي ودائم، واتفاق جيد بشأن نهاية الحرب”.
وعقب المشادة الكلامية الحادة بين الرئيسين دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي، عقد قادة دول حليفة لأوكرانيا قمة الأحد في لندن لإظهار دعمهم لكييف والتزام القيام بالمزيد من أجل الأمن في أوروبا وتعزيز الإنفاق الدفاعي، مع تمسّكهم بضرورة توافر دعم قوي من الولايات المتحدة.
وبدعوة من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أظهر 15 زعيماً أوروبياً، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، التزامهم دعم كييف وإعادة التسلح ضد روسيا.
وفي سياق ذي صلة، رد ترامب على تقارير تفيد بأنه يدرس وضع حد للمساعدات العسكرية التي تقدّمها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، وقال “لم أتحدث حتى عن هذا الأمر حتى الآن”، مضيفاً “سنرى ماذا سيحصل. هناك أمور كثيرة تحدث الآن في الوقت الذي نتحدث فيه”.