BBC العربية
نتناول في عرض الصحف اليوم عدة مقالات تركز على الوضع في الشرق الأوسط، من بينها المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، ومقال آخر عن دستورية المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بقيادة رئيس مجلس النواب اللبناني، وآخيرا انتقاد البابا فرنسيس لإسرائيل ودعوته لتحقيق دولي بشأن إمكانية وقوع “إبادة جماعية” في غزة.
نبدأ جولتنا بصحيفة يدعوت أحرونوت ومقال رأي كتبه رون بين-يشاي بعنوان “بفضل قوته على الأرض، الجيش الإسرائيلي يسعى إلى وقف إطلاق النار بشروطه”، ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الحرب متعددة الجبهات، التي تدخل الآن عامها الثاني، تتراجع تدريجيا.
وعلى الرغم من ذلك، حسب الكاتب، لا يزال وضع التهدئة في لبنان بطيئا بسبب المفاوضات الدبلوماسية المتوقفة، الأمر الذي يستلزم استمرار العمليات العسكرية التي تؤدي إلى سقوط ضحايا.
ويضيف الكاتب أن الجيش الإسرائيلي يسعى حاليا، في لبنان، إلى تحقيق أهداف عسكرية رئيسية، الهدف الأول هو ممارسة الضغط العسكري للدفع باتفاقية مماثلة لقرار الأمم المتحدة رقم 1701، وهي نسخة من القرار تسمح للجيش الإسرائيلي بفرض شروطه إذا لم يقم الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بتنفيذ أدوارهما.
ويرى الكاتب أن حزب الله، ممثلا برئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، يشن حرب استنزاف على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، في مسعى لمنع الحكومة اللبنانية من تقديم تنازلات لإسرائيل وتهدئة موقفها، خصوصا فيما يتعلق بفرض منطقة عازلة منزوعة السلاح على طول الحدود وفي مختلف أنحاء جنوب لبنان حتى نهر الليطاني.
ويلفت كاتب المقال إلى أنه رغم تدمير 80 في المئة من ترسانة حزب الله من الصواريخ والقذائف، فإن قدراته المتبقية لا تزال كافية لتهديد الإسرائيليين يوميا، وهو تكتيك ينظر إليه حزب الله كوسيلة لاستنزاف إسرائيل ودفعها إلى تخفيف مطالبها في المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بقيادة آموس هوكستين.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من إدراك حزب الله من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية والتصريحات السياسية أن الجيش الإسرائيلي لا يعتزم التقدم إلى الخط الثاني من القرى، إلا أنه حصّن هذه المناطق، وراقب تكتيكات الجيش ووضع خلايا مقاومة داخل منازل القرى التي دخلها لواء جولاني يوم الأربعاء.
ويعتقد الكاتب أنه نتيجة لذلك اندلعت معركة عنيفة في مجموعة من المباني التي اتخذها مقاتلو حزب الله مراكز مراقبة، مما أسفر عن اشتباكات استمرت لساعات، قُتل فيها ستة جنود من الكتيبة 51 وجُرح العديد.
كما يلفت الكاتب إلى أن جزءا كبيرا من جهود الجيش الإسرائيلي تركز حاليا على مواجهة تكتيكات حزب الله من خلال شن غارات جوية مكثفة ومتكررة على معاقل حزب الله، كما يركز الجيش الإسرائيلي على العمليات البرية واستهداف منصات إطلاق الصواريخ، وخاصة تلك المخصصة للصواريخ قصيرة المدى، والتي أصبحت الآن السلاح الأساسي المتبقي لحزب الله.
وينتقل الكاتب إلى الهدف الثاني من العمليات العسكرية في لبنان مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إعداد الأرض في لبنان لـ “اليوم التالي”، عندما يمنع الجيش اللبناني واليونيفيل، حسب المتوقع، الوجود المسلح لحزب الله جنوب وغرب نهر الليطاني.
كما تحدث الكاتب عن زيارته لبلدة كفر كلا اللبنانية، ويقول إن القوات الإسرائيلية تبحث هناك عن الأنفاق المؤدية إلى مخابئ الأسلحة وتكشفها، ويضيف أن الجيش يهدم كل مبنى يوجد منه خط رؤية واضح للقناصة والمراقبين، مشيرا إلى أن العديد من هذه المنازل، كانت بمثابة مواقع متقدمة لقوة وحدة الرضوان التابعة لحزب الله.
ويختتم الكاتب رون بين-يشاي مقاله بالإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي الآن يفكك هذه المباني والمواقع المحصّنة لإرسال رسالة إلى أصحاب الممتلكات وسكان القرية الآخرين بأن تأجير منازلهم لحزب الله لن يكون أمرا يستحق المخاطرة في المستقبل.
“مفاوضات غير دستورية”
ننتقل إلى صحيفة النهار اللبنانية ومقال رأي كتبه العميد الركن المتقاعد مارون خريش، بعنوان “مفاوضات لا أصول دستورية لها” والذي يطرح من خلاله عدة أسئلة أبرزها: هل رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، هو المرجع الصالح للتفاوض على مصير لبنان؟ ومن هي الجهة الصالحة لإدارة المفاوضات في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية؟ وفي أي إطار يجب أن تكون هذه المفاوضات؟ وما هي السلطة الصالحة التي يجب أن يصدر عنها أي اتفاق؟ ومن هم أطراف هذا الاتفاق؟ وما هو الإطار العام المحدّد لهذا الاتفاق؟
ويسعى الكاتب إلى مناقشة الموضوع، حسبما يقول، من خلال باب الدستور وتقنيات التفاوض وأصولها، وليس من باب المبايعة، ويتحدث بداية عن من هي السلطة المخوّلة دستورياً بالتفاوض وعقد المعاهدات؟ ويجيب أنه بموجب المادة 49 من الدستور التي تنص على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، إذا لديه صلاحية مهمّة تعطيه القدرة على القيادة والتفاوض والتحكيم وتوحيد الكلمة الوطنية. ولذلك وُصِفَ في مقدّمة هذه المادة برمز وحدة الوطن وضمان استمرار المؤسسات الدستورية.
