راشد البلوشي
كاتب وصحفي
يذكرني العنوان إجادة بلا إنجاز بعنوان آخر نشرته في إحدى الصحف المحلية منذ سنوات مضت، يحمل عنوان (مدير بلا إدارة)، لا يدير ولا ينير، لا يهش ولا ينش، فقط مكتب مزود بهاتف مباشر ينهي فيه معاملاته الخاصة، ويتقاضى مخصصات المسمى الوظيفي مع المزايا والحوافز وعند كل ترقية مستحقة يحصل عليها بلا تعب ولا كلل.
دارت الأيام في المؤسسات الحكومية وتغير نظام الترقي والتحفيز والتكريم في كل المؤسسات.
فأصبح هناك تكريم للمتميزين والمجتهدين الذين يقدمون إسهامات حقيقية تسهم في نهضة بلادهم وتطوير مؤسساتهم. لكن في بعض الأحيان، نجد البعض يحصلون على جوائز الإشادة والتقدير رغم غياب أي إنجازات ملموسة في سجلهم المهني. فكيف يمكن لمثل هؤلاء أن ينالوا الإمتيازات بينما لا يتجاوز دورهم حدود حضور الفعاليات وإفتتاح المناسبات الرسمية.
فالإجادة تعني التميز في الأداء وتحقيق نتائج ملموسة تساهم في تطوير المجال الذي يعمل فيه الشخص. ولكن عندما تصبح التكريمات مجرد أوسمة تُوزع على أساس المجاملة مثلا، فإن ذلك يفقدها قيمتها ومعناها الحقيقي. هل يُعقل أن يكرَّم مسؤول لمجرد كونه على رأس منصبه دون أن يكون له أثر حقيقي؟
ففي الكثير من المؤسسات، نجد مسؤولين يتصدرون المشهد في كل مناسبة، يقصون الشرائط في الإفتتاحات، يلقون كلمات في الإحتفالات، ويرأسون اللجان دون أن يحققوا أي إضافة حقيقية. يصبح وجودهم أشبه بدورٍ بروتوكولي أكثر من كونه قياديًا، حيث تكون قراراتهم غائبة وتأثيرهم محدودًا، لكنهم رغم ذلك يحصلون على شهادات التقدير وأوسمة الامتياز.
فتظهر لهذه النتائج السلبية لهذه الظاهرة إحباط الكفاءات الحقيقية: عندما يرى الموظفون المتميزون أن الإجتهاد والعمل الجاد لا يضمن التقدير، بينما يحصل عليه من لا يعمل، فإن ذلك يقلل من حماسهم وعزيمتهم ويفقدهم الثقة في نظام التكريم والتقديرعندما تُمنح الإمتيازات بلا معايير واضحة، يتساءل الناس عن مدى مصداقية هذه الجوائز وأهميتها.
لكي يتم إصلاح هذا الخلل، ينبغي وضع معايير واضحة للتكريم، ويجب أن يكون هناك نظام شفاف لتقييم الإنجازات وفق معايير قابلة للقياس، وليس على أساس المنصب ، ربط التكريم بإنجازات حقيقية،تشجيع المحاسبة والشفافية.
ما أردنا قوله في هذا الجانب إن التكريم المستحق هو وسيلة لدعم وتشجيع الكفاءات الحقيقية، أما عندما يُمنح الامتياز لمن لا يقدم شيئًا، فإنه يصبح مجرد إجراء شكلي يُضعف قيمة العمل الجاد. وإذا استمرت هذه الظاهرة، فإن المؤسسات والمجتمعات ستعاني من تراجع في الكفاءة والإبداع، مما يجعلنا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في معايير التقدير والتكريم.
حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان هيثم