BBC العربية
صدر الصورة، Getty Images
أوقف دونالد ترامب خطة لمضاعفة التعريفات الجمركية على واردات الصلب والمعادن الكندية إلى 50 في المئة، وذلك بعد ساعات فقط من تهديده بفرضها.
ومع ذلك، لا تزال التعريفات بنسبة 25 في المئة قائمة، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 12 مارس/آذار.
ويأتي هذا القرار بعدما علّقت مقاطعة أونتاريو الكندية فرض رسوم جديدة بنسبة 25 في المئة على الكهرباء التي تصدّرها إلى بعض الولايات الشمالية في الولايات المتحدة، وذلك بعد ساعات من تهديد ترامب برفع التعريفات الجمركية بشكل حاد على الواردات الكندية.
وتُعتبر الخطوة أحدث مواجهة في حرب تجارية بين البلدين، والتي تهدد بإلحاق ضرر اقتصادي بالجارتين في أمريكا الشمالية.
وقال بيتر نافارو، مستشار التجارة للرئيس ترامب، في تصريح لشبكة سي إن بي سي إن “العقلاء انتصروا”، مؤكداً أن ترامب لن يمضي قدماً في تهديداته الأخيرة بزيادة التعريفات الجمركية.
تُعد كندا واحدة من أقرب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لكنها كانت هدفاً رئيسياً لغضب ترامب مع بدء معاركه التجارية في الأشهر الأولى من ولايته.
وفرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25 في المئة على البضائع القادمة من كندا والمكسيك، لكنه وقّع أوامر باستثناء مؤقت لعدد كبير من السلع، قائلاً إن هذه الخطوة جاءت استجابةً للتدفقات غير المشروعة للمخدرات والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وتواجه كندا أيضاً تعريفات بنسبة 25 في المئة على صادراتها من الصلب والألومنيوم، والتي ستدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء، بعد أن قرر ترامب إنهاء بعض الإعفاءات الجمركية التي كانت ممنوحة لبعض الدول.
ووصفت كندا هذه الإجراءات بأنها غير مبررة، وردّت بالإعلان عن تعريفات انتقامية تشمل رسوماً جديدة على منتجات أمريكية بقيمة 30 مليار دولار كندي (22 مليار دولار أمريكي).
من جانبه، أعلن دوغ فورد، رئيس وزراء أونتاريو، أنه سيفرض ضرائب على صادرات الكهرباء إلى الولايات المتحدة، في محاولة لإجبار واشنطن على التراجع عن التعريفات الجمركية.
وكان فورد قد صرّح سابقاً بأنه “لن يتردد في قطع الكهرباء تماماً” إذا قامت الولايات المتحدة بتصعيد الإجراءات ضد كندا.
وفي إعلانه عن تعليق الرسوم على صادرات الكهرباء، قال فورد إنه يعتقد أن هذه “الخطوة الصحيحة” لإعادة تركيز النقاش على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.
وأضاف: “في أي مفاوضات، تصل الأمور إلى مرحلة يكون فيها كلا الطرفين متوتراً، ويجب تهدئة الأجواء”، موجهاً الشكر إلى وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك على تواصله لعقد اجتماع.
وأضاف: “إنهم يفهمون مدى جديتنا في الأمر، وقد اتفقنا معاً على أن نتحلى بالعقلانية، ونجلس على الطاولة ونمضي قدماً”.
وكان ترامب قد نشر، صباح الثلاثاء، تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي هدد فيها بمضاعفة التعريفات على الصلب والألومنيوم الكنديين، قائلاً إنه يرد على تحركات فورد.
كما انتقد كندا لاعتمادها على الولايات المتحدة في “الحماية العسكرية”، وكرر رغبته في ضمها كولاية أمريكية رقم 51.
وأضاف أنه “إذا أصبحت كندا ولاية أمريكية، فسيتم إلغاء جميع التعريفات وكل القضايا التجارية الأخرى تماماً”.
من جهته، وصف البيت الأبيض ما حدث بأنه “انتصار”، قائلاً في بيان إن “ترامب استخدم مرة أخرى نفوذ الاقتصاد الأمريكي، الأكبر والأقوى في العالم، لتحقيق مكسب لصالح الشعب الأمريكي”.
والتعريفات هي ضرائب تُفرض على البضائع المستوردة من دول أخرى، وعادة ما تدفع الشركات المستوردة هذه الضرائب للحكومة عند إدخال البضائع إلى البلاد.
هبوط في مؤشرات الأسهم وسط اضطراب الأسواق العالمية
جاءت هذه التطورات في وقت تشهد فيه الأسواق المالية تقلبات حادة، حيث واصل مؤشر S&P 500، الذي يضم أكبر الشركات المدرجة في الولايات المتحدة، تراجعه يوم الثلاثاء بنسبة 0.7 في المئة، بعد انخفاضه 2.7 في المئة يوم الاثنين، وهو أكبر تراجع يومي له منذ ديسمبر/كانون الأول.
كما انخفض مؤشر FTSE 100 البريطاني، الذي سجل خسائر طفيفة في وقت سابق من يوم الثلاثاء، بشكل أكبر عقب تعليقات ترامب الأخيرة، ليغلق على تراجع بأكثر من 1 في المئة، فيما شهد مؤشرا Cac 40 الفرنسي وDax الألماني نمطاً مشابهاً من الهبوط.
صدر الصورة، EPA
بدأت موجة البيع في أسواق الأسهم يوم الاثنين بعد تصريح ترامب بأن الاقتصاد “في مرحلة انتقالية” عندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة تتجه نحو ركود اقتصادي.
ويشعر المستثمرون بالقلق من التداعيات الاقتصادية لسياسات ترامب التجارية، وسط مخاوف من أنها قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وخارجها، فيما يزيد الغموض الاقتصادي من حالة الركود والشلل في الأسواق.
“فترة مقلقة”
حتى قبل تعليقات ترامب يوم الثلاثاء، كانت التعريفات الجمركية التي فرضها تثير قلق الشركات الأمريكية.
يوم الاثنين، قال جيسون غولدستين، مؤسس إيكاروس بروينغ، وهي شركة صغيرة لصناعة البيرة في نيوجيرسي توظف 50 شخصاً، لبي بي سي إن إعلانات التعريفات السابقة دفعت مورّديه إلى إرسال عدد كبير من التحذيرات بشأن زيادات محتملة في الأسعار.
وأشار إلى أن المورّدين حذروا من ارتفاع وشيك في أسعار المواد الأساسية، بدءاً من الحبوب وصولاً إلى عبوات الألومنيوم.
ولتفادي تأثيرات هذه الزيادات، قام غولدستين بتخزين إمدادات إضافية من العلب تكفي لشهر إضافي، كما أوقف أي مشتريات جديدة بسبب حالة عدم اليقين والتغيرات السريعة في السوق.
وقال غولدستين: “إنها فترة مقلقة للغاية بالنسبة لنا”.
وأضاف: “لم يسبق لي في حياتي أن اضطررت لمتابعة الأخبار بهذا القدر، فقط لأتمكن من معرفة كيف سيكون شكل صناعتي غداً”.