ويضيف الكاتب أن المادة 52 تنص على تولّي رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلّا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتُطلع الحكومة مجلسَ النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. إذا، الصلاحية لرئيس الجمهورية مع ترك إبرام المعاهدات لمجلس الوزراء ومع الحق بحجبها عن مجلس النواب.
وعن الجهة الصالحة لإدارة المفاوضات في ظل فراغ منصب رئيس الجمهورية، يقول الكاتب إن الدستور ينص على انتقال صلاحيات الرئيس في حال فراغ سدّة الرئاسة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، لكنه لم ينصّ على آلية للتنفيذ.
ويطرح الكاتب تساؤلا هل يصبح مجلس الوزراء رمزا لوحدة الوطن بموجب انتقال الصلاحية، وهو المبني على كل التناقضات؟ وهل يستطيع مجتمعاً أن يدير المفاوضات؟ وهل يجوز له تفويض ما فوّض إليه؟ وما هي آلية هذا التفويض؟ أبقرار منه؟ أم بمرسوم؟ أم بالمبايعة الرسمية؟ أم بالمبايعة غير الدستورية وغير القانونية المفروضة من قِبل مَن يهيمنون على الدولة؟
ويسأل الكاتب عن سبب اختيار رئيس المجلس النيابي الذي لا يحق له حتى الاطلاع بموجب الدستور على المعاهدات في معظم الأحيان؟ وهل يكفي أن يتّصف المفاوض بالوطنية لكي يُكلّف بالمفاوضات؟ وهل تكفي ثقة “حزب الله” فيه لكي يكون هو المفاوض الوحيد ومن دون أي مستند تكليف قانوني أو دستوري؟
كما يتحدث الكاتب عن أطراف هذا الاتفاق، وما هي طبيعة المفاوضات؟ ويقول إن أطراف النزاع، لبنان والكيان الإسرائيلي، والمتدخّلون بالصراع أميركا وإيران وبعض الدول الأوروبية، والوسطاء المحايدون وغير المحايدين الذين يلعبون أدواراً مزدوجة، مما يجعل المفاوضات مسألة معقّدة تستوجب تكليف فريق تقني عسكري ودبلوماسي وقانوني وقضائي، بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
ويختتم الكاتب مقاله بالحديث عن الإطار العام لأي اتفاقية، ويقول إن إطار هذه المفاوضات هو، الدستور اللبناني الذي ينصّ على السيادة اللبنانية وعدم جواز التخلّي عن أي جزء من أرض الوطن، والمواثيق والاتفاقيات الدولية كميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف ولاهاي واتفاقية الهدنة لعام 1949 بين لبنان وإسرائيل، وقرارات الأمم المتحدة، ولاسيما القرار 1701، بالإضافة إلى رفض التدخّل من قِبل أي دولة إلّا تحت إشراف الأمم المتحدة، وعدم إعطاء العدو الإسرائيلي أي حق بالمراقبة في الأجواء والمياه الإقليمية أو على الأراضي اللبنانية.
“البابا وإسرائيل”
نختتم جولتنا بصحيفة وول ستريت جورنال ومقال لهيئة التحرير بعنوان “البابا فرنسيس ينتقد إسرائيل”، ويبرز المقال مقتطفا من كتاب جديد للبابا يصدر قريبا بعنوان “الأمل لا يخيب أبدا”، وفيه يقترح البابا إجراء “تحقيق دقيق” من جانب خبراء دوليين لمعرفة إذا كانت ما تقوم به إسرائيل في غزة يفي “بالتعريف الفني” لمعنى “الإبادة الجماعية”.
ويقول المقال إن ما يهم هنا ليس احتمال التوصل إلى نتيجة حتمية من قبل هيئة دولية محترمة، لكن بهذه الدعوة، اتخذ البابا جانبا في الحرب بين حماس وإسرائيل، وأصبحت العناوين الرئيسية تتضمن “البابا” و”إسرائيل” و”الإبادة الجماعية”، وجميعها بمثابة انتصار للقوى المعادية لإسرائيل.
ويضيف المقال أنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية في قضية رفعتها أمام محكمة العدل الدولية، وفي يناير/كانون الثاني، أمرت المحكمة إسرائيل بعدم ارتكاب أعمال إبادة جماعية، وهو ما لم ترتكبه – وفقا للمقال – بموجب أي تعريف معقول لقوانين الحرب، كما لم تحكم المحكمة بعد على ما إذا كانت الإبادة الجماعية قد وقعت في غزة.
ويرى المقال أن ثمة شيئا مقلقا في اتهام البابا لليهود، بارتكاب الإبادة الجماعية، وأنهم (الإسرائيليون) يقاتلون من أجل البقاء على عدة جبهات ضد ما وصفهم المقال بـ “أعداء يهدفون إلى تدميرهم”، لا سيما بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد المدنيين الإسرائيليين والتي بدأت الحرب.
وينتقل المقال إلى الحديث عن كون التاريخ البابوي المعقد مع النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية لابد وأن يعطي الفاتيكان سببا لتوخي الحذر في الإدلاء بتصريحات مناهضة لإسرائيل.
ويختتم المقال بالإشارة إلى أن البابا فرنسيس لم يحرك غزة نحو السلام باستخدامه لكلمة “إبادة جماعية”، بل كل ما فعله هو تقديم المساعدة والراحة لأعداء اليهود وكل المجتمع المتحضر.