/العمانية/
عمّان في 18 أكتوبر /العُمانية/ يعالج د. حسن الملخ في كتابه “الوحدة النحويّة في ضوء علم النصّ” مسألة جديدة في تحليل النصّ، منطلقًا من تخصّصه في النحو والإعراب؛ ليؤكد أنَّ الإعراب دليلٌ على وحدة نصٍّ بأكمله.
ويتخذ الملخ في كتابه الصادر عن دار عالم الكتب الحديث، من تعالق إعراب الآيات والسور في القرآن الكريم تحليلًا يبرهن نظريته في الوحدة النحويّة، فينظر إلى نصّ القرآن الكريم على أنَّه جملة واحدة طويلة متماسكة، تأخذُ كلماتُه بعضها في إثرِ بعضٍ من غير زيادةٍ أو نَقْصٍ أو حَذْفٍ أو تغييرٍ، بعدَ أن غَدَتْ جُملةً واحدةً طَويلةً بِطولِ النَّصِّ كُلِّه.
ويبدأ الملخ في أطروحته من بُعدين اثنين، أحدهما تراثي قديم يتمثّل في كتب إعراب القرآن الكريم قديمها وحديثها، وثانيهما لسانيّ حديث يتمثّل في علم النصّ في اللسانيّات الحديثة.
وبحسب المؤلف، يجمع بين هذين البعدَين أنَّ الوحدةَ النحويّةَ تعني أنَّ “النصّ الواحد الذي صَدَر عن مُبدِعِه بتصوُّر مُسبَّقٍ واحدٍ في نظمه وترتيب كلماته وأفكاره جُملةٌ واحدة طويلة، يجعل الانتقال بين أفكاره وجُمله استئنافًا مُتَّصلًا من غير انقطاعٍ نحويّ بدليل استمرار إعرابِ كلماته وتراكيبه على منوالِ الجملةِ الواحدةِ الطويلة الممتدّة حتى آخر كلمةٍ فيه من غير الوقوع في وَهْم أنَّ ما ليس له محلٌّ من الإعراب كالزائد على النصّ، وبتجاوزِ سوء فَهْمِ أنَّ تعدُّدَ الأفكار التي يطرحُها النصّ الواحد يجعلها نصوصًا، وليسَ نصًّا واحدًا”، فتعدُّدَ الأفكار كما يرى الملخ “بَسْطٌ للفكرة الكبيرة التي جاءَ النصُّ بأفكاره الجُزئيّة المتعدِّدة كلّها، وبِجُمله التي لها محلّ في الإعراب، أو ليس لها محلّ في الإعراب شرحًا لها وتوضيحًا”.
وجعل الملخ كتابه في ثلاثة أبواب متوازنة كبيرة، تضمّن الأوّل حديثًا نَظَريًّا عن الوَحْدة النَّحْويّة في ضَوءِ تَعالُق النّصّ، توقف فيه المؤلف عند مفهوم “الوَحدة النحويّة”، ومدى حُضوره في الموروث من علوم البيان العربيّ كالعروض، والنحو، والبلاغة، والنقد، والتفسير ولا سيما علم المناسبات، وفنّ الوقف والابتداء؛ وصولًا إلى علم النصّ في اللسانيّات الحديثة، والإجابة عن سؤال الكتاب (متى يكون النصُّ جملةً واحدة؟) بالحديث عن شروط الوحدة النحويّة في النصّ ومتطلباتها الإبداعيّة.
أمّا الباب الثاني؛ فقد جعله الملخ بعنوان: “الوَحْدة النَّحْويّة الإعرابيّة في القرآن الكريم: إطار إعرابِ المواقع المفردة”، وبيّن فيه أوجه الوحدة النحويّة بين الآية وما بعدها، فاختار شواهد كثيرة من القرآن الكريم تدل على أنَّ الآية التالية تكون تكملة نحويّة للآية السابقة بدليل ما قدمه من تحليل في ترابط الإعراب والعلاقة النحوية بين الكلمات.
وجاء الباب الثالث بعنوان: “الوَحْدة النّحويّة الإعرابيّة في القرآن الكريم: إطار إعراب المواقع المركَّبة”، وتحدّث فيه المؤلف عن علاقة آخر كلّ سورة بأول السورة التي بعدها من حيث النحو والإعراب في إثبات على تتابع النصّ في إبداعه ووحدته في لغته وإعرابه من غير انفصال.
ويفتح الملخ الذي أمضى أربعة أعوام في إنجاز عمله النحويّ النصيّ، مستثمرًا خبرته في النحو العربي ودراسته وتدريسه، وفي اللسانيات الحديثة ومنجزاتها، لمن بعده بابَ الإعراب عندما يغدو جزءًا من التحليل المتكامل للنصّ؛ لأنَّه يؤكّد في الكتاب كلّه أنَّ النحو ليس لضبط النص وحسب، بل لقراءة النصّ وتحليله، والوقوف على مقاصده ومعانيه.
ويتسم الكتاب بترابط مسائله وقضاياه، وباشتماله على تطبيقات كثيرة في النحو والإعراب تجعل منه كتابًا بحثيًّا بنكهة تعليميّة مفيدة في تقوية مهارة الإعراب في النحو العربيّ، والتدرّب عليها، مع معالجات جزئيّة لمسائل نحوية متخصصة، يظهر فيها الملخ نحويًّا معاصرًا وفيًّا للتراث، لكنَّه منفتح على الحداثة والمعاصرة.
/العُمانية/
عمر الخروصي