عادل بن رمضان مستهيل
adel.ramadan@outlook.com
مع اقتراب أذان المغرب في شهر رمضان، تتحول بعض شوارع المدن إلى ساحات سباقٍ مُحمومة، تُزمجر فيها المحركات، وتتلاطم الأصوات بقلقٍ مُتسارع. وكأن دقات الساعة التي تفصل بين الجوع والشبع تحوِّل الطرقات إلى حلبةٍ للرعب، حيث يتحول بعض الصائمون (هداهم الله) إلى سائقي “فورمولا 1” هائجين، يتجاوز البعض الإشارات الحمراء بجرأة، ويلوذون بالمناورات الخطيرة، وكأنهم في سباقٍ مع الموت ذاته!
و أليس هذا الشهر الفضيل مدرسةً للصبر والروحانية؟ ألم يردنا النبي ﷺ إلى الحكمة بقوله: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»؟
فإذا كان ضبط النفس عند الغضب من علامات القوة، فكيف نُبرِّر اندفاع البعض كالبركان خلف عجلة القيادة، وكأننا نطارد لقمة الإفطار التي لن تهرب من صحوننا؟!
الحقيقة المُرة: الجوع لا يُبرر الجنون. ففي كل عام، تُزهق أرواحٌ بريئة، وتُراق دماءٌ تحت عجلات التهور، وتتحول لحظات الانتظار البسيطة إلى كابوسٍ أبدي. أين نحن من قول الله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»؟ هل تَهْلُكةٌ أعظم من أن تُضحي بحياتك وحياة غيرك لأجل صحنٍ من الطعام؟
تذكَّر أخي السائق: الطريق ليس ملكاً لأحد، والإشارة الحمراء ليست مجرد «اقتراح»، بل هي خط أحمر للحياة. و لا تنسَ أن المارة أطفالٌ قد يلهون، أو شيخ يعبر ببطء، أو أسرةٌ تنتظر لقاءً آمناً على مائدة الإفطار. فهل ستسرق منهم هذه اللحظة بتهورك؟
خُذ نفساً عميقاً…دقائقٌ قليلة لن تُغيِّر طعم الحساء، ولن تُبرد الشوربة، لكنها قد تُغيِّر مصيرك إلى الأبد. الوصول متأخراً إلى الإفطار خيرٌ من ألا تصل أبداً. رمضان شهرٌ تُرفع فيه الأكف بالدعاء، فاجعل وصولك إلى المنزل سالما وسط عائليتك مع أصواتهم وهم يصدحون بالدعاء قبل الإفطار، لا صرخةَ ألمٍ تتردد في أروقة المستشفيات.
وختاما .. الإفطار لن يطير من بين يديك، لكن الحياة قد تفعل… فتمهّل!