مسقط في 22 مارس
/ العُمانية/ يشهد كوكب زحل المعروف بحلقاته الشهيرة غدًا، ظاهرة فلكية نادرة، حيث
ستختفي تلك الحلقات ظاهريًا عند رصدها من الأرض، وأوضحت الجمعية العمانية للفلك
والفضاء في تقرير لها أن هذا الاختفاء ليس حقيقيًا بل هو تأثير بصري ناتج عن تغير
زاوية ميلان الكوكب أثناء دورانه حول الشمس ما يجعل الحلقات تبدو كخط رفيع أو
تختفي تمامًا عند النظر إليها من خلال التلسكوبات الأرضية.
وحول هذه
الظاهرة قالت شذى بنت عادل المزروعية عضو الجمعية العمانية للفلك والفضاء أن جميع
الكواكب العملاقة في النظام الشمسي تمتلك أنظمة حلقات إلا أن حلقات زحل تتميز عن
غيرها بضخامتها وكثافتها وسطوعها وتتكون من مليارات الجسيمات الجليدية التي تتفاوت
في الحجم بين الغبار والصخور الكبيرة، وتحافظ هذه الحلقات على موقعها حول زحل بفعل
توازن دقيق بين قوة الجاذبية التي تسحبها نحو الكوكب، والقوة الطاردة المركزية
التي تحاول دفعها للخارج ما يجعلها ثابتة في مدارها.
وأشارت إلى أن
حلقات زحل تمتد لمسافة تصل إلى 281000 كيلومتر إلا أنها رقيقة للغاية إذ يتراوح
سمكها بين 0.2 إلى 3 كيلومترات فقط، مما يجعلها غير مرئية تقريبًا عند النظر إليها
من زاوية حادة، وأن الاختفاء الظاهري للحلقات يحدث كل 13 إلى 15 عامًا عندما يصبح
ميلان زحل موازيًا لمستوى رؤية الأرض ما يجعل مشاهدة الحلقات من حافتها فقط.
وبيّنت
المزروعية أن هذا الحدث الفلكي رغم أهميته سيكون من الصعب رصده من الأرض، إذ
يتزامن توقيت اختفاء الحلقات مع اقتراب كوكب زحل من الشمس في السماء، حيث سيغرب
الكوكب قبل غروب الشمس بفارق زمني بسيط. وأكدت أن زحل سيغيب يوم 23 مارس في الساعة
5:34 مساءً، بتوقيت سلطنة عُمان بينما تغيب الشمس في الساعة 6:18 مساءً.
ووضحت أنه بالرغم
من صعوبة رصد الظاهرة في شهر مارس، إلا أن حلقات زحل ستبدأ بالظهور تدريجيًا بعد
ذلك، لكنها ستصل إلى أضيق حالاتها مرة أخرى في 23 نوفمبر 2025، حيث يتوقع أن تظهر
الحلقات كخط رفيع أو تختفي مجددًا. وبعد هذا التاريخ ستبدأ الحلقات بالاتساع
تدريجيًا حتى تصل إلى أقصى ميلان لها بحلول عام 2032م عندما يكون القطب الجنوبي
لزحل مائلًا بأكبر زاوية نحو الأرض، مما يجعل الحلقات في أوضح حالاتها.
وأضافت
المزروعية أن هذه الظاهرة الفلكية لا تقتصر أهميتها على الجانب البصري فقط، بل
توفر فرصة نادرة لرصد أقمار زحل الخافتة التي يصبح اكتشافها أسهل عندما تختفي
الحلقات نظرًا لانخفاض سطوع الكوكب نفسه، فقد استغل علماء الفلك هذا الحدث في
الماضي لاكتشاف عدة أقمار جديدة، أبرزها:إيابيتوس (Iapetus) وريا (Rhea)، اللذين رصدهما عالم الفلك الإيطالي جيوفاني
كاسيني بين عامي 1671 و1672، و ديون (Dione) وتيثيس (Tethys)، اللذين اكتشفهما كاسيني عام 1684، و ميماس (Mimas)، الذي رصده العالم
ويليام هيرشل عام 1789 خلال حدث مشابه، كما تم اكتشاف أقمار أخرى مثل هيبريون (Hyperion)، إبيميثيوس (Epimetheus)، جانوس (Janus)، كاليبسو (Calypso)، هيلين (Helene)، وتيليستو (Telesto) خلال فترات اختفاء الحلقات في العقود
الماضية.
وأشارت إلى أن
هذه الظاهرة لم تكن مفهومة في الماضي حيث كان العالم الإيطالي غاليليو غاليلي أول
من رصد حلقات زحل عام 1610 باستخدام تلسكوبه البدائي، لكنه لم يتمكن من التعرف على
طبيعتها، وظنّ أنها أقمار تدور حول الكوكب. وعندما اختفت هذه “الأقمار” من منظوره
عام 1612، أصيب بالحيرة، ولم يكن يدرك أنه كان يشاهد الاختفاء الظاهري للحلقات
بسبب تغير زاوية ميلان زحل.
وأضافت أن
الاختفاء الظاهري لحلقات زحل هو ظاهرة دورية مؤقتة لكنها ليست مؤشرًا على زوال
الحلقات نهائيًا. ومع ذلك، فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أن حلقات زحل قد تختفي
بشكل دائم في المستقبل، حيث يتوقع العلماء أن تختفي تمامًا خلال 100 إلى 300 مليون
سنة.
وأوضحت
المزروعية أن جزيئات الحلقات الجليدية تتساقط تدريجيًا على سطح زحل بسبب تأثير
مجاله المغناطيسي وجاذبيته في عملية تعرف باسم “المطر الحلقي” مما يؤدي إلى فقدان
المواد التي تشكل الحلقات ببطء. ورغم أن هذه العملية تستغرق ملايين السنين، إلا
أنها تعني أن زحل قد يصبح في يوم من الأيام كوكبًا عملاقًا بدون حلقات، مثل
المشتري.
/ العُمانية/
خميس الصلتي
Source link