BBC العربية
تفر أعداد كبيرة من السكان من العاصمة السودانية الخرطوم مع استمرار القتال لليوم الخامس في وسط المدينة، خاصة في محيط القيادة العامة للقوات المسلحة ومطار الخرطوم.
وأصبح المدنيون المحاصرون في منازلهم يشعرون باليأس بشكل متزايد، عقب وقوع موجة جديدة من الانفجارات صباح الأربعاء.
وشوهد مقاتلون من قوات الدعم السريع شبه العسكرية وهم يتجولون في الشوارع في عربات مدرعة وشاحنات صغيرة، بينما أطلقت طائرات الجيش النفاثة صواريخ على أهداف قوات الدعم السريع.
وقال شهود عيان ان الشوارع المحيطة بوزارة الدفاع والمطار تناثرت فيها الجثث.
وتخطط السفارات الأجنبية والأمم المتحدة لعمليات إجلاء موظفيها.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 200 شخص تأكدت وفاتهم. وقد اجتاح مقاتلون مجمعات وكالات الإغاثة.
وأفادت تقارير بإيقاف قادة كينيا وجيبوتي وجنوب السودان مؤقتا محاولتهم للوصول إلى السودان من أجل التوسط بين الجنرالين المتنافسين الذين تقاتل قواتهم من أجل السيطرة على السلطة.
مساع للوساطة
وكان زعماء أفارقة إقليميون قالوا إنهم سيحاولون السفر إلى السودان اليوم للتوسط في إنهاء القتال بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع.
وقُتل في المعارك حتى الآن نحو 200 مدني على الأقل.
ويأمل الاتحاد الأفريقي في التوصل إلى فترة توقف للقتال تسمح لقادة جيبوتي وكينيا وجنوب السودان بالوصول بأمان.
ولم يتحقق وقف لإطلاق النار لمدة 24 ساعة اتفق عليه أمس الثلاثاء. ودوت أصوات إطلاق نار كثيف وانفجارات في العاصمة الخرطوم.
وباءت حتى الآن جهود الوساطة الدولية بالفشل. ويخشى القادة الأفارقة من تدهور الأوضاع وتحولها إلى حرب أهلية في السودان.
وأعلنت اليابان وعدد من الدول المجاورة للسودان أنهم يستعدون لإجلاء مواطنيهم.
استيقظت العاصمة السودانية الخرطوم على إطلاق نار كثيف الأربعاء، على الرغم من هدنة استمرت 24 ساعة اتفق عليها في اليوم السابق تحت ضغط أمريكي لوقف القتال الذي تسبب في أزمة إنسانية.
وترددت أصداء إطلاق النار في صور بثتها وسائل إعلام عربية من الخرطوم صباح الأربعاء، وسمع دوي أعيرة نارية بعد دقائق من الموعد المتفق عليه، وهو السادسة مساء الثلاثاء، بحسب توقيت غرينتش، لبدء وقف إطلاق النار.
وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية المنافسة الاتهامات بعدم احترام وقف إطلاق النار. وقالت القيادة العليا للجيش إنها ستواصل عملياتها لتأمين العاصمة ومناطق أخرى.
وتسبب القتال في اندلاع ما وصفته الأمم المتحدة بأنه كارثة إنسانية، من نذرها الانهيار الوشيك للنظام الصحي.
وعلق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عملياته بعد مقتل ثلاثة من موظفيه جراء القتال الدائر.
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، وهو من المنظمات التي كانت تقدم المساعدة للسودان، لبي بي سي إن الوضع الإنساني هناك مريع وإن مساعدة الناس أصبحت مستحيلة.
وأضاف جان إيغلاند: “كان هناك قبل ذلك 15.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الإغاثة الإنسانية. وكان هذا هو أفضل تقدير لدينا لأسوأ وضع يمر به السودان خلال عقد من الزمان، وعقب اندلاع القتال، أصيبت جهود المساعدة بالشلل تقريبا”.
وقال: “لا يمكنك العمل عندما يكون هناك قتال في كل مكان، وعندما تكون القيادة على الطرق غير آمنة، وعندما يكون المطار مغلقا”.
وقال جان إيغلاند إن بعض زملائه قتلوا، وإن “العديد من منشآت المجلس النرويجي نهبت، وتعرض موظفو المنظمات الإنسانية إلى تهديد السلاح. وتعرض بعض الزملاء للإيذاء الجنسي”.
وتنفي قوات الدعم السريع السودانية ادعاءات النهب وتلقي باللوم على ميليشيات تعود إلى عهد البشير.
كما نفت قوات الدعم السريع أن يكون أفرادها ارتكبوا جرائم خلال القتال المستمر مع الجيش، من بينها ما قيل عن نهب المنازل في الخرطوم ومناطق أخرى واقتحامها.
واتهمت قوات الدعم السريع في منشور على صفحتها على فيسبوك في 19 أبريل/نيسان ما سمته الميليشيات التابعة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير بارتداء زيها الرسمي والقيام بأعمال نهب من أجل تشويه سمعتها.
وكان الجيش السوداني قد اتهم مرارا قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال نهب واقتحام مستشفيات وإحراق سوق في بحري شمال الخرطوم.
واتُهمت القوات شبه العسكرية باستخدام المدنيين دروعا بشرية.
قصف للمستشفيات
وقالت نقابة أطباء سودانيين إن 39 مستشفى من بين 59 مستشفى في العاصمة الخرطوم والولايات المجاورة أصبحت “خارج الخدمة” لأن القتال بين القوات المسلحة المتناحرة الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان قلص المساعدات الإنسانية.
وقالت اللجنة المركزية لأطباء السودان في بيان على فيسبوك الأربعاء إن 20 مستشفى فقط يعمل بشكل كامل أو جزئي.
وأضافت اللجنة: “من بين المستشفيات التي توقفت عن العمل، هناك تسعة مستشفيات تعرضت للقصف و16 مستشفى تعرض للإخلاء القسري”.
اتهامات بالتدخل الخارجي
واتهمت القوات المسلحة السودانية “أطرافا إقليمية ومحلية” لم تسمها بدعم قوات الدعم السريع شبه العسكرية في معركتها مع الجيش، بحسب ما أفادت به وكالة أنباء السودان الرسمية (سونا) الثلاثاء.
وذكرت الوكالة أن “المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة أكد أن هناك معلومات دقيقة عن فصول المؤامرة ومؤشرات قوية على ضلوع أطراف إقليمية ومحلية، وهو ما سيكشف عنه في الوقت المناسب”.
وقالت القوات المسلحة السودانية أيضا إن القوات شبه العسكرية واصلت الاشتباك مع الجيش في العاصمة الخرطوم وحملت قوات الدعم السريع مسؤولية “حرق سوق الخرطوم بحري”.
وأضاف الجيش “استمروا في مضايقة وترهيب المواطنين في مختلف المناطق داخل العاصمة وخارجها”.
سحب مواطنين أجانب
أعلنت الحكومة اليابانية الأربعاء أنها تستعد لإجلاء مواطنيها من السودان لتصبح بذلك أول دولة أجنبية تسحب مواطنين من السودان.
وقال المتحدث باسم الحكومة، هيروكازو ماتسونو، إن نحو 60 يابانيا موجودون في السودان، من بينهم موظفو السفارة.
وصرح في مؤتمر صحفي طارئ أن وزارة الدفاع بدأت “الاستعدادات الضرورية” لعمليات الإجلاء.
وقال ماتسونو “مع تدهور الوضع الأمني هناك تبذل الحكومة قصارى جهدها لتأمين سلامة المغتربين اليابانيين”.