تخيل مستقبلا تتقاطع فيه الحدود بين العالمين المادي والرقمي، عالمٌ تحضر فيه الصور ثلاثية الأبعاد اجتماعات العمل، وتتنقل فيه المركبات ذاتية القيادة في شوارع المدن مسترشدة بتوائم رقمية.
لن يُحدث نشر تكنولوجيا الجيل السادس للاتصالات اللاسلكية تقدما كبيرا في قدرات الاتصالات الخلوية والإنترنت الحالية فحسب، بل سيُعيد أيضا تعريف كيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا والعالم من حولنا، بحسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست.
في حين أن خليفة الجيل الخامس لا يزال قيد التطوير، يُجري المجتمع الدولي مفاوضات بشأن تحديد معايير تنظيمية تُمهّد الطريق لنشره تجاريا بحلول نهاية هذا العقد.
تركت الصين بصمتها، حيث وضعت 3 معايير تكنولوجية للجيل السادس في 2024 تحت رعاية الاتحاد الدولي للاتصالات. كما تضمنت أهداف التنمية الوطنية لهذا العام – التي صدرت في مارس – تنمية “صناعات مستقبلية” مثل تكنولوجيا الجيل السادس.
لا تشعر جميع الدول بالتفاؤل نفسه تجاه الجيل السادس. أشار تقرير صناعي نُشر في المجلة الصينية “ساينتيا سينيكا إنفورميشن” العام الماضي إلى “وجود اختلافات واضحة في مواقف مختلف الدول والمناطق تجاه تكنولوجيا الجيل السادس”.
وأشار التقرير إلى أن “المشغلين الأوروبيين والأمريكيين غير راغبين في تطوير تكنولوجيا الجيل السادس نظرا للتأخر النسبي في نشر الجيل الخامس”.
يشعر مشغلي الاتصالات في الدول التي قادت نشر الجيل الخامس – مثل الصين، التي تمتلك أكبر عدد من محطات الجيل الخامس في العالم، إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية – “أكثر تفاؤلا” تجاه الجيل السادس، وفقا للتقرير.
وفي الوقت نفسه، يتبنى مشغلون في دول مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا موقفا أكثر “تحفظا” بشأن أهدافهم التنموية. وذكر التقرير أن المشغلين في هذه الدول اقترحوا مؤشرات قدرة رئيسية أقل لتكنولوجيا الجيل السادس.
ما هو الجيل السادس وكيف يختلف عن الجيل الخامس؟
في حين ساعدت الأجيال السابقة من التكنولوجيات اللاسلكية، مثل الجيل الثاني والثالث على توسيع نطاق الاتصال عبر الصوت والنص، فقد انطلق عصر الجيل الخامس لربط الشبكات المعقدة وأنظمة الأتمتة.
منذ أن نشرت شركات الاتصالات تكنولوجيا الجيل الخامس في 2019، أتاحت لنا التواصل بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وعلى وجه الخصوص، أتاحت ابتكارات في الواقع الافتراضي والمعزز، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي.
يسعى الجيل القادم من تكنولوجيا الاتصالات إلى دمج العالمين البشري والرقمي للسماح بأنظمة أكثر ذكاء وابتكارا إلى جانب تكنولوجيات أخرى.
ما هي الاستخدامات المحتملة لتكنولوجيا الجيل السادس؟
في المقام الأول، سيُحسّن الجيل السادس بشكل كبير قدرات الجيل الخامس الحالية، باتصالات أكثر موثوقية وسرعة، ما يُحسّن تشغيل شبكات الكهرباء، والتطبيب عن بُعد، والملاحة، مع تعزيز كفاءة الطاقة.
كما يُمكن لهذه التكنولوجيا دعم تطبيقات أكثر تطورا تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ما يوسع استخدام أجهزة إنترنت الأشياء في المدن الذكية وأنظمة النقل الذكية، إضافة إلى مراقبة الصحة والزراعة.
سيتم نشر تكنولوجيات كانت مقتصرة سابقا على أفلام الخيال العلمي على نطاق أوسع، بما في ذلك الصور ثلاثية الأبعاد ونماذج التوائم الرقمية، وهي تمثيل افتراضي دقيق لجسم أو نظام يتم تحديثه آنيا.
يمكن نشر التوائم الرقمية على نطاق واسع في المصانع، لرسم خرائط للمدن لتوفير خدمات ملاحة أكثر دقة، بل ويمكن استخدامها أيضا لإنشاء توائم رقمية للبشر يُمكن تطبيقها في الطب.
كيف يتم تطوير الجيل السادس عالميا؟
في حين تعمل دول مختلفة على أبحاثها وتطويرها، سيتطلب نشر الجيل السادس توافقا عالميا بشأن المعايير واللوائح التشغيلية.
يسعى الاتحاد الدولي للاتصالات، التابع للأمم المتحدة، إلى وضع معايير الجيل السادس بحلول 2030، بحيث يمكن نشر هذه التكنولوجيا تجاريا بنهاية هذا العقد.
يضع الاتحاد الدولي للاتصالات المعايير الدولية للاتصالات، بما في ذلك خدمات الأقمار الصناعية والراديو والإنترنت. وتُجري دوائر البحث في قطاعي الصناعة والجامعات دراسات حول بنية الجيل السادس، وستقدم مقترحات إلى الاتحاد كجزء من هذه العملية.