رويترز
reuters_tickers
من جيمس ماكنزي ونضال المغربي وألكسندر كورنويل
القاهرة/القدس (رويترز) – قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن ما يزيد على 400 شخص قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية على غزة يوم الثلاثاء مما ينذر بانهيار كامل لاتفاق وقف إطلاق النار المتماسك منذ شهرين مع توعد إسرائيل باستخدام المزيد من القوة لتحرير رهائنها الذين ما زالوا محتجزين في القطاع.
واتهمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار والإضرار بجهود الوسطاء الرامية إلى التوصل لتهدئة مستدامة في القطاع. ولا تزال حماس تحتجز 59 من إجمالي 250 رهينة بعد هجوم قادته على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أصدر تعليمات للجيش باتخاذ “إجراء قوي” ضد حماس في غزة ردا على رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن ومقترحات وقف إطلاق النار.
وذكر مكتب نتنياهو في بيان “ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعدا، لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة”.
ووصف الجيش الإسرائيلي الهجمات بأنها “هجوم استباقي” يهدف إلى إحباط قدرة حماس على شن هجمات ضد إسرائيل وإعادة بناء قدراتها العسكرية. وأضاف أنها استهدفت “قادة عسكريين من الرتب المتوسطة ومسؤولين قياديين وبنية تحتية إرهابية” تابعة لحماس.
واستهدفت الغارات الجوية منازل ومخيمات من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، وقصفت الدبابات الإسرائيلية عبر خط الحدود شرق وجنوب القطاع.
وقالت ربيحة جمال (65 عاما) وهي أم لخمسة أطفال من مدينة غزة “كانت ليلة زي جهنم.. متل أول أيام الحرب”.
وأضافت لرويترز عبر تطبيق للتراسل “كنا بنحضر ناكل وجبة السحور مشان نصوم وفجأة العمارات صارت تهتز والانفجارات تنسمع، كنا فاكرين الحرب خلصت بس شكلها رجعت من تاني”.
وتوعد نتنياهو بالقضاء على حماس. ولا تزال الحركة القوة المهيمنة في غزة رغم إضعاف قدراتها جراء القصف الإسرائيلي المتواصل والهجمات البرية.
وذكرت حماس أن من بين القتلى في الغارات الجوية على منازلهم عصام الدعليس رئيس متابعة العمل الحكومي، وهو بمثابة رئيس الوزراء في الحكومة التي تديرها حماس في غزة، وأحمد الحتة وكيل وزارة العدل ومحمود أبو وطفة وكيل وزارة الداخلية وبهجت أبو سلطان مدير عام جهاز الأمن الداخلي.
ودعت مصر، أحد الوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ يناير كانون الثاني، إلى ضبط النفس وطالبت “الأطراف بضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار”.
ويأتي تجدد الضغط الإسرائيلي المكثف على حماس في وقت يشتعل فيه التوتر في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث امتدت حرب غزة إلى لبنان واليمن والعراق.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إسرائيل فتحت ملاجئ في عدة مناطق بتل أبيب استعدادا لرد محتمل من حماس أو اليمن.
* أكوام من الجثث
منحت الغارات الجوية نتنياهو دعما سياسيا. وجاء في بيان أن وزير الأمن الوطني الإسرائيلي السابق إيتمار بن جفير، الذي ترك الحكومة بسبب خلافات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سيعود إلى الحكومة الائتلافية بعد استئناف إسرائيل غاراتها على القطاع، مما يعزز حكومة نتنياهو.
وهذه الهجمات أوسع نطاقا بكثير من سلسلة الغارات الجوية بالطائرات المسيرة التي قالت إسرائيل إنها نفذتها في الآونة الأخيرة على من يشتبه بأنهم مسلحون، وتأتي بعد فشل جهود مستمرة منذ أسابيع لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه في 19 يناير كانون الثاني.
وفي غزة، قال شهود تواصلت معهم رويترز إن دبابات إسرائيلية قصفت مناطق في رفح بجنوب القطاع. وجلس أطفال في حالة ذهول بجوار أمتعتهم، وهم على استعداد للفرار شمالا مرة أخرى بعد عودتهم إلى رفح مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي المستشفيات التي عانت من قصف على مدى 15 شهرا، تسنت مشاهدة أكوام من الجثث ملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء ملطخة بالدماء بينما استمر وصول مصابين. وقالت وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس في غزة إن 404 أشخاص قتلوا، وهو أكبر عدد وفيات في يوم واحد منذ اندلاع الحرب. وأضافت الوزارة أن من بينهم كثير من الأطفال، في حين بلغ عدد المصابين 562.
ومنعت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة منذ أكثر من أسبوعين، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن الضربات ستستمر ما دام ذلك ضروريا وستتجاوز نطاق الغارات الجوية، مما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية الإسرائيلية القتال.
ومع بدء إسرائيل عمليتها في غزة، واصلت قواتها عملية في الضفة الغربية المحتلة، والتي يقول الجيش إنها تستهدف فصائل مسلحة مدعومة من إيران في مخيمات اللاجئين القديمة.
وقصفت طائرات إسرائيلية أيضا أهدافا في جنوب لبنان وسوريا في الأيام القليلة الماضية، في إطار سعي الجيش الإسرائيلي إلى تعزيز المكاسب التي حققها خلال أشهر من القتال ضد جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران وخلال انهيار النظام السوري السابق.
* جمود الهدنة
كانت فرق تفاوض من إسرائيل وحماس في الدوحة حيث يسعى وسطاء من مصر وقطر إلى تقريب وجهات النظر بين الجانبين بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي شهدت تسليم الحركة الفلسطينية 33 من الرهائن الإسرائيليين وخمسة تايلانديين مقابل الإفراج عن نحو 2000 معتقل فلسطيني.
وضغطت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة من أجل إعادة باقي الرهائن المحتجزين مقابل تمديد وقف إطلاق النار لما بعد شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي في أبريل نيسان.
ومع ذلك، أصرت حماس على الانتقال إلى المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي.
وقال عبد اللطيف القانوع المتحدث باسم حماس يوم الثلاثاء لرويترز إن هناك اتصالات جارية مع الوسطاء، وإن الحركة حريصة على إتمام تنفيذ الاتفاق الأصلي لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن الوسطاء المصريين فوجئوا بالغارات الجوية، إذ كانت المفاوضات في اليوم السابق هادئة ولم يتم إخطارهم.
وأضافا أن الوسطاء يجرون الآن اتصالات مكثفة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار والعودة إلى المحادثات.
ويُعاني قطاع غزة حاليا من دمار واسع بعد حرب على مدى 15 شهرا اندلعت في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما شن آلاف المسلحين بقيادة حماس هجوما على بلدات إسرائيلية في محيط قطاع غزة. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة واقتيادهم إلى غزة.
أما الحملة الإسرائيلية التي أعقبت الهجوم، فتقول السلطات الصحية الفلسطينية إنها تسببت في مقتل أكثر من 48 ألف شخص وتدمير جزء كبير من المساكن والبنية التحتية في القطاع، بما في ذلك منظومة المستشفيات.
